وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها في 21 يونيو أن أوباما أيد ضمنا دعوات تغيير رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي عندما قال إن أي قائد عراقي يجب أن يكون موحدا للقوى السياسية. وأضافت الصحيفة أن أي بديل للمالكي يجب أن يقنع السنة والأكراد بأنه قادر على الحفاظ على وحدة العراق, وفي نفس الوقت سحق "التمرد المسلح" الذي تطور إلى أزمة تهدد بتقسيم العراق. وتابعت أن الشيء الوحيد الذي يقترب من تحقيق إجماع القوى السياسية العراقية عليه هو ضرورة تنحي المالكي, وأوردت تصريحات عديدة من سياسيين محسوبين على السنة والشيعة والأكراد لتأكيد هذه النقطة. وأشارت الصحيفة إلى أبرز الأسماء الشيعية المتداولة "أمريكيا" لخلافة المالكي, وهم نائب الرئيس السابق عادل عبد المهدي, وأحمد الجلبي" زعيم المؤتمر الوطني العراقي", الذي أقنع إدارة جورج بوش الابن بشن حرب على بلاده, بالإضافة إلى بيان جبر صولاغ, وقالت الصحيفة أيضا إن هناك أسماء أخرى، لكن في الوقت الذي يستعجل فيه الأميركيون التوصل لاتفاق بين القوى السياسية على البديل، فمن المرجح أن يستغرق ذلك أسابيع، إن لم يكن شهورا. وأوضحت أن كثيرين يعتقدون أن الوعد باستخدام الضربات الجوية يمكن أن تستخدمه واشنطن كأفضل عنصر للضغط على القوى السياسية العراقية المتنافسة بشدة لكي تتوصل لاتفاق. وقال الكاتب ديفد إغناسيوس في مقال له أيضا بالصحيفة إن أوباما يعلم أن تغيير المالكي لن ينجح إذا لم يجد الدعم من إيران، وعلى السعودية أن تقتنع بأنه لا يمكن وقف "الدولة الإسلامية في العراق والشام" من دون حد أدنى من التعاون مع طهران. وأضاف أن المغامرات الأميركية السيئة بعد عام 2003 تعلّم الجميع أن ما يحقق الاستقرار "ولو ببطء" في هذه المنطقة, هو العمل السياسي المدعوم بالقوة العسكرية. ونصح الكاتب أوباما بتهديد إيران بتعميق علاقة أميركا بالأكراد في اتجاه الحصول على استقلال كردستان العراق إذا ترددت طهران في التعاون من أجل تغيير المالكي. وفي نظرة على السيرة الذاتية للمرشحين لخلافة المالكي, فإن عادل عبد المهدي كان مرشحا لرئاسة الحكومة لولا التيار الصدري الذي أفشله وفتح المجال أمام المالكي, أما الجلبي فهو شخصية معقدة, ومشكلته أيضا أنه كان وراء عملية اجتثاث "حزب البعث المنحل", وتهميش "السنة"، فيما سيواجه بيان جبر مشاكل لاتهامه باستخدام وزارة الداخلية للتعذيب عندما كان وزيرا لها قبل تعيينه وزيرا للمالية. وتدعي واشنطن في طرح الأسماء الشيعية أنها تستند إلى نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في أواخر إبريل الماضي وتقدمت فيها كتل شيعية, إلا أن الامر يرتبط أكثر بمفاوضات مع إيران, التي لن تتنازل عن أن يكون بديل المالكي من الشيعة, لكي تضغط عليه للرحيل, رغم أن خريطة التحالفات البرلمانية كان يمكن أن تأتي بشخصية من خارج الشيعة, بالنظر إلى أن الكتل الشيعية الفائزة لم تحقق الأغلبية المطلوبة لتشكيل حكومة منفردة, بعيدا عن مشاركة السنة والأكراد. وكان أوباما أكد في 20 يونيو أن الصراع الدائر في العراق سببه تفاقم الانقسامات الطائفية، في حين قال مسؤولان أمنيان أميركيان إن واشنطن حذرت مرارا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من أن سياساته تجلب عداء شديدا من العراقيين السنة. وفي مقابلة مع شبكات تلفزيونية عدة، شدد أوباما على أن حل الخلافات يعود إلى الشعب والزعماء العراقيين، مؤكدا أن التدخل الأميركي سيكون محدودا ومشروطا. وقال الرئيس الأميركي إن تزايد انعدام الثقة بين الشيعة والسنة عزز التوترات في العراق، مشيرا إلى أن التحدي الذي يواجه البلاد حاليا هو تشكيل حكومة تمثل كافة الأطراف بالبلاد. وأضاف أن جزءا من الحل هو سمو القادة العراقيين فوق الدوافع الطائفية، وإذا لم يحدث ذلك فلن يضع حلٌ عسكري حدا لهذه المشكلة "ولن تستطيع أي قوة من النيران الأميركية توحيد البلاد". وتابع "شروطنا لإرسال مستشارين عسكريين أنه لا يزال داخل الجيش العراقي وفي الهيكل السياسي بالدولة التزام بحكومة عراقية وقوات مسلحة موحدتين وشاملتين". وفي السياق ذاته, قال مسؤولان أمنيان أميركيان إن وكالات المخابرات الأميركية حذرت مرارا المالكي من أن سياساته تجلب عداء شديدا من العراقيين السنة. وأضاف المسؤولان - بحسب وكالة "رويترز" - أن هذه التحذيرات تضمنتها تقارير وتحليلات سرية لأجهزة المخابرات قدمت في العامين الأخيرين لمسؤولين عن صنع السياسة من بينهم أوباما. وخلصت التقارير السرية إلى أن المالكي وحكومته يسببان قدرا كبيرا من العداء بين العراقيين السنة، وأنها تعطي قوة وتشجّع جماعات وصفتها بالمتشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وكانت الحكومة العراقية أعلنت في 10 يونيو أن مسلحين ينتمون لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" سيطروا على مدينة الموصل بمحافظة نينوي في شمال البلاد بالكامل, بعد أن سيطروا في وقت سابق على محافظة الأنبار في غرب العراق. وبدورها, ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الفوضى دبّت في الموصل بعد "فرار" الجيش العراقي منها، محذرة من أن المسلحين يتقدمون بقوة في مناطق شمال ووسط العراق, باتجاه العاصمة بغداد. وحسب شهود عيان, سيطر المسلحون أيضا في 10 يونيو على ناحيتين في محافظة صلاح الدين وسط العراق, فيما قال متحدث باسم قوات البشمركة الكردية إن قواته تسيطر تماماً على محافظة كركوك النفطية في شمال العراق, بعد أن تخلى الجيش الاتحادي عن مواقعه فيها. كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسئول عراقي قوله إن مسلحين استولوا في 16 يونيو على معظم أحياء مدينة تلعفر في محافظة نينوى شمالي العراق بعد قتال عنيف. وقال نور الدين قبلان نائب رئيس بلدية المحافظة :"إن أجزاء أخرى من المدينة -الواقعة على طول الممر الاستراتيجي المؤدي إلى سوريا- لا تزال في قبضة قوات الأمن". وتابع قبلان أن المسلحين المهاجمين أحكموا سيطرتهم على معظم مدينة تلعفر والمنطقة المحيطة بها، مضيفاً أن هناك جيوباً للمقاومة، وأن جنوداً ورجال شرطة وبعض أهالي المدينة يسيطرون على أنحاء من المطار. وأشار إلى أن خمسين مدنياً قُتلوا في الاشتباكات، بالإضافة إلى عشرات من المسلحين وأفراد من قوات الأمن. وفي هذه الأثناء، قالت مصادر طبية وأمنية بمحافظة ديالى في شمال شرق العراق إنها تسلمت جثث 63 سجيناً في شرطة المفرق بوسط مدينة بعقوبة. وكان مسلحون هاجموا في 16 يونيو عدة مناطق في مدينة بعقوبة بديالي، من بينها مركز الشرطة, وأطلقوا سراح المعتقلين داخله. وبحسب مصادر للجزيرة، فإن الجثث تعود لسجناء داخل مركز الشرطة, جرت تصفيتهم قبل انسحاب الشرطة. ورغم أن حكومة نوري المالكي اتهمت من سمتهم "إرهابيي داعش" بالسيطرة على بعض مدن شمال ووسط العراق, وطلبت مساعدة عسكرية أمريكية, كما استعانت بقوات إيرانية للتصدي لهم , إلا أن محافظ نينوى أثيل النجيفي خرج بمفاجأة في وقت سابق قال فيها إن المجموعات المسلحة التي سيطرت على الموصل ليست كلها منضوية تحت تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، مشيرا إلى وجود مجموعات كثيرة شاركت في العمليات, التي أدت لانهيار الجيش بشكل كامل في المدينة في 10 يونيو. وأشار النجيفي في حديثه لبرنامج "المشهد العراقي" على قناة "الجزيرة" في 11 يونيو إلى وجود عدة مجموعات شعبية رافضة للعملية السياسية في العراق, شاركت في العمليات العسكرية التي شهدتها الموصل, وأصبحت تسيطر على مناطق عدة بالمدينة