مع اقتراب زيارة بعثة صندوق النقد..حكومة الانقلاب تقرر رفع أسعار الغاز والوقود والكهرباء والمياه    أول يوم دراسة.. تداول صورة لوكيل تعليم قنا نائم خلال ندوة.. والأخير يرد : التقطت قبل وصول محافظ قنا إلي الندوة    الأحزاب تستعد لمنافسة قوية في "النواب"، وسياسيون يؤكدون: فوز جميع المرشحين الحزبيين في الغرفة البرلمانية الثانية يعيد للحراك الحزبي حضوره ويؤكد حجم ثقله    رجعوا التلامذة.. انتظام الدراسة بمدارس شمال سيناء ووكيل التعليم يوزع 1200 شنطة على طلاب وسط سيناء    أسعار الجنيه الذهب في مصر.. قفزة كبيرة بدون مصنعية    سوهاج تتصدر موسم توريد القمح 2025.. زيادة 20% عن المستهدف بناتج 186 ألفًا و254 طن    عشية استئناف مؤتمر "حل الدولتين".. بريطانيا وكندا وأستراليا تعترف بفلسطين    لجنة الحكام : ندرس شكوى الأهلى ضد طارق مجدى.. وطاقم المباراة أكد عدم تخطي كرة تريزيجيه خط المرمى    ضبط 107357 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    خطوات لحماية عينيك أثناء كسوف الشمس    بسبب خطأ سائق حفار .. انفجار خط غاز بحر مويس في بنها    إلهام شاهين في صورة مع محمد منير: بنحبك ياكينج وربنا يسعدك كما أسعدت الملايين    اليوم.. انطلاق أولي حلقات "وتر حساس 2 " الموسم الثانى    إطلاق القافلة «زاد العزة» ال41 بحمولة 2500 طن مساعدات إنسانية إلى غزة    ترامب يمنح وسام الحرية الرئاسى لمنافسه السابق فى انتخابات 2016    بالصور- انتظام 12 ألف طالب بالمعاهد الأزهرية في الوادي الجديد    مدرب بيراميدز يحسم موقف رمضان صبحي من مباراة أهلي جدة    شبانة: سيد عبد الحفيظ سينوب عن الخطيب في كرة القدم بالمجلس القادم للأهلي    شبانة: إمام عاشور يكتب نهايته مع الأهلي    تقديم مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية بالدوري لدعم المنتخب الوطني    بالأرقام.. ماذا حقق خط الرورو بعد 10 أشهر على تشغيله؟- خاص    بالصور- دورات مياه كرفانات بمدارس الوادي الجديد    الفرق بين التوقيت الصيفي والشتوي.. ولماذا تلجأ الدول إلى تغيير الساعة كل عام؟    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهم في خلية النزهة الإرهابية ل 2 نوفمبر    ضبط 15 طن دواجن غير صالحة للاستهلاك الآدمى فى كرداسة    وزير الداخلية يقرر إجراء تحليل مخدرات قبل استخراج رخصة القيادة الخاصة    لماذا أحالت جهات التحقيق رمضان صبحى إلى المحاكمة الجنائية؟    بالصور- افتتاح مدرسة شبين الكوم الحديثة للغات باستثمارات 28 مليون جنيه    ضباط إسرائيليون: بعض الجنود أبدوا خوفهم من دخول المعركة بمدينة غزة    من الفن إلى الطهي وخدمة توصيل الركاب.. عبير عادل تتصدر "التريند"    خطفت الأنظار ب"الأحمر".. ملكة جمال العالم بإطلالة جريئة    ياسمينا العبد تصل الأقصر لتصوير فيلمها "كان ياما كان" مع نور النبوي    بعد دفاعها عن الفلسطينيين.. كندا تمنع فرقة راب إيرلندية من دخول البلاد    موعد صلاة العصر.. ومن دعاء الصالحين بعد ختم الصلاة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد الموافق 21 -9-2025 في سوهاج    ودع الكوليسترول الضار..8 خطوات بسيطة تغير صحتك للأفضل    وزير الصحة السنغافوري يزور معهد ناصر ويشهد خطط تحويله لمدينة النيل الطبية    آخر فرصة للتسجيل في تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات المعادلة وموعد إعلان النتيجة    جولات ميدانية واستعدادات موسعة بالمنيا لانطلاق المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين للجيش (المستندات المطلوبة)    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاحد 21-9-2025 في محافظة قنا    "أكرو مصر" تبرر أسباب رغبتها في الشطب الاختياري من البورصة    وزيرة خارجية فلسطين: لا سيادة لإسرائيل على أرض دولتنا ويجب إنهاء الإحتلال    مانشستر سيتي ضد أرسنال.. كل ما تريد معرفته موعد والقنوات الناقلة وتاريخ المواجهات    طريقة صلاة كسوف الشمس 2025 كما ورد عن النبي.. موعدها وعدد ركعاتها    المدرسة القرآنية بقرية البعيرات تحتفل بتوثيق ختام القرآن الكريم.. فيديو وصور    "الغضب يزداد من هلال".. الغندور يفجر مفاجأة حول مدرب الأهلي الجديد    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: مدينة الدواء «جيبتو فارما» أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    موقع عبري: إصابة 8 جنود بانقلاب آلية عسكرية إسرائيلية على مشارف مدينة غزة    ترامب مطالبا بمقاضاة خصومه: حاكموني مرتين ووجهوا ضدي 5 لوائح اتهام    الحليب كامل الدسم أم خالي الدسم.. أيهما الأفضل لصحة القلب؟    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    نتائج مباريات أمس السبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية طريق الصعيد الذي قادني للموت
نشر في المصريون يوم 07 - 05 - 2014

رحلة مليئة بالمفاجآت علي ( طريق الموت) طريق الصعيد ، فحدث ولاحرج ، قل فيها ماشئت .. فهى طرق اذا نجوت فيها من الحوادث فلن تنجو من قطاع الطرق والعصابات المسلحة ، وإذا نجوت من العصابات المسلحه لن تنجو سيارتك من المطبات العشوائية التى تصطاد ضحاياها من السيارات بالعشرات يوميا
وتحولها الى خردة ؛ يبدو أن الموت كتب علي أهالي الصعيد سواء بتمزيق أجسادهم تحت عجلات القطارات التي من الاساس لا تعمل الا بنصف قوتها ؛ أو باغتيال أحلامهم في حوادث السيارات التي يديرها مافيا تستغل الركاب وهناك في كل موقف مافيا لتحديد سعر الاجرة ، بات الصعايدة في حيرة من أمرهم لا يجدون حلا لوقف نزيف الدماء الذي يسيل منهم علي الطرقات فإن هربوا من حوادث السيارات واستقلوا القطارات وجدوا الموت يتربص بهم وأن قرروا استقلال السيارات وجدوها كالنعوش الطائرة التي تقودهم نحو الموت.فكل الطرق صارت سيئة السمعة وتودى بنا الى الآخرة، وقد تندهش إذا قلت لك ان جميع الطرق فى مصر وبلا استثناء بجدارة نجحت فى ان تتجاوز النقاط السوداء لمعيار السلامة والصلاحية ، ويكفى ان تعرف وحسب التقارير الدولية ان اكثر من 50 ضحية لكل 100 كيلو متر تقطعها السيارات تسقط فى مصر بسبب حوادث الطرق ، هذا مقارنة بشخص واحد فى الولايات المتحدة واقل من شخص فى بريطانيا
تكالبت المشكلات والمآسى على أهل الصعيد منذ زمن بعيد، ليجدوا أنفسهم فى مواجهة «الموت» من خلال شبكة الطرق المتهالكة سواء الرئيسية أو الفرعية فى ظل التوقف الجزئى لحركة قطارات الصعيد والتى أجبرتهم على استقلال النعوش الطائرة «سيارات الميكروباص» وكانت الطامة الكبرى بعد الثورة قيام الأهالى بعمل المطبات العشوائية التى باتت تحصد أرواح الضحايا يوميا فى ظل اختفاء العلامات الإرشادية، هذا فضلا عن مركبات التوك توك وعربات الكارو التى تفجر أزمة حقيقية على الطرق السريعة والفرعية .
بدأت الرحلة من بيتي بمركزابوتشت شمال محافظة قنا متجهاً إلى العاصمة القاهرة ، حيث مقر عملي ، كنت ارغب في الحصول علي تذكرة قطار القاهرة ولكني لم استطع توفير تذكرة نظرا لقلة القطارات التي تعمل ولضيق الوقت ؛ فقررت ان استقل سيارة ميكروباص من الميكروباصات التي تعمل بين خط الصعيد – القاهرة ؛ القصة هنا ليست قصة مافيا الميكروباصات التي تستغل الظروف وتجبرك علي دفع الاجرة التي تحددها هي بدون معايير لذلك ، حيث ان كل سائق يحدد اجرته كما يشاء ؛ انما الموضوع هو انه خرجنا من مدينتي ابوتشت من ناحية مركز دار السلام بمحافظة سوهاج اي ناحية الشرق ، وبعد سير حوالي ساعة وجدنا مشاجرة بين عائلتين بالاسلحة وانطلق وابل من الاعيرة النارية بشكل عشوائي فبدأ الخوف والذعر يدب في نفوس الركاب ، وعلي أثر ذلك بحثنا عن طريق اخر نسير فيه غير هذا الطريق ، فوجدنا طريقا اخر وسرنا فيه ، والطريق من مدينتي ابوتشت حتي سوهاج مليئة بالمفاجآت، فقد تتوقف فجأة أمام طفل لم يتجاوز عمره سبع سنوات يعبر الطريق مسرعاً إلى الناحية المقابلة ليركب إحدى سيارات الأقاليم التى وقفت فى عرض الطريق لالتقاط الركاب، وقد تجد قطيعاً من الماشية والأبقار يقطع الطريق تاركا خلفه زوبعة من التراب تجبرك على الانتظار لحين زوالها خوفاً من القادم فى الاتجاه المعاكس، الخطورة على طريق الصعيد الزراعى تزداد بالنسبة للمتجهين إلى القاهرة، فأى مفاجأة تلقى بك مباشرة فى ترعة الإبراهيمية، التى تآكل الجزء الأكبر من سياجها الحديدى ولم يتم استبداله أو ترميمه، وقد تفاجأ بقطار يقطع الطريق أمامك ، دون أن تجد إشارة ضوئية أو حاجزاً يمنع السيارات من المرور أو شرطياً يحذر المارة، فلكل مدخل قرية حادثة، ولكل مطب ضحاياه، ومياه ترعة الإبراهيمية والحقول الممتدة على جانبى الطريق تشهد على الأعداد المهولة لضحايا «طريق الموت».
بوصلنا محافظة سوهاج نبدأ مرحلة اخري من الطريق وهي مرحلة الطريق الصحراوي ؛حيث اختار السائق الطريق الصحراوى ، والذى كان رغم تحسن حالته فى كثير من الأحيان أكثر رعباً وخطورة من الزراعى، الوصلات المؤدية إلى هذا الطريق غير ممهدة تماماً، ولا يوجد لها أى لافتات أو أعمدة إنارة، ومن السهل جداً أن تضل طريقك فى قلب الصحراء بحثاً عن الطريق الرئيسى، كما أن هذه المنطقة لا توجد بها شبكات تقوية للمحمول، حاولنا استخدام الهواتف فكانت جميعها خارج التغطية، أعمدة الإنارة صدئة وملقاة فى قلب الطريق، الأجزاء المضاءة تدل على الاقتراب من إحدى اللجان على الطريق، سوى ذلك أنت مجبر على الاعتماد على أضواء سيارتك، فأى حادثة تعنى الوفاة مباشرة.
وقفا بكافتيريا بغرب اسيوط حيث جلسنا نصف ساعة تقريبا للاستراحة ، والسائق هو من يختار الكافتيريا ، لانه علي حد قوله متعود عليها ، لذلك علينا الا نفكر في الذهاب للحمام قبل ذلك ؛ وايضا علي الركاب ان يحضروا معهم طعام وشراب لطول الطريق بدون توقف ، ثم سرنا من اسيوط الي المنيا الي بني سويف الي ان نوصلنا الي الكريمات وهنا كان الموت ينتظرنا ، حيث وجدنا في هذه المنطقة ما يشبه لعبة العسكر والحرامية او القط والفار ، حيث وجدنا قطاع طرق وعصابات وتجار مخدرات وعلي المقابل قوات الأمن التي تطاردهم ، حيث الطريق ضيق شاهدنا سيارة جيب شروكي واخري تويوتا دبل كابينه تابعين للعصابة ومعهم اسلحة آلية ؛ تطاردهم قوات الامن بسيارة ميكروباص شرطية وسيارة (بوكس شرطة) ومدرعة .
كانت سيارتنا تسير بنفس سرعة سيارات الشرطة والعصابة تقريبا وبدات الاشتباكات بالاعيرة النارية بشكل عشوائي من هنا وهناك ، كنت أجلس بالمقعد الامامي من السيارة ناحية الاشتباكات فجأة وبدون مقدمات وجدت نفسي في حالة ذهول لا اعرف ماذا يحدث ؛ وبدات صرخات الاطفال والسيدات تعلو وتعلو ، فقط لم يكن امامي سوي شئ واحد.. وهو ان اردد " لا اله الا الله .. لا اله الا الله " .
كتب الله لنا النجاة والبقاء علي قيد الحياة واستطاع السائق بمهارة ان يزيد من سرعة السيارة رغم الحمولة الثقيلة بالميكروباص من ركاب وشنط كثيرة ، وتقدمنا امام سيارة العصابة والشرطة الا ان المطاردة مستمرة والموقف جعلني لا اعرف عدد القتلة والاصابات ولكن في النهاية استطاعت قوات الامن ان تسيطر علي الموقف بعد وابل من الأعيرة النارية .
في النهاية ليس الغرض من القصة المتعة او الاثارة او التسلية ، أنما الغرض منها أن نوجة نداء للاهتمام بالصعيد وبالمواطن الصعيدي ، نريد نظرة للطرق التي ينقصها وحدات شرطية واسعاف وكافة الخدمات لتوفير حياة آدمية امنة ... وهذا هو ابسط حق من حقوق المواطنة .. كلامي أنتهي ولكن أملي لن ينتهي ولن يتوقف .

* منسق مبادرة تنمية الصعيد - مؤلف كتاب جمهورية الصعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.