واصلت وسائل الإعلام الغربية تسليط الضوء على "التغير المفاجئ" في موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الأزمة الأوكرانية, حيث أبرزت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية ما اعتبرته تراجعا من قبل بوتين، عندما حثّ المتمردين الموالين لموسكو في مدينة دونيتسك الأوكرانية على تأجيل استفتاء بشأن وضع المنطقة. وقالت الصحيفة في تقرير لها في 8 مايو إن تدخل بوتين ربما أنقذ حلفاءه في دونيتسك من إخفاق تام، موضحة أن نبرته التصالحية هذه جاءت بعد اجتماع في الكرملين مع الرئيس السويسري ديدييه بيركهالتر, الذي يشغل حاليا منصب رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وأضافت الصحيفة أن هذا الأمر قد يؤدي إلى صفقة يتم بموجبها إرجاء الاستفتاء, مقابل إلغاء الجيش الأوكراني الهجوم العسكري ضد متمردي دونيتسك, الموالين لروسيا. وفي السياق ذاته, اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير لها في 8 مايو تأجيل الاستفتاء في دونيتسك , "خطوة تكتيكية" من جانب بوتين. وأضافت الصحيفة "في حال إجراء الاستفتاء في دونيتسك في 11 مايو, فإن هذا الأمر كان سيقدم حجة لهذه المدنية للانضمام إلى روسيا, كما حدث في شبه جزيرة القرم". وتابعت أن الدعم الروسي العلني لهذا الاستفتاء, كان سيؤدي إلى عقوبات أوروبية وأميركية أشد ضد موسكو, وهو ما حاول بوتين تجنب حدوثه في هذا الوقت. كما علقت الصحيفة على إصرار بوتين على أن الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا يجب أن تسبقها تغييرات دستورية بهدف توحيد البلد وتقديم صلاحيات أكبر للمناطق، بأن هذه الخطوات ستصب في مصلحة نفوذ روسي أكبر على شرق أوكرانيا, بعد ضم الكرملين "القرم الأوكرانية". أما صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية, فقد أشارت إلى التشكيك الفوري للبيت الأبيض في إعلان بوتين ضرورة تأجيل الاستفتاء في المناطق, التي يسيطر عليها المتمردون الموالون لروسيا في شرق أوكرانيا، وقالت الصحيفة في تقرير لها في 8 مايو إن هذا الأمر يثير تساؤلات حول ما إذا كان بوتين قد غض الطرف عن التوسع في هذه الدولة, أو أنها مجرد محاولة لإبعاد موسكو عن المزيد من العنف والاضطرابات هناك, لتجنب عقوبات غربية إضافية. وبدورها, علقت افتتاحية "نيويورك تايمز" في 8 مايو بأن أحد الأسباب وراء تراجع بوتين ربما كان خشيته من أن العنف في جنوب شرق أوكرانيا يسير في اتجاهات قد لا يستطيع السيطرة عليها، وأن استراتيجيته للتلاعب بالتمرد هناك قد تخرج عن السيطرة. وكان بوتين قال في 7 مايو إثر لقائه رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ديدييه بوركهالتر إنه يدعو "ممثلي المناطق الجنوبيةالشرقيةلأوكرانيا الراغبين في إقامة نظام فيدرالي في البلاد إلى تأجيل الاستفتاء"، مضيفا أن ذلك سيسهم في خلق ظروف الحوار بين السلطات الأوكرانية والانفصاليين. وصرح دينيس بوشيلين -وهو زعيم انفصالي موال لروسيا- بأن الانفصاليين سيدرسون دعوة بوتين لتأجيل استفتائهم في اجتماع لجمعيتهم الشعبية في 8 مايو، وأضاف لوكالة "رويترز" في مدينة دونيتسك -التي يبلغ تعدادها مليون شخص وأعلنها الانفصاليون عاصمة "جمهورية دونيتسك الشعبية- "نُكنّ خالص الاحترام للرئيس بوتين، إذا كان يرى أن هذا (تأجيل الاستفتاء) ضروري فسوف نبحثه بالطبع". كما أعلن بوتين, إثر لقائه رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا, عن سحب قوات بلاده, المحتشدة قرب الحدود مع أوكرانيا, كبادرة لتهدئة المخاوف من تدخل عسكري روسي شرقي البلاد. وعلى الفور, شكك حلف "الناتو" في تصريحات بوتين, ونقلت قناة "الجزيرة" عن الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن قوله إنه لا يملك دلائل تثبت سحب القوات الروسية، وأضاف خلال لقاء مع وزيري الخارجية والدفاع البولنديين "لم نلحظ أي مؤشر على أن روسيا سحبت قواتها، وما زلنا نطالب بهذا الأمر بإلحاح". كما صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي بأن واشنطن لم ترصد أية علامة على انسحاب القوات الروسية من منطقة الحدود الأوكرانية، وأضافت أن روسيا أصدرت تصريحات مماثلة في مارس الماضي, "وحنثت بوعدها حينذاك". وكان الناتو قدّر في نهاية الشهر الماضي تعداد القوات الروسية المرابطة قرب الحدود مع أوكرانيا بنحو أربعين ألفاً. وسبق لموسكو أن قالت إن لها الحق بالتدخل عسكرياً في أوكرانيا لحماية الناطقين باللغة الروسية في شرقي البلاد، والذين يشكلون أغلب سكان تلك المناطق, التي سيطر فيها الانفصاليون على الكثير من المدن، ويعتزمون إجراء استفتاء للانفصال عن أوكرانيا. ووصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض دعوة بوتين الانفصاليين في شرقي أوكرانيا إلى تأجيل الاستفتاء للانفصال عن أوكرانيا الأحد المقبل بأنها "خطوة مفيدة، ولكنها قالت :" نحن بحاجة إلى أن نرى المزيد". واعتبرت ساكي أنه بإمكان روسيا استخدام نفوذها لوقف جهود الموالين لها لإجراء الاستفتاء، والتي سبق أن اعتبرته واشنطن "استفتاء صورياً وغير قانوني"، في حين وصف رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك دعوة بوتين لتأجيل الاستفتاء بأنها "هراء