جوائز الدولة، ذلك الحدث الهام الذي ينتظره مبدعو مصر سرعان ما يتحول إلى الجرح العميق الذي يؤلم المثقفين في مثل هذا الوقت من كل عام، فبعد إعلان النتائج لا يستقر للمثقفين والأدباء على قرار خاصة أولئك الذين تقدموا لنيل تلك الجوائز على اختلافها ، خاصة بعد أن يتبين لهم من وجهة نظرهم أن هناك من كان يستحق تلك الجوائز غير الذين حصلوا عليها .. لم تكن اللحظات الأولى لإعلان الجوائز تنذر بالخير للجميع خصوصا بعدما فوجئ أعضاء لجنة الجوائز بتقديم د. سعيد توفيق استقالته المسببة والتي أكد في أول سطورها أنه لا يستطيع العمل تحت إمرة وزير الثقافة الجديد الناقد د. جابر عصفور. كما فجّر توفيق خلال استقالته أن كثيرا ممن فازوا بالجوائز هذا العام لم يكونوا ضمن المرشحين أو ما يسمى بالقائمة القصيرة والتي قام الأول بتنحيتها جانبا واختيار أسماء غير مرشحة بالأساس وهو ما يعدُّ مخالفا للقانون المعمول به في الجائزة. وأكد أحد أعضاء لجان اختيار الفائزين ورفض ذكر اسمه أنه وزملاءه من أعضاء اللجنة، فوجئوا بعدم فوز أيّ اسم من أسماء المرشحين لنيل الجوائز المختلفة التي ظلوا يعملون عليها لمدة عام كامل من الفرز والفحص والدراسة لكل شخصية مرشحة وقيمتها الأدبية والعلمية. وبالفعل مثلما أكد توفيق في تصريحات صحفية سابقة لعدد من وسائل الإعلام أن الأيام القادمة ستشهد عددًا من القضايا التي سيرفعها أصحاب الجوائز الأصليّين، حيث إن الوزير لم يعلن إسقاط اللائحة، وبذلك يكون ما حدث اختراق للائحة وإسقاط للقانون فقد بدأت تلك الدعاوى بتلك الدعوي التي أقامها مؤخرا الأديب فاروق عبد الله، المحامي بالنقض، ضد د. جابر عصفور وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الأعلى للثقافة، طعنا علي نتائج منح جوائز الدولة في الآداب، تمت إحالتها من الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الإداري إلي الدائرة الثالثة ، بناء علي طلبه للسبب الذي ذكره بالطلب ( تحقيقا للحيادية في التقاضي ). من جانبه، قال الكاتب المسرحي سليم كتشنر، والذي كان مرشحًا لنيل جائزة التفوق في الفنون ولم يتحصّل عليها "المشكلة ليست وليدة هذه الدورة وإنما تكمن في نظام التصويت المعمول به في منح هذه الجوائز حيث يتحكم فيها موظفو وزارة الثقافة، فاللجنة تتكون من رؤساء الهيئات والمراكز وبالتالي يكون ولاؤهم للوزير وما يشير إليه من أسماء يرغب النظام في مكافأتها". ويضيف كتشنر: "لقد وصل الأمر إلى ما هو أكثر سوء من هذا حيث أن بعض أعضاء اللجنة لا يعرفون المبدعين المرشحين لنيْل تلك الجوائز كما أنه من العبث أن يعرف هؤلاء أسماء المبدعين في التخصصات المختلفة! لذا يجب أن يكون المسئول عن منح كل فرع من الفروع أهله المتخصصون فيه، فالمتخصصون في الآثار يجب أن يصوّتوا للمرشح في جائزة الآثار، ..إلخ ويلفت كتشنر إلى إشكالية كبرى أخرى في جوائز الدولة وهى خاصة بأعمار الممنوحة لهم الجوائز.. فكيف يتنافس من هم فوق الستين على جوائز الدولة جميعا من تشجيعية وتفوق والتقديرية والنيل فعلى سبيل المثال ترشح كل من الفنان التشكيلي عز الدين نجيب والشاعر سمير عبد الباقي لجائزتين مختلفتين وحصل عليها حيث حصل الأول على التفوق وحصل الثاني على التقديرية على الرغم م أنهما في عمر واحد! وتساءل: أين نصيب من هم دون هذه الأعمار مؤكدا ضرورة تحديد أعمار كل فئة للمتقدمين لكافة الجوائز فما يحدث من خلط شاذ وغير منطقي. ومن المتوقع أن تشهد المحاكم المصرية عددا كبيرا من الدعاوى ضد وزير الثقافة بسبب الإخلال الواضح والمباشر في لائحتها واختراق قوانينها المعروفة.