كان شعار " إيران ام القرى الإسلامية " من بين الشعارات الوهاجة العديدة التي رفعها الخميني عند انتصار الثورة وتأسيس نظام الجمهورية الإيرانية الذي على الرغم من مضي أكثر من ثلاثة عقودا على قيامه فقد بقيت اغلب هذه الشعارات حبرا على ورق ولم يتحقق أيا منها ما عدى شعارا واحدا مازال تطبيقه مستمر بحماس‘ وهذا الشعار كان قد رفعه احد المقربين للخميني وهو" آية الله صادق خلخالي" (مات في 26 من تشرين الثاني عام 2003م) رئيس المحاكم الثورية آنذاك وكان عنوان شعاره (أنا أعدم فأن كان المتهم بريء فإلى الجنة وأن كان مذنبا فإلى النار) ‘ و المحاكم الثورية ماتزال تطبق هذا الشعار بكل أمانة وإخلاص ‘ وفاء منها لصاحبه الذي كان الخميني يعده عينه التي يرى بها المتآمرين على الثورة ‘ ويده اليمنى التي يبطش بها المفسدين والمحاربين لله في الأرض‘ حسب زعمه . فما عدى ذلك فان فاغلب الشعارات التي رفعت آنذاك و كانت تعبر عن مشاريع سياسية ‘ ثقافية ‘ اقتصادية ‘ عسكرية واجتماعية واعتبر تطبيقها من اوجب الواجبات الشرعية ‘ فقد فشلت جميعها ولم يبقى منها سوى ما يتم ترديده بين الحين والآخر في مصلى الجمعة في جامعة طهران . فمن ضمن المشاريع التي فشل النظام الايراني في الارتقاء بها الى مستوى الشعارات التي رفعها ‘ كان المشروع الاقتصادي وهو ثالث أهم مشروع في برنامج الدولة الدينية او ما سمي " بجمهورية ام القرى" ‘ وذلك على الرغم من امتلاك إيران لثروات طبيعية هائل بالإضافة الى ما وفرته عائدات النفط والغاز من دخل كبير للدولة خلال العقود الثلاثة الماضية ‘إلا ان نظام الملالي فشل في إيجاد مكانة اقتصادية لائقة لإيران في السوق العالمي . فيكفي مقارنة إيران بدول حديثة النهوض مثل ‘ كورية الجنوبية ‘ البرازيل ‘ تركية ‘ افريقيا الجنوبية او شيلي لترى مدى التخلف الذي تعيشه إيران قياساً بالتقدم الذي حصل خلال الثلاثين عاما الماضية في هذه الدول التي لا تمتلك أي شيء من الثروة النفطية التي تمتلكها إيران و لكنها استطاعت ان تحقق مكانة اقتصادية لائقة بلغ فيها نصيب الفرد من حيث الناتج المحلي الإجمالي 87 على مستوى العالمي. كان قادة الجمهورية الإيرانية يتهمون الشاه بأنه ربط الاقتصاد الإيراني بموارد بيع النفط ولكن بعد مرور 32 عاما من انتصار الثورة نجد ان ميزانية الحكومة ماتزال معتمدة اعتمادا كليا على بيع النفط وبدون ذلك فهم عاجزون عن تلبية أي موارد مالية للبلاد . فالإخفاقات الاقتصادية التي أصيبت بها الجمهورية الإيرانية وعدم حصول تنمية كافية‘أدت الى تهيئة الأرضية لتزايد الفجوة الطبقية وغياب الرفاه الاجتماعي العام . وبسبب التخوف من تزايد التململ في الشارع الايراني فان السلطات تمتنع عن أعطاء إحصائيات حقيقية عن نسبة السكان الذين يعيشون ( تتجاوز نسبتهم العشرين بالمئة ) تحت خط الفقر. كما ان جميع المؤشرات الاقتصادية تؤكد ان نسبة البطالة تزيد على ال (15 بالمئة)‘ وان نسبة التضخم باتت مضاعفة . كما ان النمو والاستثمار، والاستثمار الأجنبي، وكفاءة الإنتاج مقارنة مع الدول المماثلة ليست في حالة جيدة. ان ما يشهده الوضع الاقتصادي الايراني ‘على الصعيد الداخلي والخارجي‘ من فساد مستشري في كافة مفاصله يظهر بوضوح بما لا يترك مجالا للشك ان المشروع الديني للجمهورية الإيرانية ‘ ليس فقط لم يخدم المجتمع الايراني في مجال تحسين الوضع الاقتصادي وحسب ‘ بل قد ساهم في تفاقم هذا الوضع وأضاف أزمة جديدة للازمات التي يعيشها المجتمع الايراني بكافة مكوناته القومية والمذهبية . ان هذا الفشل يضاف الى الفشل الأكبر الذي واجه شعار " الحرية والديمقراطية " الدينية الذي كان نظام الخميني يعد بتطبيقه والذي تعهد ان تكون الحرية و الديمقراطية التي ينوي تطبيقها‘ على صعيد الحرية السياسية والمساواة في الحقوق العامة ‘ أفضل من تلك التي تمارس في الغرب. ولكن اين الشعارات من الحقيقة؟. وبعد كل هذا الفشل مازال النظام الايراني متمثلا مذهب وزير الدعاية النازي "جوزيف غوبلز" ‘اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقوك . ولكن لم يعد احد في إيران يصدق غوبلز . صباح الموسوي كاتب وباحث من الأحواز