لم تعد كما كانت سابقاً ك"الأسرار العسكرية" يجب أن تحرص عليها، تخبئها، ترفض أن تكشف عنها لأي من هؤلاء الذين ينافسونك، فالصحفي "مصدر"، كلما ثقلت "أجندته"، كلما منحه ذلك شهادة تميز عن زملائه، فلقد استطاع شباب الصحفيين كسر تلك القواعد الصارمة التي اجتهد في الحفاظ عليها أجيال، ليكن شعار الأكثر معاناة في بلاط صاحبة الجلالة، والأكثر عرضة للموت كل يوم في التظاهرات "ليست أسرارًا عسكرية.. شير في الخير.. ويا بخت من فاد واستفاد". كل منا بدأ موضوعًا ما ثم حالة عقبة المصادر عن إتمامه، ورفض من هم أكبر منهم مساعدتهم، إلا أن آدم سعيد، مصور صحفي، قرر القضاء على فكرة احتكار المصادر الصحفية، بتدشين جروب، على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تحت مسمى "مصادر صحفية" يستطيع أي صحفي الدخول عليه والسؤال عن مصدر ما يحتاجه أيًا كان المجال، ليتطوع من لديه ذلك المصدر في مساعدته. لم تقم فكرة الجروب على العشوائية أو مجرد "السؤال والجواب"، فأعضاء الجروب يقومون بملء استمارة للمصدر الذي يقوم بتغطيته، تمهيدًا لإعداد قوائم بأسماء الصحفيين من أعضاء الجروب في كل مصدر، لتيسير عملية البحث، فإذا كنت تريد مصدرًا في وزارة ما، بدلًا من أن تطرح تساؤلاً على الجروب، أو تبحث في قوائم طويلة من الأرقام، تتوجه مباشرة إلى أحد من يقومون بتغطية أخبار تلك الوزارة. كما لم يفت آدم مشكلة عدم تحديث المصادر، فكثيرًا منها إما أن يكون غير رقم هاتفه أو توفى أو سافر، فقال، عبر الجروب: "الزميل اللي وجد المصدر اللي بيدور عليه واتأكد أنه مظبوط، زي ما استفاد يا ريت يتعب شوية ويعمل حاجة بسيطة جداً هيدخل على اللينك دة ويكتب بيانات المصدر اللي هو حصل عليها فعلا في النموذج اللي في اللينك، البيانات دي هتنضم لأرشيف بنحضره للمصادر عشان نعمل تحديث للبيانات لأن معظم الأرشيف اللي حصلنا عليه أرقام قديمة وكمان مش منظمة الأرشيف هيكون متاح للناس". ولقد وصل أعداد أعضاء الجروب خلال أيام من تدشينه إلى أكثر من 2000 صحفي. ورحب خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، بالجروب قائلًا: إن الجروب كفكرة رائعة جداً، وأنا شخصياً مشترك فيه، وتكسر فكرة محاولة البعض احتكار أرقام المصادر، مؤكدًا في الوقت ذاته أن مقولة "الصحفي مصدر" لا تعني فقط امتلاكك لرقم هاتفه، بل قدرتك على تشكيل علاقة طيبة مباشرة معه. وأشار "البلشي"، في تصريحات خاصة ل"المصريون" إلى أنه عندما كان رئيس تحرير لموقع البديل، كانت لديهم قائمة مصادر ضخمة متاحة لكل العاملين بالموقع، وكذلك في المؤسسات الصحفية الكبرى، لذلك أكثر من سيستفيد من ذلك الجروب هم شباب الصحفيين غير المنتمين لإحدى تلك المؤسسات الكبرى. وعن قدرة شباب الصحفيين على تغيير قواعد الصحافة بمثل تلك الأفكار، قال عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن ذلك أفضل ما قد يستطيع تحقيقه الجروب إذا تم تطويره وعدم اقتصاره على فكرة تبادل المصادر، بحيث يصبح "لوبي ضغط" مكون من تجمع ضخم لشباب الصحفيين يهدف إلى كسر الكثير مما تم التعامل معه كقواعد في الصحافة، سواء في أسلوب العمل داخل المؤسسات الصحفية أو غيره، وفكرة احتكار الحقيقية، وأضاف "أتمنى أن يستطيع الجروب تحقيق ذلك، ويصبح لدينا العديد من مجموعات الضغط لتصحيح مسار العمل الصحفي".