كثير ما نسمع من مرشحي الانتخابات الرئاسية او البرلمانية و حتى الجمعيات التعاونية ,وعود وشعارات يصل بعضها حد الكمال المطلق من الناحية الكلامية ولكن عندما ياتي وقت التطبيق تذهب كل تلك الوعود والشعارات في مهب الريح وتغدو في خبر كان. وهذا ليس بارادة المرشح الفائز طبعا ولكن يجري ذلك رغما عن انفه والسبب انه انتقل من موقع حر لا تحده ضوابط وقوانين إلى مكان اخر محكوم بضوابط وقوانين ملزم بتطبيقها وهذه الضوابط والقوانين تفرض عليه تصورها هي لآلية وكيفية العمل الذي ينبغي ان يجري. وهذه القاعدة لاتختلف من دولة لأخرى او من شخص لآخر فهذه ضوابط كونية لا يمكن الخروج عليها والا فسدة العملية برمتها . من هذا المنطلق يجب ان نفهم دعوة وزيرخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الاخيرة لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة المملكة السعودية والتي اثارت حفيظة الكثير من الصحفيين والنشاطاء السياسيين والدعاة الاسلاميين الموالون لسعودية قبل غيرهم حيث ذهب البعض إلى وصف تكل الدعوة على انها تصب في صالح الجانب الإيراني وعلامة على تراجع في الموقف السعودي غير مدركين ان حسابات الجالس على كرسي السلطات تختلف عن حسابات ذلك الجالس على كرسي المراقبة والنقد. فالاول ملزم بالضوابط والقوانين الكونية للعبة السياسية المفروضة عليه فيما الاخر يريد ان تجري الامور وفق ما هو يراه و الذي لاشك ان رؤيته صحيحة نظريا ولكنها صعبة التحقيق عمليا لانه حين نظر الى الواقع القائم غاب عن باله ان هذا الذي رأه هو رأي غير مقيد بضوابط وقوانيين يصعب على صاحب السلطة تجاوزها . ان السياسة السعودية ,مهما اختلفنا او اتفقنا معها , يجب ان لا ننظر اليها على انها قادرة على فعل ماتريد اورفض ماتريد متى ماتشاء وكيف ما تشاء' فهي شأنها شأن سياسة اي دولة أخرى محكومة بالامر الواقع ولكن هذا الواقع يشبه الاستاد الرياضي المسيج بسور عالي من الخارج ولكن في وسطه مساحة فارغة تركت للاعبين يتبارون عليها فمن يملك الخطة السليمة و اللاعبين المهرة يمكنه ان يحقق الفوز ومن لا يملك تلك العناصر فبلا شك سوف يكون نصيبه الخسارة. فالناقدون او المؤيدون لدعوة السعودية لوزير الخارجية الإيراني عليهم اولا ان يعطوا المبرر الذي دفعهم لهذا النقد او التأييد لكي يستطيع القارئ ان يفهم الاتجاه الذي تسير عليه السياسة الجديدة للسعودية تجاه إيران . نعم كلنا يدرك ان هناك احداث اقليمية ودولية كبيرة تجري على ارض الواقع وكل الطرفين الإيراني والسعودي مشتركون في صنع بعضها ومتأثرون سلبا وايجابا في بعضها الآخر, ولكن كيف يمكن لنا ان نفهم المكتسبات التي تحققت لكل لطرف و السلبيات التي اصابته من تلك الاحداث ؟. ثم هل يمكن اعتبار الدعوة السعودية للجانب الإيراني عامل دفع لانجاح المفاوضة القائمة بين إيران ومجموعة الدول الستة بشأن الملف النووي الايراني ام لا علاقة للدعوة بذلك؟. و هل عرض السعودية لصاروخها " رياح الشرق" الباليستي , يدخل في حسابات الحقل والبيدر لكل الطرفين ام لا يدخل ؟.
صباح الموسوي رئيس المؤسسة الأحوازية للثقافة والاعلام