تنسيق الجامعات 2025.. مد التقديم لاختبارات القدرات حتى 30 يوليو    الشروط والأوراق المطلوبة لوظائف صراف تذاكر بقطار المونوريل    رئيس الوزراء يلتقي وزيرة ألمانيا الاتحادية للتعاون الاقتصادي    «يفتقد الكرة».. رسالة غامضة من تيدي أوكو صفقة الزمالك المنتظرة    ثاني أكبر صفقة بيع بعد مرموش.. فرانكفورت ينقل هدافه إلى ليفربول    وزير التعليم: لسنا بصدد إلغاء الثانوية العامة بل تقديم بديل    التصالح ينهي أزمة هدير عبد الرازق وطليقها.. إخلاء سبيل بضمان محل الإقامة    انطلاق عروض الهيئة بالقومي للمسرح وتواصل "صيف بلدنا" ومؤتمر لاكتشاف المواهب بالتعاون مع سليم سحاب    5 أبراج «كلهم آذان صاغية».. لا يقطعون حديث الآخرين وينصتون إليهم بهدوء واحتواء    سفير الصين: حجم التجارة الخارجية للدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي تجاوز 8 تريليون دولار    مفاوضات الدوحة محلك سر ..حماس تكشف أكاذيب المجرم نتنياهو والإرهابى ترامب    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    ليفربول يكتسح ستوك بخماسية خلف أبواب مغلقة.. واستبعاد لويس دياز    نجم ريال مدريد يحذر الإدارة من رحيل فينسيوس جونيور ورودريجو    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    محمد حمدي: الإصابات منعتني من إظهار قدراتي مع الزمالك    نقيب أطباء مصر يتفقد أرض النقابة وموقع النادي بمدينة قنا الجديدة    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    تشييع جثمان 3 فتيات شقيقات من كفر الشيخ تعرضن للغرق أثناء الاستحمام في حوض مزرعة بالبحيرة    طريقه التسجيل والأوراق المطلوبة في معاش ربة المنزل الجديد    سوريا تندد بمنع دخول قافلة مساعدات إنسانية إلى السويداء    أحمد سعد وروبي يتألقان بحفل ليالي مراسي الساحل الشمالي | صور    مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي ليس كيانًا منفصلًا بل امتداد للعقل الإنساني (صور)    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    وزير الصحة يناقش الهيكل التنظيمي الجديد لهيئة التأمين الصحي    حملة "100 يوم صحة" تقدم 40476 خدمة طبية وعلاجية بالإسماعيلية حتى الآن    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    لوسيد تطلق سيارتها Air Grand Touring الجديدة ب5.4 مليون جنيه.. صور    مايا دياب بإطلالة جريئة وتوجه رسالة لجمهورها    هشام خرما يكشف عن الملصق الدعائي الرسمي لألبومه الجديد "أُفُق- UFUQ"    "رجع بظهره".. قطار يتخطى محطة بالخطأ في المنيا    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    مصر ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    وزير الصحة يترأس اجتماع "التأمين الصحي" لتفعيل إدارة الجودة وسلامة المرضى    بلدة تايوانية تشهد أسوأ أضرار جراء الأمطار منذ 50 عاما    مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء يعاني من التهاب في الأمعاء    نائب محافظ الجيزة يبحث تطوير المنطقتين الصناعيتين بالصف وجرزا    حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    قناة "مصر قرآن كريم" تحيى ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    بيراميدز يخوض تدريبات صباحية ومسائية فى معسكر تركيا ورفع الحمل البدني    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    توفى بعدها بدقائق.. تشييع جثامين أم ونجلها من كنيسة الأزهرى ببنى سويف.. صور    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    بعد غياب عامين.. التراث الفلسطيني يعود إلى معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمح يأتي أولا .. لاستقرار مصر
نشر في المصريون يوم 23 - 05 - 2011

يرتبط العمق الحقيقي لاستقرار مصر باستقرار اقتصادها .. لا طريق آخر .. حتى إن جاء رئيس جديد، فإنه لن يستطيع فعل الكثير طالما سار الاقتصاد المصري بمنواله الحالي من هبوط لخلل لنقص لقصور وغيرها من المظاهر السلبية التي تراكمت على مدى فترة زمنية طويلة .. فالاقتصاد المصري خرج من فترة الحروب (منذ الأربعينات وحتى 1973) وهو منهك، ثم بدأ عصر الانفتاح، ثم جاء عصر السلام، ولكن للأسف الاقتصاد أصبح أسوأ عما قبل، رغم أنه كان بعيدا عن ويلات الحروب والاضطرابات التي ضربت بمنطقة الشرق الأوسط منذ بداية التسعينات وحتى 2003م.
ويعتبر القمح المفتاح السري للاستقرار السياسي قبل الاقتصادي لمصر .. وهو أشبه بالهاجس الذي يجب أن تقدم مصر دوما التنازلات خوفا من عدم الحصول عليه .. ولسوء الحظ لم تعطيه الحكومات المصرية المتعاقبة الاهتمام الكافي بما يستحق حتى تتحرر من الضغوط الخارجية نتيجة الاعتماد على استيراد كميات كبيرة منه.
وعلى الدوام وبشكل متزايد سار ميزان القمح المصري في طريق العجز، رغم التزايد المستمر في الكميات المنتجة منه، والسبب هو التزايد الكبير في معدلات نمو السكان .. فرغم أن الإنتاج المصري من القمح ارتفع من 1.8 مليون طن في عام 1980 إلى حوالي 8.5 مليون طن في عام 2009م، إلا إن واردات القمح ارتفعت في نفس الوقت من 5.0 مليون طن في عام 1980 إلى حوالي 8.3 مليون طن في عام 2009م .. أي أنه خلال ثلاثون عاما ارتفع حجم الاستهلاك المصري من القمح من 6.8 مليون طن في عام 1980 إلى حوالي 16.5 مليون طن في عام 2009م (آخر احصاءات رسمية متاحة) .. أي أن حجم الاكتفاء الذاتي من القمح لا يزيد عن 51.5% فقط .. وبداية هذه هي النسبة الحقيقية للاكتفاء الذاتي من القمح بعيدا عن أي تدليس أو غموض.
ومؤخرا أعلن السيد وزير الزراعة أن توقعات إنتاجية القمح لهذا العام تقدر بنحو 8.2 مليون طن، وهي تحقق الاكتفاء الذاتي من قمح الخبز بنسبة 88% .. وهو تصريح يدعو للأمل في تحسن الأوضاع نسبيا .. ولكنه غامض .. نعم مصر في حاجة إلى التهدئة والتفاؤل، ولكن هذا التفاؤل ظللنا فيه أكثر من ثلاثين عاما ثم اكتشفنا الوضع الأليم .. ينبغي تدقيق الأرقام وينبغي المصارحة وأن يقوم كل مسئول بالإعلان عن برنامجه ورسم ملامح الوضع قبل وبعد هذا البرنامج .. أما استخدام التورية أو دمج أو فصل الحقائق والوصول إلى نتائج ليست حقيقية، فهذا محل نظر .. كيف سيكون بالإمكان الوصول إلى نسبة اكتفاء 88% طالما أن توقعات الناتج المحلي لا تزيد عن 8.2 مليون طن .. بالفعل ذكر سيادة الوزير أن الاكتفاء من قمح الخبز، وهذا أولى بالتدقيق .. بالطبع نحن في حاجة أن نعرف توقعات سيادة الوزير لنسبة الاكتفاء من القمح الكلي من الخبز وغير الخبز، ونحتاج معرفة ملامح وعناصر واضحة لكيفية الوصول إلى هذه المعدلات.
وينبغي أن نعلم مدى خطورة الاعتماد على استيراد القمح الأجنبي على أمن مصر، وخاصة أن قيمة واردات القمح وصلت في عام 2008م إلى حوالي 2.5 مليار دولار، أي ما يعادل 14.9 مليار جنيه بسعر صرف اليوم .. وهي تمثل البند الرئيسي في إنفاق ميزانية الدولة على شراء السلع والخدمات .. كما أنها تمثل حوالي 4.2% من ميزانية مصر في 2009م .. إلا إن استيراد القمح لا يقف تأثيره على أنه يستحوذ على قدر كبير من المصروفات في الميزانية، ولكنه يمتد إلى التأثير على الأمن الاجتماعي للمصريين، فمجرد التفكير في نقصان القمح يسبب ارتباكا داخليا.
نأتي عند الجزئية الأهم، كيف واجهت الحكومات المتعاقبة هذه المشكلة؟ وماذا فعلت لحلها ؟ بالتحديد كم مساحات الأراضي المستصلحة وما هي حجم الزيادة في المساحات المنزرعة بالقمح ؟ في ضوء فترة الزخم في استصلاح الأراضي بناء على المشاريع القومية العملاقة بدءا بتوشكى، وصل إجمالي الأراضي المستصلحة خلال الفترة (2000-2009) إلى حوالي 485 ألف فدان فقط، وخلال هذه الفترة زادت المساحة المنزرعة بالمحاصيل الشتوية من 6.5 إلى 6.7 مليون فدان .. ورغم أن المساحة المنزرعة بالقمح زادت من 2.5 مليون فدان في عام 2002م إلى 3.1 مليون فدان في عام 2009م، إلا إن هذه الزيادة حدثت نتيجة إعادة تخصيص المساحات المنزرعة، ولم تحدث في الأراضي المستصلحة الجديدة.
باختصار أنه لتحقيق الاكتفاء المصري من القمح فإن مصر تحتاج إلى إنتاج كمية تعادل 16.5 مليون طن، وفي ضوء إنتاجية 2.7 للفدان، فإن مصر تحتاج إلى مساحة منزرعة بالقمح في حدود 6.1 مليون فدان .. أي أننا في حاجة إلى حوالي 3.0 مليون فدان مستصلح جديد يخصص لزراعة القمح ..
وفي اعتقادي أن المساعدات المقدمة من الدول الخليجية تحديدا ينبغي التفاوض في تخصيص الجزء الأكبر منها ليس لشراء قمح، ولكن لتمهيد أو لاستصلاح سريع لمساحات أراضي تخصص للقمح .. إن المعادلة الغريبة التي لا ينتبه إليها كثير من المسئولين هي أنه لو افترضنا أنه تم توجيه كافة الأربعة مليارات التي جاءت من السعودية مثلا كمساعدات لزراعة القمح، لنا أن نقدر كم حجم الفائض الذي يمكن أن يترتب على ذلك ؟ إننا لن نوفر دقيق أو خبز فقط، إن المردود الحقيقي يفوق ذلك بكثير، حيث سنوفر 14.5 مليار جنيه تنفق سنويا على واردات القمح (تقديرات تقريبية)، وسنتيح دخلا للمزارعين المصريين الذين باتوا يئنوا من سوء أوضاعهم المعيشية، إن تحسن أوضاع المزارعين المصريين سيحسن وضع القرية المصرية، وسيقلص من فوارق توزيع الدخول، وسيعيد ويحسن من التركيبة الاجتماعية.
(*) مستشار اقتصادي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.