حضور قوي ورسالة واضحة من حزب الجبهة: المشاركة واجب وطني | فيديو    بتكلفة 2.37 مليار جنيه.. وزير التعليم العالي يتفقد مشروعات جامعة الأقصر    عصمت: تأمين التغذية الكهربائية للعملية الانتخابية وإرجاء أعمال الصيانة    ‌محكمة استئناف باريس تقرر الإفراج عن الرئيس الفرنسي الأسبق    من اقتحام الكونجرس إلى قطط أوهايو.. كيف انحازت BBC ضد ترامب؟    ريال مدريد يحدد سعر فينيسيوس بعد أزمته مع ألونسو    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لسارقي الآثار بالشرقية    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للإطمئنان على حالتهم الصحية.. صور    الداخلية تكشف تفاصيل قيام شخص بصفع سيدة في الشرقية | فيديو    تأجيل محاكمة 37 متهما بخلية الملثمين لجلسة 24 يناير    ياسر جلال يعتذر عن المعلومة الخاطئة حول نزول الجيش الجزائرى لميدان التحرير.. إنفوجراف    ثقافة بورسعيد تنظم لقاءات تثقيفية وورشا تفاعلية لدعم ذوي الهمم    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي الدولي    وزارة الصحة توفر الرعاية الطبية للناخبين أمام لجان الاقتراع فى الأقصر وأسوان    ارتفاع أسعار السجائر والدخان على أساس سنوي في أكتوبر الماضي بنسبة 26%    وزير الخارجية: العلاقات بين مصر والخليج أولوية لدى الرئيس السيسى    لقاء الشرع بأشد الداعمين للكيان الإسرائيلي في واشنطن يثير الجدل، والنشطاء: بداية تنفيذ مطالب أمريكا    شهيدي «لقمة العيش».. أهالى هربيط بالشرقية يودعون بالدموع جثماني شقيقين توأم تُوفيا بحادث سير بالسعودية    العرجاوي: إعفاء الصادرات المصرية من الجمارك الصينية خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكة بين القاهرة وبكين    بسبب الإصابة.. رينارد يستبعد مدافع المنتخب السعودي    محمد عبدالجليل: ما فعله زيزو على منصة التتويج خطأ.. وعلى الأهلي التدخل    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    بعد 40 يوما.. تصويت حاسم بمجلس الشيوخ الأمريكي لإنهاء أطول إغلاق حكومي (تقرير)    البنك المركزي المصري يطرح عطاء أذون خزانة بقيمة 1.5 مليار دولار    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    انطلاق برنامج «مشواري» لتنمية مهارات الشباب في الشرقية    مصدر من اتحاد اليد ل في الجول: تأجيل السوبر المصري في الإمارات    سعر الذهب اليوم فى مصر يسجل 5420 جنيها للجرام عيار 21    احذر قلبتهم.. 4 أبراج تكشف عن وجهها المظلم وجوانب لا تتوقعها    المتحف المصري الكبير يعلن القواعد المنظمة لزيارات المدارس الحكومية والخاصة    من المتحف الكبير لمعرض فى روما.. كنوز الفراعنة تهيمن على العالم    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    «تطوير التعليم» يطلق مبادرة «شتاء رقمي» لمضاعفة فرص الحصول على الرخص الدولية لطلاب المدارس    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    الزمالك يترقب القرار الرسمي من فيفا لإيقاف القيد بسبب قضية ساسي    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وينفذون جولات استفزازية    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    مشاركة نسائية ب«لجان 6 أكتوبر» مع انطلاق انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية طريق الصعيد الذي قادني للموت
نشر في المصريون يوم 07 - 05 - 2014

رحلة مليئة بالمفاجآت علي ( طريق الموت) طريق الصعيد ، فحدث ولاحرج ، قل فيها ماشئت .. فهى طرق اذا نجوت فيها من الحوادث فلن تنجو من قطاع الطرق والعصابات المسلحة ، وإذا نجوت من العصابات المسلحه لن تنجو سيارتك من المطبات العشوائية التى تصطاد ضحاياها من السيارات بالعشرات يوميا
وتحولها الى خردة ؛ يبدو أن الموت كتب علي أهالي الصعيد سواء بتمزيق أجسادهم تحت عجلات القطارات التي من الاساس لا تعمل الا بنصف قوتها ؛ أو باغتيال أحلامهم في حوادث السيارات التي يديرها مافيا تستغل الركاب وهناك في كل موقف مافيا لتحديد سعر الاجرة ، بات الصعايدة في حيرة من أمرهم لا يجدون حلا لوقف نزيف الدماء الذي يسيل منهم علي الطرقات فإن هربوا من حوادث السيارات واستقلوا القطارات وجدوا الموت يتربص بهم وأن قرروا استقلال السيارات وجدوها كالنعوش الطائرة التي تقودهم نحو الموت.فكل الطرق صارت سيئة السمعة وتودى بنا الى الآخرة، وقد تندهش إذا قلت لك ان جميع الطرق فى مصر وبلا استثناء بجدارة نجحت فى ان تتجاوز النقاط السوداء لمعيار السلامة والصلاحية ، ويكفى ان تعرف وحسب التقارير الدولية ان اكثر من 50 ضحية لكل 100 كيلو متر تقطعها السيارات تسقط فى مصر بسبب حوادث الطرق ، هذا مقارنة بشخص واحد فى الولايات المتحدة واقل من شخص فى بريطانيا
تكالبت المشكلات والمآسى على أهل الصعيد منذ زمن بعيد، ليجدوا أنفسهم فى مواجهة «الموت» من خلال شبكة الطرق المتهالكة سواء الرئيسية أو الفرعية فى ظل التوقف الجزئى لحركة قطارات الصعيد والتى أجبرتهم على استقلال النعوش الطائرة «سيارات الميكروباص» وكانت الطامة الكبرى بعد الثورة قيام الأهالى بعمل المطبات العشوائية التى باتت تحصد أرواح الضحايا يوميا فى ظل اختفاء العلامات الإرشادية، هذا فضلا عن مركبات التوك توك وعربات الكارو التى تفجر أزمة حقيقية على الطرق السريعة والفرعية .
بدأت الرحلة من بيتي بمركزابوتشت شمال محافظة قنا متجهاً إلى العاصمة القاهرة ، حيث مقر عملي ، كنت ارغب في الحصول علي تذكرة قطار القاهرة ولكني لم استطع توفير تذكرة نظرا لقلة القطارات التي تعمل ولضيق الوقت ؛ فقررت ان استقل سيارة ميكروباص من الميكروباصات التي تعمل بين خط الصعيد – القاهرة ؛ القصة هنا ليست قصة مافيا الميكروباصات التي تستغل الظروف وتجبرك علي دفع الاجرة التي تحددها هي بدون معايير لذلك ، حيث ان كل سائق يحدد اجرته كما يشاء ؛ انما الموضوع هو انه خرجنا من مدينتي ابوتشت من ناحية مركز دار السلام بمحافظة سوهاج اي ناحية الشرق ، وبعد سير حوالي ساعة وجدنا مشاجرة بين عائلتين بالاسلحة وانطلق وابل من الاعيرة النارية بشكل عشوائي فبدأ الخوف والذعر يدب في نفوس الركاب ، وعلي أثر ذلك بحثنا عن طريق اخر نسير فيه غير هذا الطريق ، فوجدنا طريقا اخر وسرنا فيه ، والطريق من مدينتي ابوتشت حتي سوهاج مليئة بالمفاجآت، فقد تتوقف فجأة أمام طفل لم يتجاوز عمره سبع سنوات يعبر الطريق مسرعاً إلى الناحية المقابلة ليركب إحدى سيارات الأقاليم التى وقفت فى عرض الطريق لالتقاط الركاب، وقد تجد قطيعاً من الماشية والأبقار يقطع الطريق تاركا خلفه زوبعة من التراب تجبرك على الانتظار لحين زوالها خوفاً من القادم فى الاتجاه المعاكس، الخطورة على طريق الصعيد الزراعى تزداد بالنسبة للمتجهين إلى القاهرة، فأى مفاجأة تلقى بك مباشرة فى ترعة الإبراهيمية، التى تآكل الجزء الأكبر من سياجها الحديدى ولم يتم استبداله أو ترميمه، وقد تفاجأ بقطار يقطع الطريق أمامك ، دون أن تجد إشارة ضوئية أو حاجزاً يمنع السيارات من المرور أو شرطياً يحذر المارة، فلكل مدخل قرية حادثة، ولكل مطب ضحاياه، ومياه ترعة الإبراهيمية والحقول الممتدة على جانبى الطريق تشهد على الأعداد المهولة لضحايا «طريق الموت».
بوصلنا محافظة سوهاج نبدأ مرحلة اخري من الطريق وهي مرحلة الطريق الصحراوي ؛حيث اختار السائق الطريق الصحراوى ، والذى كان رغم تحسن حالته فى كثير من الأحيان أكثر رعباً وخطورة من الزراعى، الوصلات المؤدية إلى هذا الطريق غير ممهدة تماماً، ولا يوجد لها أى لافتات أو أعمدة إنارة، ومن السهل جداً أن تضل طريقك فى قلب الصحراء بحثاً عن الطريق الرئيسى، كما أن هذه المنطقة لا توجد بها شبكات تقوية للمحمول، حاولنا استخدام الهواتف فكانت جميعها خارج التغطية، أعمدة الإنارة صدئة وملقاة فى قلب الطريق، الأجزاء المضاءة تدل على الاقتراب من إحدى اللجان على الطريق، سوى ذلك أنت مجبر على الاعتماد على أضواء سيارتك، فأى حادثة تعنى الوفاة مباشرة.
وقفا بكافتيريا بغرب اسيوط حيث جلسنا نصف ساعة تقريبا للاستراحة ، والسائق هو من يختار الكافتيريا ، لانه علي حد قوله متعود عليها ، لذلك علينا الا نفكر في الذهاب للحمام قبل ذلك ؛ وايضا علي الركاب ان يحضروا معهم طعام وشراب لطول الطريق بدون توقف ، ثم سرنا من اسيوط الي المنيا الي بني سويف الي ان نوصلنا الي الكريمات وهنا كان الموت ينتظرنا ، حيث وجدنا في هذه المنطقة ما يشبه لعبة العسكر والحرامية او القط والفار ، حيث وجدنا قطاع طرق وعصابات وتجار مخدرات وعلي المقابل قوات الأمن التي تطاردهم ، حيث الطريق ضيق شاهدنا سيارة جيب شروكي واخري تويوتا دبل كابينه تابعين للعصابة ومعهم اسلحة آلية ؛ تطاردهم قوات الامن بسيارة ميكروباص شرطية وسيارة (بوكس شرطة) ومدرعة .
كانت سيارتنا تسير بنفس سرعة سيارات الشرطة والعصابة تقريبا وبدات الاشتباكات بالاعيرة النارية بشكل عشوائي من هنا وهناك ، كنت أجلس بالمقعد الامامي من السيارة ناحية الاشتباكات فجأة وبدون مقدمات وجدت نفسي في حالة ذهول لا اعرف ماذا يحدث ؛ وبدات صرخات الاطفال والسيدات تعلو وتعلو ، فقط لم يكن امامي سوي شئ واحد.. وهو ان اردد " لا اله الا الله .. لا اله الا الله " .
كتب الله لنا النجاة والبقاء علي قيد الحياة واستطاع السائق بمهارة ان يزيد من سرعة السيارة رغم الحمولة الثقيلة بالميكروباص من ركاب وشنط كثيرة ، وتقدمنا امام سيارة العصابة والشرطة الا ان المطاردة مستمرة والموقف جعلني لا اعرف عدد القتلة والاصابات ولكن في النهاية استطاعت قوات الامن ان تسيطر علي الموقف بعد وابل من الأعيرة النارية .
في النهاية ليس الغرض من القصة المتعة او الاثارة او التسلية ، أنما الغرض منها أن نوجة نداء للاهتمام بالصعيد وبالمواطن الصعيدي ، نريد نظرة للطرق التي ينقصها وحدات شرطية واسعاف وكافة الخدمات لتوفير حياة آدمية امنة ... وهذا هو ابسط حق من حقوق المواطنة .. كلامي أنتهي ولكن أملي لن ينتهي ولن يتوقف .

* منسق مبادرة تنمية الصعيد - مؤلف كتاب جمهورية الصعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.