رسميًا.. اليوم إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين بالحكومة والقطاع الخاص    سعر سبيكة الذهب اليوم الخميس 26-6-2025 بعد الارتفاع الجديد (جميع الأوزان)    موعد صرف معاشات يوليو 2025 بعد قرار السيسي بتطبيق الزيادة الجديدة    البيت الأبيض: لا مؤشرات على نقل إيران لليورانيوم المخصب قبل الضربات الأمريكية    عشائر غزة تؤمن مساعدات وصلت لبرنامج الأغذية العالمي خشية نهبها    كارني: كندا لا تخطط للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي    ريفر بليت آخر المنضمين.. 14 فريقًا ودعوا كأس العالم للأندية    «ميسي المنصورة» موهبة كروية فريدة تنضم لناشئي فريق المقاولون للعرب    «قمة عربية».. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة في كأس العالم للأندية    طقس اليوم: شديد الحرارة رطب نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 35    اليوم.. 62 ألف طالب وطالبة بالثانوية العامة بالشرقية يؤدون امتحانات الفيزياء والتاريخ    نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة المنوفية 2025.. خبر سار    نموذج حل امتحان الفيزياء للثانوية العامة 2024 و 2023 (أسئلة وإجابة).. امتحانات الصف الثالث الثانوي السابقة pdf    تامر حسين يكشف عن تحضيرات اغنية «ابتدينا» مع عمرو دياب: «وش الخير»    تهنئة العام الهجري الجديد 1447 مكتوبة للأصدقاء والأحباب (صور وأدعية)    القانون يحدد شروط لإصدار الفتوى.. تعرف عليها    وفد برلماني من لجنة الإدارة المحلية يتفقد شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    رسالة وداع مؤثرة من حمزة المثلوثي لجماهير الزمالك.. أنتم الروح    "وشلون أحبك".. على معلول يتغزل بزوجته بصورة جديدة    21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    راغب علامة يكسر الرقم القياسي في "منصة النهضة" ب150 ألف متفرج بمهرجان "موازين"    بينهم إصابات خطيرة.. 3 شهداء و7 مصابين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    لمنع تأمين مساعدات غزة.. نتنياهو يصدر أمرًا بالتدخل العسكري    مصرع 2 وإصابة 6 في انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي البحيرة    مها الصغير تتهم أحمد السقا بضربها داخل كمبوند    إصابة 10 أشخاص في حادث على طريق 36 الحربي بالإسماعيلية    5 أيام حمائم.. كيف انتهت حرب إيران وإسرائيل ب"شكرًا لحسن تعاونكم معنا"؟    محمد رمضان: "رفضت عرض في الدراما من أسبوع ب 200 مليون جنيه"    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    «نقل الكهرباء» توقع عقدًا جديدًا لإنشاء خط هوائي مزدوج الدائرة    مؤتمر إنزاجي: سنحاول استغلال الفرص أمام باتشوكا.. وهذا موقف ميتروفيتش    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    التشكيل الرسمي لقمة الإنتر ضد ريفر بليت فى كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    تمريض حاضر وطبيب غائب.. رئيس الوحدة المحلية لنجع حمادي يفاجئ وحدة الحلفاية الصحية بزيارة ليلية (صور)    قافلة طبية لعلاج المواطنين بقرية السمطا في قنا.. وندوات إرشاية لتحذير المواطنين من خطر الإدمان    مينا مسعود يزور مستشفى 57357 لدعم الأطفال مرضى السرطان (صور)    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تُلزم بإضافة تحذير عن خطر نادر للقلب بسبب لقاحات كورونا    صحة مطروح تنظم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم    الزمالك يستقر على قائمته الأولى قبل إرسالها لاتحاد الكرة    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مسيّرة مجهولة قرب الحدود مع العراق    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    محافظ قنا يتفقد مشروع تطوير ميدان المحطة.. ويؤكد: نسعى لمدينة خضراء صديقة للبيئة    حضور جماهيرى كبير.. ويل سميث لأول مرة فى مهرجان موازين بالمغرب (صور)    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المؤبد لطالب أنهى حياة آخر    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    رئيس هيئة الدواء المصرية: نحرص على شراكات إفريقية تعزز الاكتفاء الدوائي    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    بلاغ رسمي ضد أحمد السقا.. طليقته تتهمه بالاعتداء عليها وسبّها أمام السكان    جمال الكشكي: سياسة مصر تدعم الاستقرار وتدعو دائما لاحترام سيادة الدول    ممر شرفي من المعتمرين استعدادا لدخول كسوة الكعبة الجديدة (فيديو)    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النخبة الثقافية بين القهر الثقافي وأزمة فهم الديمقراطية
نشر في المصريون يوم 19 - 04 - 2011

الذي يحاول العودة للتعرف هذه الأيام علي مفهوم الديمقراطية والليبرالية والحرية كما تحاول أن تمليها مجموعة من المثقفين تعرف بالنخبة الثقافية يجد أنها تخلوا تماما من آداب الخلاف والاختلاف ويدرك أننا في أزمة حقيقية لا في فهمنا نحن لها ولكن في فهم هذه النخبة لهذه المفاهيم وقدر تباينها . والأدهي أن هذه النخبة تسعى جاهدة لتصدير أزمة اختلال فهمها وتلونه وتباينه إلي الناس بشكل يؤكد رغبتها في الإملاء والفرض وليس الحوار القائم علي تقدير إمكانية صواب رأي الغير.
والغريب أن وسائل الإعلام تواصل فتح أبوابها لهذه النخبة لتكرر ما تقول وكأنها هي القدر المحتوم علينا، فكلما قلبت قناة فضائية تجد أحد مروجيها يتنقل بنفس الكلام بين هذه الفضائيات اللهم إلا من تغيير للكرافتات أو تسريحة الشعر الغجري المنكوش، أو بعض مصطلحات مصاغة بلغات الغرب الذي جعلوه وحده قبلتهم الحضارية ونابوا عنه في أن يكونوا سهامه المصوبة إلي حضارة بلادهم.
وأغلب كوادر هذه النخبة تكونت ثقافتها وقناعاتها في أزمنة كانت أبعد ما تكون عن الحرية، والمناهج والمصادر التي شكلت ثقافتهم كانت في أغلبها موجهة وصادمة تعتمد علي مصادرة رأي الغير مهما كانت حججه، ونمت في ظل غيابه أو تغييبه، وابتعدت بالتالي بأصحابها عن رأي قطاع كبير من الشارع المصري كما الشارع العربي وأصبحت معزولة عنه متفاخرة بالنظر من برج عاجي، وفسرت ببجاحة سبب عزلتها إلي انتشار الأمية السياسية وأنها وحدها المحتكرة للثقافة دون أن ترجعها إلي عجزها عن تقديم منتج ثقافي يترجم توجهات الشعب ويعبر عن مصالحه.
تلك كانت أزمة النخبة الثقافية في مصر منذ انقلاب الجيش في 1952 حيث أراد النظام في الحقبة الناصرية التقرب إلي الناس من خلال ثقافة تابعة وموجهة فلم يكن أمامه سوى الاعتماد علي كوادر عسكرية لتتولي المؤسسات الثقافية لم ترق إلي درجة النخبة، وأشركوا معهم كوادر من العهد الليبرالي السابق لم تفلح هي الأخرى في التهيئة لقبول أفكار اليسار الاشتراكي الذي تبنوه .
وحين جاءت حقبة السادات لتحدث التحول إلي الليبرالية اعتمدت علي كوادر كانت قد شبت علي الأفكار اليسارية وتمرست علي ثقافة التبعية فلم تفلح في التهيئة لليبرالية، وبدت عليها علامات التلون والتخبط فانتقلت من الاتحاد الاشتراكي إلي حزب مصر إلي الحزب الوطني مؤكدة ثقافة الاحتماء والتبعية .
وشكّل هؤلاء المتخبطون في عصر مبارك عصب النخبة الثقافية التي تسيدت وسائل الإعلام والتأثير، وبرع منهم المنظرون والفلاسفة المبررون لفضل النظام وسلامة خططه وحقيقة معاناته من أجل صالح شعب مصر، وظل البعض الآخر منهم والذي لم يجد له موطئ قدم في زحام المنافقين والملفقين حائرا بين ثقافة المصالح وتجارة الثقافة .
وفي أعقاب نجاح ثورة شعب مصر في يناير2011 حاول بعض تجار الثقافة الذين لم يفلحوا في الغرف من بحر الفساد إعادة تفسير بعض أقوالهم أو كتاباتهم بأنها كانت تحمل في طياتها تبشيرا بالثورة وهجوما علي الفساد، وحاول البعض الآخر ممن لم يجد له أي رصيد يمكن تسويقه التمسح بما أبداه من بطولة تفوق الحروب في ميدان التحرير ونسج حول دوره قصصا تصلح أن تكون أفلاما وأن ذلك كفيل بمنحه صك مشروعية قبول آرائه وأن الإنصات إلي نصائحه فرض عين علي الجميع .
وأغلب النخب الثقافية التي تتسيد وسائل الإعلام في بلادنا هذه الأيام هي من كوادر كليات الإعلام والعلوم السياسية، وقد تكونت علميا علي مناهج أغلبها مستورد ولاصلة له بتراثنا الحضاري إلا من باب تفسيرهم أو تفسير ملقنيهم له، وهم أقرب إلي تفسير الحدث لا إلي صنعه ، وليس أدل علي ذلك إلا موقفها الدائم من رفض التيار الديني ومحاولة تخويف الناس منه، والتنقيب فيه عن مواطن الضعف وفترات الانكسار وشواذ الأفكار، أو وفقا للمثل الشعبي عدوك يتمنالك الغلط . كما أنهم في ادعائهم بأنهم يدعون للديمقراطية لا يلتزمون بأي جانب فيها فهم يصادرون رأي هذا التيار ويأتون بما يتهمون به غيرهم في رفضهم للآخر وعدم قبولهم للحوار معه، وهذا بالضبط ما تقوم أمريكا به قبلتهم في الديمقراطية ، مع أنهم يدركون أنه الأقرب إلي الشعب من ادعاءاتهم مهما روجوا لها ، وأن تقبل المصريين للقيم الدينية ودفاعهم عنها قديم قدم وجودهم التاريخي وأساسهم الحضاري.
والماركسيون من هذه النخبة والذين تعودوا تسيد الساحة وحدهم دون وجود غيرهم تكونت ثقافتهم علي كره ورفض التيارين الليبرالي والإسلامي علي السواء، لكن إمكانية تلاقيهم مع الليبراليين ممكنة طالما كانت علي حساب التيار الإسلامي. ومع أنهم تظاهروا بأنهم حملوا لواء المعارضة في عصر الفساد الماضي إلا أنهم قبلوا تسييسه لهم فرئيس حزب التجمع كان يسعي لأن يعينه الرئيس المخلوع عضوا في مجلس الشوري الذي يلوح الآن بفساده .
والسؤال المحير الذي يجب أن يطرحه شباب مصر هل هذه الكوادر مؤتمنة علي حتى المشاركة في بناء الثقافة السياسية في مصر ؟ وهل لا ينبغي أن يشملها التغيير أو التطهير فورا أو تصويب مسارها وقناعاتها في ضرورة احترام رأي الغير ؟ وهل المناهج التي أسهمت في تكوينها وتواصل من خلالها تكوين كوادر أخرى ستترك لتحكم مستقبل شبابنا ؟ وهل المصادر الثقافية المتمثلة في الأبحاث والمؤلفات التي امتلأت بها المكتبات والمنتديات والقنوات ستظل دون نقد أو تغيير أو توضيح لأبعادها وحقيقة مراميها ؟
وإذا كان الرأي العام في مصر الذي يتهمونه بالجهل قد رد بوعي عليهم في الاستفتاء الحر الأخير فهل سيؤثر ذلك علي تصويب موقفهم واعتدال آرائهم ؟ وهل سيعودوا ليتعلموا من تاريخ مصر عن أسباب استمرار تهميش التيار الليبرالي الذي سخر له دعاته كل الإمكانات منذ عصر الحملة الفرنسية ومحمد علي إلي عصر مبارك ؟ وعن أسباب انحسار التيار اليساري الذي يعود في نشأته إلي أعقاب العالمية الأولي ورفض أغلب الشعب له ؟ وأن كلا التيارين مازال وسيظل يعاني من عسر الهضم في معدة المصريين برغم كل ما أتيح لدعاته من عوامل السطو والقهر والقوة والتمكين ؟
وهنا أستعير مصطلح القهر الثقافي الذي تمارسه هذه النخبة الذي سمعته من المفكر الكبير فهمي هويدي والذي يستوجب الثورة لكونه لا يتقبل التيار الإسلامي ثم يحاول أن يلصق التهمة به، والثورة علي المناهج التي تعكس لا التعلم من الغرب وإنما التبعية له تحت مسمي وحدة الحضارة وحرية التعلم .
إننا في حاجة إلي بناء كيان ثقافي متوازن يجمع بين الأصالة التي تتمثل في مشروعية الاستلهام من رصيدنا القيمي الحضاري، والمعاصرة التي تفتح عقولنا علي كل جديد يناسبنا في الشرق أو في الغرب، فمثل هذا الكيان المأمول هو الكفيل بالحفاظ علي هويتنا الحضارية وحمايتها من لهيب العولمة الرامي إلي استعبادنا وقهرنا إذا ما اتبعنا ما تبشرنا به هذه النخبة. ويثق الكثيرون بأن شبابنا يدركون الفارق بين ثقافة القيم وثقافة المصلحة المؤقتة ، وإن غدا لناظره قريب .
* مؤرخ مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.