هل أصبح الحديث عن قوانين إسلامية تتوافق مع المادة الثانية من الدستور جريمة أو عارا يدعوا للخجل؟!، وهل أصبح القول بأن مصر دولة إسلامية رغم أن دستورها ينص على ذلك صراحة فضيحة سياسية وعملا شائنا يستحق العقوبة؟! وهل أصبحت الدعوة إلى تحقيق الوحدة الإسلامية الشاملة فعلا فاضحا في الطريق العام؟!، وهل أصبح زي المرأة المسلمة حجابا كان أو نقابا عارا وشنارا وتخلفا لابد أن نتخلص منه بعد ثورتنا المجيدة؟!. قبل أيام قليلة نطق قياديان بجماعة الإخوان كلمات تقليدية دفاعا عن الشريعة عرضت الجماعة لقصف إعلامي مركز من كتائب ساويرس الإعلامية، لم تأبه تلك الكتائب بحقيقة ما جرى في المؤتمر الشعبي الذي تحدث فيه نائب المرشد الدكتور محمود عزت وعضو مكتب الإرشاد المهندس سعد الحسيني، ولا بحقيقة التشبيه الخاص بترسيم الحدود بعد وجود الأرض، والمعنى يفهمه البسطاء جيدا وإن عجز عن فهمه أو راوغ في فهمه أدعياء الثقافة وهو يعني بداهة أنك لايمكن أن تحدد حدود أرض بينما أنت لاتحوذ هذه الأرض، وهو معنى مجازي لتبسيط قضية تطبيق الحدود الشرعية التي تحتاج أولا لإيجاد الأرضية الملائمة للتطبيق، ورغم أنه كلام في غاية الاعتدال، لكن من الواضح أن القوى العلمانية في مصرلم تعد تقبل بأقل من إنسلاخ الإسلاميين تماما من مبادئهم، وتجردهم من ثيابهم حتى يمكن قبولهم فيما يصفونه بالجماعة الوطنية، وهو مسمى وهمي لبعض المجموعات اليسارية والليبرالية التي حاولت احتكار الوطنية، وراحت تمنح صكوكها لمن تشاء وتمنعها عمن تشاء، رغم ان هذه المجموعات التي صدعت رؤوسنا قبل الإستفتاء الدستوري الأخير ظهر أن نسبتها في المجتمع لم تتجاوز 10% في أحسن الأحوال، ومع ذلك تصف نفسها بأنها هي الجماعة الوطنية وأن من يخرج عليها هو خارج عن الجماعة الوطنية، أي أن أكثر من ثلاثة أرباع المصريين خارجون على الجماعة الوطنية!!. فارق كبير بين تهدئة مخاوف النخب الثقافية والأخوة الأقباط من صعود الإسلاميين بعد الثورة وبين تنازل هؤلاء الإسلاميين، ومطالبتهم بالتنازل عن ثوابتهم وأساس شرعيتهم وهو الدعوة لتطبيق الإسلام شريعة وعقيدة وأخلاقا في المجتمع، فارق كبير بين قيام الإسلاميين بتوضيح حقيقة مواقفهم من تطبيق الشريعة وشروط هذا التطبيق، وإزالة الأوهام والتصورات الخاطئة التي كرسها العلمانيون والكارهون عن هذا التطبيق، وبين تبرؤهم منها رضوخا لمطالب أقلية سياسية أو طائفية وهو ما ينزع عنهم مشروعية بقائهم، ويعريهم تماما أمام أغلبية الشعب التي تتوق لإرضاء ربها بتطبيق شريعته. تطبيق الحدود الشرعية لن يتم بجرة قلم، أو بقرار عسكري، بل بعد نقاش مجتمعي وسن قوانين يشارك في وضعها نواب وقانونيون ومنظمات مجتمع مدني الخ، ثم يطبقها قضاء عادل يوفر كل ضمانات العدالة والنزاهة وليس بأيدي سعيط ومعيط ونطاط الحيط، ويراقب دستورية هذه القوانين محكمة دستورية عليا تضم أكفأ قضاة مصر. تطبيق الشريعة لن يوجد مجتمعا من المشوهين كما يدعي الكارهون، بل إنه سيوجد مجتمعا من الفضلاء، فقطع يد سارق واحد، تجعله عبرة لكل اللصوص، وبالتالي توفر أمنا للمجتمع كله، ليس متوقعا أن يتم تطبيق الشريعة بشكل عاجل، بل يحتاج الأمر لتوفر ظروف موضوعية قبل التطبيق، ويحتاج تمهيدا ضروريا لإقناع الخائفين، ويحتاج بنية تشريعية متكاملة، لكن كل ذلك ينبغي أن لا يمنع الإسلاميين من الدعوة إلى تطبيقها حين تتوفر تلك الشروط، ولا يقبل أبدا من فلول القوى العلمانية سواء كانت يسارية أو ليبرالية أن تنشر حالة ترهيب عامة للمجتمع من أحكام الشريعة، فالحقيقة أن هؤلاء العلمانيين المتطرفين لا يدافعون عن الشعب الذي هو متدين في غالبيته وإنما يدافعون عن سلوكياتهم هم. لم يخف الإسلاميون يوما أنهم دعاة لتطبيق الإسلام شريعة وعقيدة وسلوكا، وهل يعقل أن يكون وصفهم هكذا "إسلاميون"- إخوان مسلمون – سلفيون – جهاديون – أنصار سنة - ثم نتوقع منهم أن يدعون مثلا للأفكار العلمانية أو الإلحادية؟! هل يكون " الإسلام هو الحل" شعارهم ثم يتنكرون لهذا الحل حرصا على مشاعر الآخرين؟!، لقد تجاوب الشعب المصري من قبل مع هذا الشعار، بعد أن لمس صدق من يرفع هذا الشعار، وبعد أن رأى التضحيات الكبيرة في سبيله، سجنا وتغريبا وتعذيبا ومحاكمة وفصلا من العمل وحرمانا من التمثيل النيابي، والعصمة لاتزال بيد الشعب في أي إنتخابات مقبلة يمكنه أن يرفض اصحاب هذه الشعار أو يقبلهم، او يمنح ثقته لغيرهم من أصحاب الشعارات الأخرى.