إن دستور 2014 هو دستور مصرى رائع إذ أن مواد الشريعة فيه لا تقل روعة عن دستور 2012 فهو أيضا يلزم الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية من خلال تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية بأن المرجع فى تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية فى هذا الشأن (ديباجة الدستور) فليس للمحكمة الدستورية أن تفسر مبادئ الشريعة بعد هذا النص بل إقتصر التفسير على سبعة أحكام منضبطة سابقة تم وضعها بمضبطة المجلس, ومن خلال أن الأزهر الشريف هو المرجع الأساسى فى الشئون الإسلامية (مادة 7) حيث أن الشئون الإسلامية تشمل الشريعة الإسلامية ومن خلال إلزام الدولة بإصدار القوانين المنفذة لأحكام هذا الدستور (مادة 224) الذى يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية . كما أن هذا الدستور كفل الحقوق والحريات لكل فئات وطوائف الشعب ولكن هذا الدستور ليس عملا كاملا مثله مثل أى عمل من صنع البشر فقد أصابه بعض العوار فى عدة جوانب منها أنه جعل صلاحيات رئيس الجمهورية مفرطة . فرئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية (مادة 139) وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة (مادة 152) ورئيس مجلس الأمن القومى (مادة 205) ورئيس مجلس الدفاع الوطنى (مادة 203) ويختار رئيس الجمهورية رئيسا للوزراء بعد موافقة أغلبية مجلس النواب (مادة 146) ويضع رئيس الجمهورية السياسة العامة للدولة بالإشتراك مع رئيس الوزراء (مادة 150) ويمثل الرئيس الدولة فى علاقاتها الخارجية (مادة 151) ويعين الرئيس الموطفين المدنيين "كالمحافظين" والعسكريين "كقادة الجيش والمجلس العسكرى" وأيضا يعين الممثليين السياسيين "كالسفراء" وله حق إعفائهم من مناصبهم (مادة 153) ويعين الرئيس وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الخارجية ووزير العدل بالتشاور مع رئيس الوزراء (مادة 146) وكما يقال شاوروهم وخالفوهم, وأيضا يعين الرئيس رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة بعد موافقة أغلبية مجلس النواب لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد (مادة 216) . ويحق لرئيس الجمهورية التغول على السلطة التشريعية بحل مجلس النواب أو ممارسة التهديد بحله للضغط عليه ليدور فى فلكه وينطوى تحت جناحه إذ يحق للرئيس أن يحل مجلس النواب عند الضرورة وبقرار مسبب بعد استفتاء الشعب ويجوز لسيادته تكرار المحاولة لسبب آخر غير السبب الأول (مادة 137), لذلك سيكون رئيس الوزراء طوعا لإرادة رئيس الجمهورية لأنه يستطيع حل مجلس النواب الذى أتى برئيس الوزراء فيطيح بهما جميعا وأيضا يحق لرئيس الجمهورية إصدار القوانين وكذلك له حق الإعتراض على القوانين الصادرة حتى لو أقرها مجلس النواب إلا إذا أقرت بأغلبية ثلثى أعضاء مجلس النواب (مادة 123) وأيضا فإن الرئيس له حق تعيين 5% من أعضاء مجلس النواب ويحدد القانون كيفية ترشحهم (مادة 102) كما يحق للرئيس عزل رئيس الوزراء والحكومة بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب (مادة 147) أو من خلال حل مجلس النواب الذى أتى برئيس الوزراء والحكومة (مادة 137) ويحق لسيادته أن يبرم المعاهدات بعد موافقة مجلس النواب (مادة 151) كما يحق للرئيس إعلان الطوارئ لمدة ثلاث أشهر بعد موافقة رئيس الوزراء وموافقة أغلبية مجلس النواب (مادة 154) ويحق لسيادته تخفيف العقوبة أو إلغائها بعد موافقة رئيس الوزراء (مادة 155) ويحق للرئيس أيضا إعلان الحرب بعد موافقة مجلس الدفاع الوطنى وموافقة أغلبية ثلثى أعضاء مجلس النواب (مادة 154) . ومع كل هذه الصلاحيات العنترية لرئيس الجمهورية فلا يحق لمجلس النواب محاسبة رئيس الجمهورية مطلقا ولكن يحق لمجلس النواب بموافقة أغلبية ثلثى أعضائه أن يسحب الثقة من رئيس الجمهورية فى محاولة واحدة خلال المدة الرئاسية وإجراء إنتخابات رئاسية مبكرة بعد إستفتاء الشعب والموافقة ولكن إذا كانت نتيجة الإستفتاء بالرفض حينها يتم حل مجلس النواب (مادة 161) . كما يحق لمجلس النواب أن يتهم رئيس الجمهورية بإنتهاك أحكام الدستور أو بالخيانة العظمى أو بأية جناية أخرى بعد موافقة أغلبية ثلثى أعضاء مجلس النواب وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام حيث يوقف الرئيس عن العمل حتى صدور الحكم (مادة 159) . يا فخامة الرئيس إن الشعب يعتبر كل هذه الصلاحيات المفرطة للرئيس تكليفا لا تشريفا كى لا يكون للرئيس أى ذريعة للفشل ولكى يكون الرئيس قادرا على إصلاح البلاد من البلطجية وقطاع الطرق والفوضى والفساد وعدم سيادة القانون والإنهيار الأخلاقى .