ما هو سبب تخلف مصر والعالم العربي عن ركب الحضارة الحديثة؟؟ هل سألت نفسك هذا السؤال من قبل؟؟ اعتقد عزيزي القارئ انك سألت نفسك هذا السؤال, وبماذا كانت إجابتك؟؟ وإن لم تكن قد سألت نفسك هذا السؤال, فهانذا اطرحه عليك, فهل لديك إجابة؟ بالطبع سوف تختلف الإجابة من واحد لآخر, فإذا كان توجهك اسلاميا فستكون إجابتك بأن سبب تخلفنا هو البعد عن الدين وبأن الاسلام هو الحل, وأنه بإقامة حدود الله ستستقيم الامور وسنقود العالم في فترة وجيزة, وإذا كنت قوميا فستكون إجابتك بأن السبب هو عدم إتحاد الدول العربية, وبأن تشرزمهم هو الذي أدي بنا إلي ما وصلنا إليه, وبحدوث التواصل والتقارب والاتحاد العربي سنقود ركب التقدم العالمي في المنظور القريب, وإذا كنت اشتراكيا فستكون إجابتك بأن الراسمالية البغيضة هي السبب وبأن الاشتركية –التي انسحبت من الوجود- هي الحل الامثل للنهوض وقيادة العالم الحر والمتقدم, وإذا كنت ليبراليا فستكون إجابتك بان سبب التخلف هو عدم وجود ديمقراطية وبأن الديكتاتورية هي التي قادتنا إلي التخلف والتراجع, وإذا كنت بسيطا مثلي فسوف تجيب بلا تردد بأن حسني مبارك هو السبب, ولكن للانصاف وللامانة لا يمكن تحميل الرئيس المخلوع كافة أوزارنا وتقصيرنا, وإذا كنت من انصار الحزب الوطني ومن سدنة الحكم والمنافقين في النظام السابق فإنك – بكل تأكيد- سوف تستنكر هذا السؤال وتتهمني بالخيانة والعمالة, وبأنني من حزب أعداء النجاح وخفافيش الظلام, وبأن مصر دولة متقدمة والادلة علي هذا لا يمكن حصرها ومنها زيادة عدد السيارات الحديثة وزيادة أعداد مستخدمي التليفون المحمول والانترنت, وبأن معدلات النمو زادت لتصل إلي 8% , وبأن الحياة لونها بمبي كما قال صلاح جاهين, ولكنها للاسف ليست كذلك كما كان يراها نجيب سرور, والاجابة عن هذا السؤال أصعب وأكثر تعقيدا من كل هذه الاجابات البسيطة والمباشرة عند من يريد التنظير والسفسطة التي لا تؤدي إلا إلي المزيد من التراجع وتثبط الهمم, وأيا ما كانت الإجابة علي هذا السؤال فإن الحل لن يخرج عن إخلاص النوايا والعمل الجاد ووصل الليل بالنهار من أجل عبور النفق المظلم الذي نقبع فيه منذ زمن بعيد. في أحد المؤتمرات العلمية في مجال تخصصي وهو العلوم الهندسية سألت أحد العلماء اليابانيين المشاركين معي في المؤتمر سؤلا قصيرا مباشرا وتوقعت أن تكون الاجابة طويلة, ولكن خاب ظني وكانت الاجابة مباشرة وقصيرة وصادمة وصادقة في ذات الوقت, وكان سؤالي؛ ما هي أسباب تقدم اليابان؟ فكانت إجابته؛ لا أدري!!!!! وعلي الرغم من أن الاجابة لم تكن مقنعة بالنسبة لي – وأظن لك انت أيضا – إلا انني صدقتها وصدقت العالم الياباني لعدة أسباب منها أن الشعب الياباني لم يعتد الكذب والسبب الثاني أن المواطن الياباني لم يشغل باله سوي بالعمل الجاد والمخلص والمستمر, فكل في مجال تخصصه يبدع ويتقن ويجود ويطور بدون أن يتعب نفسه بالتفكير في أمور أخري, فالشعب الياباني استطاع أن ينهض بعد الدمار الذي كان قد لحق به أثناء الحرب العالمية الثانية, مع العلم بأن الموارد الطبيعية شبه منعدمة إلا من أناس ذات عزيمة لا تلين وحب للعمل لا يضاهيه إلا كراهية معظم أبناء جلدتي له, فالشعب الياباني يعشق العمل كعشقنا للكلام, ويعشق التطوير كعشقنا للفهلوة ودغدغة مشاعر البسطاء بمعسول الكلام وغثه. إن انصراف الغالبية العظمي من أبناء بلدي, حكومة وشعبا عن العمل الجاد والمخلص والمستمر هو الذي حملنا علي جناح التخلف ليقذف بنا إلي حيث نستحق وهو المكان المخصص للكسالي والمتواكلين في منطقة ذيل الامم. نحن الذين أطلقنا رصاصات التخلف علي انفسنا وعلي النابهين من أبناء هذا الوطن, فكلنا مشاركون في تحمل مسئولية والوصول للوضع الذي نحن فيه الآن, وبأيدينا نحن وليس بيد الآخرين نستطيع أن ننتشل وطننا من الوادي السحيق الذي هوينا إليه ومازلنا نقبع فيه, بصدق مع النفس وبدستور جديد, وبقوانين جديدة وبخطة قومية واضحة المعالم, وبمحاسبة عادلة وفورية للمقصرين والفاسدين, وبعمل مستمر ومنظم نستطيع أن نتبوأ مكانتنا التي نستحقها ونحلم بها ونعبر غيابات التخلف إلي مستقبل أكثر إشراقا. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية [email protected]