جاء خبر تعيين الدكتور معتز بالله عبد الفتاح مستشارا سياسيا لرئيس الوزراء الدكتور عصاف شرف ، منعشا لجيلنا (مواليد السبعينيات من القرن الماضي) الذي أكاد أجزم بأنه من أكثر الأجيال التي ظُلمت خاصة من ناحية المشاركة السياسية ، فهذا الجيل لم يتمتع بمناخ الحرية النسبي الذي أحدثه الرئيس السابق السادات في بعض فترات حكمه وتمتع به الجيل السابق لنا ولم يجرؤ على كسر حاجز الخوف الذي نجح في كسره الجيل التالي لنا والذي قامت على أكتافه ثورة 25 يناير . فجيلنا فتح أعينه ليجد نفسه تحت سيطرة النظام السابق الذي نجح بجدارة في كتم أنفاسه وأفكاره والأبشع من ذلك أنه فتل طموحاته ،فأصبحت أغلى أمنياتنا هي توفير لقمة عيش وحياة هنيئة لنا ولأسرنا ، وليس أكثر ، لأن المناصب العامة القيادية سواء كانت سياسية أو اقتصادية او اجتماعية أو إعلامية أو حتى رياضية كانت محجوزة إما لقيادات الحزب الوطني المنحل وأصدقائهم وإما لأقارب ومعارف كبار رجال الأعمال وإما للواءات سابقين في الجيش والشرطة وفي أحسن الأحول كان يتم الاختياربناء على الأقدمية ، لذلك كانت الفرصة في شغل منصب قيادي عام بالنسبة للمحترمين من أبناء هذا الجيل شبه معدومة.وكما هو معلوم للجميع فأن المناصب المهمة كانت تمنح وتوزع بناءً على معايير خاطئة مثل الواسطة والمحسوبية والولاء والقرابة وتبتعد كثيرا عن الكفاءة والقدرة على القيادة والعطاء والتغيير . وكنت قد تحدثت في مقالي الأخير عن حركة المحافظين الأخيرة ومدى ما تسببت فيه من إحباطات بسبب استمرار معايير النظام القديم في اختيار القيادات حيث أن حوالي 70 % من المحافظين من اللواءات وأصغر محافظ منهم في نهاية الخمسينيات من العمر . ولكن جاء خبر تعيين الدكتور معتز بالله ليعيد لنا الأمل في إمكانية مشاركة جيلنا بفعالية في الحياة السياسية بل وقيادتها إن كان هناك من يمتلك القدرة على ذلك . شخصيا لم أحظ بالتعرف على الدكتور معتز ، ولكني عرفته عن طريق كتاباته المتوازنة ومن خلال مشاركاته التلفزيونية المتميزة التي تعكس خبرة علمية ورأيا موضوعيا غير منحاز ،وكما تشير الموسوعة الحرة على الانترنت ( الويكيبيديا ) "فهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وجامعة ميتشجان الأمريكية، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميتشجان المركزية .حاصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولاياتالمتحدة وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وجامعة ميتشجان الأمريكية، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميتشجان المركزية في الولاياتالمتحدة." .فالرجل إذن متميز علميا وبسؤال بعض الزملاء الذين يعرفونه شخصيا ، اخبروني انه خريج الدفعة السابقة لنا في نفس الكلية وأنه كان دائما متميزا ليس فقط بعلمه ولكن بخلقه الدمث وأفكاره المعتدلة . خلاصة القول ، أنه تم اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب فنسأل الله له التوفيق ونرجو أن يكون ذلك بداية لتغيير معايير اختيار القيادات لتصبح الكفاءات وليس الولاءات والأداء وليس اللواء . وأن يفتح ذلك الباب أمام مشاركة أكبر لهذا الجيل الذي هرم من أجل هذه اللحظات التاريخية التي يستطيع من خلالها أن يساهم في نهضة بلده . وأخيرا اختم حديثي بهذه المقولة التي علقت بها على خاطرة أحد الزملاء الذي سمع بخبر تعيين الدكتور معتز وقال :" أخيرا جاء اليوم الذي يمكن أن يكون فيه أحد أصدقائي وزيرا أو رئيسا للجمهورية" , فرددت قائلا "ولماذا لا تتمنى أن تكون أنت نفسك وزيرا أو رئيسا للجمهورية إن كنت تمتلك الكفاءة والخبرة" . إعلامي مصري