بعد مناورات أميركية استمرت حوالي الأربع سنوات بالتظاهر بالوقوف إلى جانب الثورة السورية بينما في الحقيقة تقف ضدها وبقوة من خلال فرض فيتو بمنع وصول أي سلاح نوعي للثوار،وهو ما يوازي الفيتو الروسي في مجلس الأمن الدولي من أي قرار يضر بحليفهم أسد. ما كان يدور في الخفاء وتحت الطاولة لم يقدر الأميركيون على إخفائه فأعلن رئيسهم باراك أوباما من أن سقوط بشار الأسد ما هو إلا "خيال سياسي" وأنه لا توجد معارضة معتدلة يمكن التعامل معها،وهو الذي كان يتحدث عن المعارضة المعتدلة ويستقبل رئيس الائتلاف وووو.
ما تستبطنه هذه التصريحات هو أن أمريكا كانت مرتاحة بالتعامل مع نظام الأسد طوال هذه السنين ما دام قادراً على اختزال الشعب السوري كله بشخص واحد يقمعه ويبيعه ويشتريه في ساحات السياسة الدولية.
لا يهم الأميركيون القتل ولا يهمهم الدماء ولا يهمهم الدمار ..كل ما يهمهم تفكيك المفكك، وكيف لا تقف أميركا مع جيش طائفي سوري يقاتل بالأسنان والأظافر على مدى أربع سنوات شعبه،وهل ستجد أفضل منه كلب صيد يقتل شعبه ويقاوم كل من يفكر بالتحرر من الاحتلالين الداخلي والخارجي.
الثورة التي اكملت عامها الرابع كانت سلمية وفي أرقى ما تجلت به الثورات، خرج الملايين إلى الشوارع بعد استبداد عائلة طائفية دام أربعة عقود يهتفون للحرية، وصبر السوريون على القتل والدمار والخراب على أيدي العصابة الأسدية لستة أشهر اعترف بذلك رأس النظام، وقادت الشارع تنسيقيات الثورة ثم جيشه الحر فالمجلس الوطني والائتلاف، واعترف بالأخير العالم كله، ولكن سريعاً ما نكص العالم على عقبيه ليدع الشعب السوري كلها نهباً لطائفيين داخليين وخارجيين والسخرية أنهم يتباكون على انهيار سايكس بيكو، وهم الذين تسامحوا منذ اليوم الأول لوصول قطعان الحرس الثوري الإيراني والمليشيات الطائفية العراقية واللبنانية والأفغانية وغيرها.
أميركا التي قامت على مبادئ ويلسن ليس هي أميركا اليوم ولم تكن يوماً كذلك، بعد أن وقفت مع الاستبداد في مصر ضد رئيس شرعي منتخب من المصريين، وهي التي وقفت مع الاستبداد العراقي المالكي، ومع النظام السوري المجرم من خلال تهديد أي دولة تفكر بإرسال أسلحة نوعية للثوار ليقفوا آلة الدمار والخراب والقتل،هي نفسها أميركا التي لحست كل تهديداتها وكل خطوطها الحمر.
الشعب السوري قطع منذ اليوم الأول خطوطه مع العالم الأرضي ورفع شعاره"ما لنا غيرك يا ألله" بقي أن نقول إن ما يجري في الشام هو زلزال عالمي سيقلب الأجندات العالمية كلها رأساً على عقب، وهو التفسير الوحيد لإطلاق يد عصابات طائفية عالمية لإبادة السوريين بكل ما تعني هذه الكلمة، ولكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.