سمعت مساء يوم 1/6/ 2013 الروائي المصري د. علاء الأسواني على فضائية المحور مع الزميل عمرو الليثي، وهو يقول إنه لا تجد في فرنسا "مثقفا" إلا وكان يساريا!.. بل وأكد على سبيل القطع بأنه من الصعوبة أن تجد مثقفا فرنسيا من غير اليساريين!! الأسواني كان يتكلم، بحكم ما وصفه بعلاقات الصداقة التي تجمعه بعدد من المثقفين الفرنسيين، وهي صداقات تعددت في عاصمة التنوير "باريس" بعد روايته الشهيرة "عمارة يعقوبيان".. وهي الرواية التي نقلته من “المحلية” إلى “العالمية”.
وأنا على يقين بأن كلام الأسواني، لم يكن في حقيقته، كلاما عن "باريس" بقدر أنه كان يتحدث عن "القاهرة".
لاحظ هنا أن الروائي الكبير، كان آنذاك بصدد تعليقه، على الأزمة التي تفاقمت بين وزير الثقافة في عهد حكم الإخوان د. علاء عبد العزيز، وبين من يوصفون ب"المثقفين"، بعد قراره بإقالة عدد من "سدنة" وزارة الثقافة من "عتاة" اليسار المصري.كان عبد العزيز قد قال في تصريحات خاصة ل"المصري اليوم"، إن "الثقافة ليست حكرا على اليسار وحسب".. في إشارة منه إلى أن الأزمة في جوهرها تتلخص في أن وجوده يهدد "المصالح المالية" للنخبة اليسارية التي ظلت مهيمنة على وزارة الثقافة زهاء خمسين عاما مضت.
وأنا شخصيا أعرف د. علاء الأسواني حيث زاملني في جريدة الشعب أيام تألقها المهني، لمدة ليست بالقصيرة.. وأعرف أيضا د. علاء عبد العزيز، بحكم صداقتي له لسنوات ليست بالقليلة.. الأول والثاني غير محسوبين على أي تيار سياسي محدد، بل إنهما ينتميان إلى التيار "الوطني المصري" والذي اعتز بشرف الانتماء إليه..
الأسواني يعلم جيدا أن الوزارة مترعة بالفساد، ولقد وصلت إلى ذروة سنام فسادها في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، عندما أحال غالبية مثقفي مصر خاصة من اليساريين إلى "مرتزقة" يعملون في خدمة "مشروع التوريث"، واعترف بأنه نجح في إدخال مثقفي اليسار "الحظيرة".. بالرشاوى والهبات والمكافآت والجوائز السخية.. واشتهر هؤلاء فيما بعد بأنهم "مثقفو حظيرة" فاروق حسني. ظلت الثقافة في مصر لعقود طويلة مختطفة من اليسار المصري، كمؤسسة "الوزارة" وكتصنيف "من هو المثقف"؟!.. حيث لم يحظ أحد في مصر بلقب مثقف إلا إذا كان قادما من "“رحم اليسار" أو كان سليل الحزب الشيوعي المصري الذي أسسه اليهود "هنري كوريل" عام 1943.. فلا يوجد مثقف إلا "اليساري" وحسب.. ومن دونه فهم "ظلاميون"، "رجعيون" وما شابه من مفردات تستهدف التسفيه والتصفية الفكرية والثقافية .
ولعل ذلك ما حمل الأسواني بلا وعي منه على أن يدافع عن اليسار المصري من خلال دفاعه عن اليسار الفرنسي.. ليس اقتناعا منه ب"طهارة" اليساريين المصريين، ولكن خوفا من يكون طردهم من الوزارة تحت لافتة "التطهير" التي شرع فيها علاء عبد العزيز العام الماضي مقدمة ل"الأخونة" الثقافة، خاصة أن الوزير جاء في ذلك الوقت بقرار من حكومة هشام قنديل المعين من قبل الإخوان.
اليسار المصري.. حالة مختلفة عن اليسار الأوروبي أو يسار أمريكا اللاتينية، فهو يسار انتهازي، يؤمن ب"العنف الثوري" في التغيير.. وقد تحول مع تنامي هيمنة رأسمال المال الطفيلي والانتهازي في عهد مبارك من "مناضل" من أجل "العدالة الاجتماعية" ضد "الاستغلال الرأسمالي" إلى الخدمة في بيوت "الامبريالية الأمريكية". المدهش أن الأسواني لم يدرك أنه على خلاف اليسار.. وأنه سليل التيار الوطني وجيل المثقفين والمبدعين الذين كانوا ضحية "الاضطهاد اليساري".. وقمع عراب التوريث فاروق حسني.. واليوم عاد الأخير إلى الوزارة مجددا.. في صورة وصيفه "جابر عصفور".. والذي شن حملة عاتية ومهينة على الأسواني، عبر صفحات الشروق، في واحدة من أبرز المواجهات بين اليسار الرجعي المتحالف مع فاشية مبارك الأمنية .. وبين أدباء ثورة يناير ممثلة في علاء الأسواني. عاد جابر عصفور وزيرا للثقافة.. بشرة خير! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.