أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجددا في باريس أمس عزمه على التوجه إلى الأممالمتحدة في سبتمبر/ أيلول القادم لطلب اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية على حدود 1967. وفي حال نيل اعتراف دولي وإعلان الاستقلال، فإنه لن يكون الأول إذ سبقه الإعلان مرتين عن الاستقلال وعن قيام الدولة الفلسطينية دون أن ترى هذه الدولة النور. لكن الفرق بين الإعلان المرجو في سبتمبر/ أيلول القادم والإعلانات السابقة أنه سيكون هذه المرة بالجمعية العامة للأمم المتحدة تماما كما تم الاعتراف بإسرائيل عام 1948، وفي ظل وجود السلطة الفلسطينية الآن. سوابق وحين أعلنت بريطانيا يوم 23 سبتمبر/ أيلول 1948 نيتها إنهاء انتدابها بفلسطين, وإحالة القضية إلى الأممالمتحدة، تشكلت بقرار من الجامعة العربية الهيئة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني لتمثل الفلسطينيين. وقررت الهيئة تشكيل "حكومة عموم فلسطين" في غزة برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي، فاعترفت بها معظم الدول العربية وعارضتها بعضها. وفي الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 1948, دعت الحكومة إلى مجلس وطني فلسطيني عُقد في غزة، وتم فيه الإعلان عن شرعية الحكومة, وتقرر إعلان استقلال فلسطين. وحدد إعلان استقلال حدود فلسطين بسوريا ولبنان شمالا، وسوريا وشرق الأردن شرقا، والبحر الأبيض المتوسط غربا، ومصر جنوبا، لكن مع تقسيم فلسطين, قامت إسرائيل, ولم تر الدولة الفلسطينية النور. حنا عيسى لا يرى مؤشرات إيجابية على اعتراف دولي (الجزيرة نت) يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1988, أعلن المجلس الوطني الفلسطيني بدورته ال19 التي عقدت بالجزائر، للمرة الثانية استقلال دولة فلسطين، وهذه المرة على الأراضي المحتلة عام 1967. وأُعلن حينئذ ما بات يعرف بوثيقة الاستقلال. وفور الإعلان, اعترفت أكثر من مائة دولة بهذا الاستقلال غير المتحقق على الأرض، وافتتحت ممثليات لمنظمة التحرير الفلسطينية حتى الآن في نحو 140 دولة. وجاءت هذه الدورة بذروة الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت أواخر 1987، غير أن ذلك لم يغير شيئا على الأرض، بل قوبل هذا الإعلان ببرود أميركي، ولم تمنح الولاياتالمتحدة الرئيس الراحل ياسر عرفات تأشيرة دخول للذهاب إلى نيويورك حيث مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة. أبعاد الاعتراف ورغم أن هذا الإعلان المرجو –في حال تحققه- سيتم لدولة خاضعة للاحتلال وفي ظل سلطة تملك مؤسسات بلا سيادة، فإنه يختلف عن الإعلانات السابقة لأنه يأتي من أعلى هيئة أممية، ويترتب عليه استحقاقات قانونية تتعلق بوجود المستوطنات وجيش الاحتلال بالضفة، وتحويل الممثليات الفلسطينية إلى سفارات، وحرية توقيع الاتفاقيات الثنائية, واللجوء باسم فلسطين للمحاكم الدولية ضد جرائم الحرب. وقال أستاذ القانون الدولي بجامعة القدس محمد فهد الشلالدة إن التوجه للجمعية العامة خطوة قانونية هامة لأنها تعطي الأولوية لأعضاء المجتمع الدولي ليعترفوا بالدولة الفلسطينية باعتباره جزءا قانونيا مهما, ومكملا لأركان الدولة. وأضاف أن الاعتراف يتيح للدولة ممارسة سياستها الخارجية مع باقي دول العالم، خاصة إبرام المعاهدات الدولية والانضمام لها, وعلى رأسها ميثاق الأممالمتحدة. " اقرأ أيضا: فلسطين الدولة الحلم " أما أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي الفلسطيني السابق حنا عيسى, فقال إن إعلان 1988 كان معنويا وشبيها بالحكومة الفرنسية التي أعلنت بالمنفى زمن أدولف هتلر. أما الإعلان الذي يدور الحديث عنه فسيكون واقعيا لأن السلطة الفلسطينية تمارس بعض صلاحياتها في مناطق "أ" و"ب" في الضفة الغربية مما سيخلق إشكالية كبيرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. لكن عيسى لا يرى مع ذلك مؤشرات إيجابية على الاعتراف بالدولة المستقلة، ولم يستبعد قيام إسرائيل بالاحتلال الفعلي للأراضي الفلسطينية لحجب إقامة الدولة، مشيرا إلى إعلان واشنطن عدم اعترافها بأية دولة فلسطينية تتم خارج إطار المفاوضات، وهو ما يقلص فرصة حصول الدولة على الاعتراف.