هي ظاهرة مصرية بكل المقاييس .. لست ادري هل هي ميراث يحمله الابناء عن الاباء والاجداد ..أم انها ثمة رياح اثمة أتت عبر نوافذ الحرية والانعتاق .. أم انها لعنة تصيب المصريين فقط من دون البشر .. الكيد السياسي .. أو الثار السياسي .. والذي بات ثقافة لاينفك كل سياسي او عامل بالسياسة او الشان العام .. يلجأ اليها ويعتمدها كسياسة واستراتيجية واسلوب للنيل من خصومه أو من منافسيه .. والذي أصبح داء يعاني منه فئة من الناس ظهرت في اعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير ومابعدها من أحداث وتغيرات . هؤلاء الناس .. أطلق عليهم البعض راكبو الموجة .. والبعض أطلق عليهم لفظة المتحولون ، وهلم جرا من المسميات والتوصيفات .. هذه الفئة من الناس ، لم تكن موجودة من قبل على الأقل بنفس هذا القدر بل هي افرازات مرحلة التحول السياسي والديموقراطي في مصر ، وهي أيضا عنوان المرحلة التي نعيشها الان والتي تتسم بالسيولة الثورية او الفكرية او الحضارية . .. أعجب أشد العجب ممن كانوا ينتسبون الى التيار الليبرالي في مصر .. ولمجرد الاختلاف في الراي .. يتحول المرء منهم الى خصم عنيد ، يستخدم كل اسلحته من النيل من رفاق الامس .. خصوم اليوم ، بل أن البعض راح في خضم هذه الخصومة او المنافسة يستخدم كل مالديه من اسلحة وعتاد دون وازع من خلق او ضمير ، بل بات البعض منهم يعتمد علي مالديه من معارف ومعلومات في الاسترزاق ، فغدت مهنة المتحولين هؤلاء هي الارتزاق من وسائل الاعلام التي اصبح ضيفا على وسائلها وشاشاتها وقد ارتدى أردية السياسيين وتكلم مثلهم ..وتحولت المبادئ والقيم الى حرفة الأكل على كل الموائد .. أيا كانت قائمة الطعام ..ومن ثم راح يدبج المقالات ، والمشاركات الاعلامية كاشفا عما لديه من معلومات او اسرار رفاق النضال السياسي تحت عباءة الليبرالية ، وربما يزيد فنراه يلجأ الى استخدام اسلحة الغدر الاجتماعي ، والخيانة الثقافية ، ويكشف عما اؤتمن عليه من اسرار إن كانت هناك أسرار أصلا .. وهكذا يفعل بعض الذين ينتسبون الى التيار الديني ، بعد أن انقلبوا عليه ، وتحولوا الى النقيض .. فراحوا ينسبون كل نقيصة ومذلة ، وكل مسبة الى زملاء الامس ، ورفاق العقيدة ، وتحول الخلاف السياسي او الفكري الى ثأر شخصي ومن ثم تحول إلى سبوبة .. ووسيلة ارتزاق من وسائل الاعلام .. وقد اعتمد فريق من هؤلاء المتحولين على ثقافة الثأر السياسي .. او سياسة الانتقام الجماعي او الفردي ربما لشئ في النفوس علق لسبب او لآخر ، أو لمنافسة قديمة ، أو لتصرف مستهجن .. او غير ذلك من اسباب الخلاف التي لا ينبغي لها ان ترقى الى الخصومة التي تستوجب الثار او الانتقام . حتى أن فريقا من المتحولين . أخذ يحرص على ان يكون من انقلب عليهم أو خاصمهم ، شغله الشاغل ، او قضيته التي لا يتنازل عنها ، من ثم يظهر ولعه الشديد بفضح وكشف المستور مما عرفه ، ربما يلجأ الى الكذب والخداع كي يبدو مقنعا لسامعيه أو زبائنه الذين يشترون بضاعته الفاسدة اخلاقيا وانسانيا وسلعته الراكدة التي تجد رواجا في سوق النخاسة السياسية او الاعلامية لافرق هؤلاء واولئك.. وقد ظهرت عليهم اثار النعمة مما يحصلون عليه لقاء افتراءاتهم واكاذيبهم ، وربما جراء بيع ضمائرهم .. وما تبقى لديهم من شرف انساني .. لمن يدفع في سوق السياسة .. والمتسيسين . في الحقيقة .. اتخيل واحدا من اصدقائي وقد انقلب علي ، وتحول عني ولو بسبب كيف له أن يبيع لحمي ودمي في اي سوق .. مهما كثر المشترون .. ومهما تعاظمت قيمة الخيانة والغدر .. هذا النوع من البشر .. اراهم كثر . وقد امتلات بهم الساحات والشاشات وصفحات الصحف .. وقد غرتهم دنانير ودراهم ودولارات الخسة والندالة .. وانا على يقين من انهم يكذبون ويزيدون في الكذب والادعاء كلما علا رنين الدراهم والدنانير والجنيهات وزاد لمعانها .. واحد من هؤلاء .. مايزال يعرض بضاعته وقد خلا مخزونه من اي قيمة على اي عابر سبيل يدفع ..فاراه يبدع في الكذب ، ويسرف في الإدعاء بالباطل وحتى لو ان مايدعيه كان صدقا .. فانه لا يجوز بالمعيار الاخلاقي والانساني أن يسلك هذا المسلك أو ذاك .. فديننا ينهانا عن الغدر والخيانة والوشاية والخسة والندالة .. لست ادري كلما رأيت او سمعت واحدا منهم ادخل في عمق ذاتي واتقوقع ، وأزيد في تجنب الناس ، والابتعاد عن اصدقائي .. خشية أن اصبح واحدا من ضحايا المتحولين من هؤلاء الاصدقاء .. أقول هذا واتذكر مقولة " اللهم أكفني شر اصدقائي .. أما أعدائي فأنا كفيل بهم .. فاراها مقولة صدق .. ثم اردد لنفسي ولهؤلاء واولئك كلام الله فلي كتابه العزيز : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12] كما نهانا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة والنميمة والكذب والبهتان والدس والوقيعة وقول الزور والافتراء .. والفتوى بغير علم .. وغير ذلك كثير والذي اصبح والعياذ بالله تجارة رابحة في زمن الربيع العربي الملطخ بالدم .. واختم بدعاء خاص : رحمتك يارب ..