مقاطعة قطاعات عريضة من الشعب وتخلى الوطنى والأحزاب والكنيسة والدولة العميقة عن السيسي يدفعه لتناول الكأس المر جهادي: وصوله للقصر فتح الباب واسعًا أمام إزاحته.. وإخواني منشق يرد: سيدفع الإخوان لرفع الراية البيضاء
أربك الحضور المتدني لعموم المصريين فى انتخابات الرئاسة والذي قدرته بعض المصادر بأنه لا يتجاوز 12مليون ناخب، حسابات المشير عبدالفتاح السيسي وسلطة ما بعد الثالث من يوليو التي ملأت الدنيا ضجيجًا بمشاركة 44مليونًا في مظاهرات 30 يونيو، وهو ما وضع قائد الجيش السابق في موقف لايحسد عليه، بعد أن أثبت فشله في حشد المصريين، لاسيما أن الحضور الضعيف والمتدنى أثار هستيريا لدى السلطة لدرجة حدت بجهات سيادية للتدخل لدى اللجنة العليا للانتخابات وفرضت عليها مد التصويت ليوم ثالث بالمخالفة للقانون. وسمح الحضور الضعيف للناخبين لآلة الشائعات أن تكون حاضرة بقوة خلال هذا الاستحقاق، فهناك من تحدث عن رغبة فى مؤسسة الدولة العميقة وفى وجود رئيس ضعيف لا يتمتع بظهير شعبى، فامتنعت عن حشد الناخبين، وربط بين ذلك واستياء الأحزاب السياسية ومن هيمنة النظام الفردى على انتخابات مجلس النواب القادم، وكذلك غضب رموز رجال الرئيس الأسبق حسني مبارك من سعى السيسى لفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية ومكاسب البورصة، بالإضافة إلى أن أصحاب فضائيات "الفتنة" تحفظوا على طلب السيسى منهم تريليون جنيه، للمساهمة فى إقالة الاقتصاد من عثرته ورفض الأحزاب لهيمنة النظام الفردى على قانون الانتخابات. ولعل "المناحة" التى شهدتها شاشات الفضائيات أكبر دليل على ضعف الحشد وكيف غابت الدولة العميقة وفلول مبارك والكنيسة والأحزاب عن الحشد للسيسى رغبة فى إنهاء أسطورة الظهير الشعبى له بشكل يمكن معه ابتزازه وإضعافه وانتزاع المبادرة من يديه وإجباره للخضوع لرغبات هذه الجهات وتسيير الأوضاع فى البلاد بنفس طريقة نظام مبارك والحفاظ على مكتسبات هذه الجهات وعدم المساس بها. ومما زاد من متاعب السيسي، أن الحضور الهزيل فى الانتخابات الرئاسية قد أعاد الاعتبار لجماعة الإخوان المسلمين والتحالف الوطنى لدعم الشرعية الذى تبنى خيار المقاطعة ودعا جموع الشعب لها، ودفع حكومة محلب التى ادعت الحياد بين المرشحين والوقوف على مسافة واحدة منهما إلى تهديد المواطنين بغرامة ال500 جنيه والحرمان من الحصول على الحصة التموينية فى حالة عدم حضورهم، وهو ما ظهرت تداعياته فى الأحياء الفقيرة والعشوائيات عبر مشاركة البسطاء فى الانتخابات وإبطال أصواتهم وهو ما يفسر زيادة أعداد الأصوات الباطلة واحتلالها المركز الثالث بعد المقاطعة والمشير السيسي. ويعتبر مراقبون أن تداعيات الحضور المتدنى تضعف من موقف المشير السيسى أمام الدوائر الغربية، من جهة أنها أثبتت عدم تمتعه بإجماع شعبى، بل أنها ستعيد الاعتبار لجماعة الإخوان وحلفائها، وستقود المشير السيسى للمصالحة مضطرًا ومرغمًا إذا كان راغبًا حقًا فى تمرير ولاية هادئة له فى السلطة. وهو السيناريو الذى يدعمه القيادى الجهادى الدكتور أنور عكاشة الذى يعتقد أن أبرز تداعيات الحضور الضعيف للناخبين أنها ستجبر الرئيس الجديد على طرح مبادرة للمصالحة الوطنية باعتبارها السبيل الوحيد لوقف حالة الاضطراب فى الشارع السياسى وضمان عودة الاستقرار النسبى للشارع. وتابع، "السيسى سيمد يده لجماعة الإخوان بالمصالحة مرغمًا بعد أن أثبت الحضور الضعيف أن جهات عديدة تخلت عن المرشح الرئيس وفضلت الوصول به للسلطة بدون ظهير شعبى ليسهل ابتزازه واستمرار ولائه لأجهزة الدولة العميقة ولا يتبنى أى سياسات تفكك هيمنة هذه المؤسسات على السلطة بل يسير على نهج مبارك فى إدارة شئون البلاد". غير أن الدكتور خالد الزعفراني، القيادى الإخوانى المنشق، كانت له وجهة نظر أخرى، إذ رجح أن يجبر اكتساح المشير السيسى الانتخابات الرئاسية، جماعة الإخوان إلى رفع الراية البيضاء وتقديم تنازلات قد تعجل بتحقيق المصالحة الوطنية. وتابع، "جماعة الإخوان هى من ستبادر بمقترحات لتحقيق المصالحة باعتبار أن نتائج الانتخابات قد وضعت الجماعة فى مفترق طرق وأربكت حسابات التنظيم الدولى الذى كان يراهن على فشل الاستحقاق الرئاسى وهو الأمر رد فيه المصريون على الجماعة بقسوة". ولم يستبعد أن تقدم "الإخوان" جميع التنازلات التى ستطالب بها الدولة وقد تتخلى عن حلفائها من القوى الإسلامية والتكفيريين وتقدمهم قربانًا لمصالحة بعيدة لا تحظى بدعم القوى الدولية. يأتى هذا فى الوقت الذى وزير الاستثمار السابق يحيى حامد، أى مصالحة مع المشير السيسي، معتبرًا أن مقاطعة الشعب للانتخابات الرئاسية تأتى فى سياق دعمه للثورة ورفضه للحكم العسكري، مشددًا على أن التحالف لن يقبل بأقل من عودة المسار الديمقراطى والجيش لثكناته. واعتبر محمد أبوسمرة، الأمين العام للحزب الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الجهاد، أن مقاطعة الشعب للانتخابات الرئاسية تؤكد أن السلطة القائمة بعد الثالث من يوليو سقطت بشكل تام، وأن السيسى قد بدأ نهايته مع الوصول للقصر الرئاسى فى ظل تصاعد احتمالات فشله وعدم وجود برنامج له وتبنيه سياسات ترجح فشله الذريع. وأبدى أبوسمرة تمسك القوى المناهضة للثالث من يوليو بعودة المسار الديمقراطى وعودة الشرعية، معتبرًا أن اللجوء لسيف الترهيب ومد التصويت ليوم ثالث يثبت الفشل الذريع للمشير السيسي، وتكشف زيف الشعبية الواهية له ولسلطة 30 يوليو، مشيرًا إلى أن التسول واستجداء العطايا من دول الخليج لن يفلح فى إنقاذ سلطة الثالث من يوليو.