هل نحن شعب شديد التأثر و سريع النسيان؟ وهل غيرت الثورة من سلوك الفرد المصري؟ مما لا شك فيه أن الشعب المصري يمتاز بكثير من الصفات التي تميزه عن غيره من الشعوب الأخري مثل لين الجانب وبشاشة الوجه وسرعة البديهة والسخرية اللاذعة في حالات الفرح وأحيانا في حالات الحزن، فيستطيع بما لديه من تراث أن ينزع البسمات من جسد الاحزان، ويمتاز الشعب المصري أيضا بالعاطفة الجياشة، وليس أدل علي ذلك من تعاطف الكثيرين من الشعب المصري مع جلاديه وذلك حين ألقي الرئيس المخلوع خطابه الثاني قبل رحيله، فنجح في استدرار دموع عم عبدالله جاد العامل البسيط بإستراحات الجامعة التي أعمل بها، فعلي الرغم من أن عبدالله هذا يعاني معاناة ما بعدها معاناة شأنه في هذا شأن الغالبية العظمي من ابناء الشعب المصري، لتفاهة راتبه بالمقارنة بإلتزماته الجمة وأهمها توفير الغذاء للأفواه المفتوحة والبطون الخاوية، وعلي الرغم من هذا فقد بكي حين قال الرئيس المخلوع بأنه خدم البلد وسيدفن فيها، ففي هذه اللحظة نسي عبدالله مرارات السنين وتجاعيد العوز التي تركت بصماتها علي جبينه. وكان الكثيرون من رؤساء تحرير الصحف المسماه تجاوزا بالقومية وشهرتهم "المتحولون" قبل ازاحتهم وكذلك رؤساء الكثير من المؤسسات ورجالات الحزب الوطني يراهنون علي سرعة نسيان الشعب المصري كي يكيفوا أوضاعهم ويتحورا ويتشكلوا ويستمروا في مواقعهم ينافقون الرئيس القادم ويشترون ورد الحكومة بأبخس الأثمان، وبنفاق فاجر لايجيدون سواه، والخاسر الوحيد هم أبناء الشعب المصري. وبالنظر إلي سلوك الشعب المصري نجد أنه لا توجد فروق جوهرية بين سلوك الافراد قبل الثورة وبعدها، وأرجو منك عزيزي القارئ أن تجيب علي هذا السؤال بأمانة مطلقة، هل تغير سلوكك بعد الثورة عما كان قبلها، قد تكون إجابتك بنعم، فإذا كانت الإجابة بنعم فما هي الإيجابيات التي زادات لديك؟ وما هي السلبيات التي تخلصت منها؟ وإذا كانت الثورة قد أثرت في الغالبية العظمي منا فلماذا لم يتغير الشارع المصري للافضل؟ بل علي العكس من هذا فالاختناقات المرورية تصيب الكثير من المدن المصرية بالشلل والشوارع المصرية مازالت تشتكي من الزبالة ...... و قد تكون إجابتك بأنك لم تتغير –كما يصر علي ذلك أحد زملائي بالعمل- لانك قبل الثورة كنت تؤدي ما عليك من واجبات علي الوجه الأكمل، علي الرغم من أنك لم تكن تقم بما تعتقد في آداءه، وهذا بشهادة كل المجاورين لك في العمل، وفي هذه الحالة تكون المصيبة أعظم. قد تدافع عن عدم تغير الشعب بأن الوقت لم يزل مبكرا وبأننا سوف نتغير مع الوقت ومع إستقرار المنظومة الإدارية الجديدة والمرتقبة، ولكني أخشي يا عزيزي من أنه من لا يهزه الزلزال فلن تستطيع التوابع من هزه. ادعو الله ألا نكون بعد اليوم شديدي التأثر وسريعي النسيان، فالثورة لم تنته بسقوط النظام، ولكنها مستمرة، وأكبر الخطايا التي يقع فيه الكثيرون الاعتقاد بأن الثورة انتهت، وكلي أمل في أن تتغير مصر إلي الافضل، ولكن هذا لن يحدث إلا إذا تغير كل فرد منا من داخله للافضل، ويتخلص من سلبياته ويعظم إيجابياته لصالح بلدنا الغالي، ولكن كل قلقي وخوفي الا يتم هذا فياتي اليوم الذي يردد فيه الكثير من ابناء الشعب " ولا يوم من أيامك يا حسني" وللحديث بقية إن كان في العمر بقية [email protected]