يعكف كثير من المصريين ومنذ انتفاضة يناير وحتى الحراك الشعبي في يونيو على حل المعادلة المصرية. والراصد للمجتمع المصري يجد أن أطراف المعادلة ثلاثة أطراف. ويمكن تجزئة كل طرف منهم إلى العديد من الأطراف الصغيرة التي تنتهج نفس الأيدلوجية أو الفكر حتى وان بدت متنافرة مع بعضها البعض . الطرف الأول هو تيار الإسلام السياسي الذي يستمد فكره من خلفية الشريعة الغراء وهو ليس بالضرورة اقرب التيارات تمسكا أو حتى تطبيقا لهذا الفكر وتلك الأيدلوجية العقائدية .ولكنه يستمد قوته من محاولته إسباغ تلك الصورة على برامجه وتواجده في الشارع المصري وهذا التيار المتعدد يبدو انه السبب في عدم تحقيق الأحلام نتيجة عدم توحده. أما الطرف الثاني فهم أولئك الذين يستمدون أفكارهم وأيدلوجياتهم من البرامج التحررية الغربية سواء أخذت الصبغة العربية وبما يتفق مع تقاليدها أو هروبا منها إلى الحرية المطلقة، وهم في ذلك أيضا فيما بين التطبيق الحر الذي يؤمن بالاشتراكية أو الرأسمالية وما إلى ذلك من تفاوتات ولكنها تؤمن بالحرية وبالأغلبية لوضع القيود أو القوانين حتى وان خالفت المعتقدات ذاتها ورغم التباين بين تعدديته إلا انه تيار كرتوني ذو مظهرية إعلامية دون تواجد حقيقي بالشارع. والطرف الثالث هو طرف حرم من انتهاج أيدلوجية بعينها بحكم إحكام القبضة عليه أو تنفيذا للقانون فكان قيد الالتزام والطاعة العمياء لتنفيذ الأوامر حتى وان كانت خطأ فالتنفيذ أولا يليه التظلم.هم أولئك المنتمين إلى الخلفية الانضباطية أو التهريج المنظم سواء كانوا جنرالات أو منتمين إلى هذا الفصيل المتشابك ،وهذا الطرف يمجد تغليب المصالح والأمن على ما سواه. هذا الطرف تجده جاذبا للبرجماتيين أو الكائنات الطفيلية التي خلقت إما لتحسين صورة هؤلاء الانضباطيين أو النيل من ولائمه المتعددة، وغالبا ما تكون تلك الولائم شبيهه بولائم النسر أي تقوم على الجيف والنتن من الولائم. هؤلاء الأطراف الثلاثة هم الأطراف الفاعلة في المعادلة المصرية. أما الطرف المسكوت عنه نظرا لمهانته في صنع قراره وسكوته عن التصدي للفاسدين من الأطراف الثلاثة هو ما جعله طرفا ساكنا في المعادلة .خلق هذا الطرف فقط ليعطى صوته في الانتخابات . سواء تم احترام هذا الصوت أو تم تزويره أو حتى إلغاؤه تحت دعاوى البطلان الدستوري . المطلب الرئيسي لهذا الطرف الساكن هو راحة البال أو الأمن ولقمة العيش وهو بهذا قد فرط في الاثنين معا. غابت عن الطرف الساكن أو الساكت الثوابت الأصيلة سواء المبنية على عقيدته الدينية التي حاولوا هدمها بواسطة الإعلام وسحرة العمائم أو الانتماء لهذا الوطن وتلك الأمة بقضاياها الملزمة بحكم التاريخ والتي أصبحت جزء من تكويننا. لا يمكن أن يصدق عاقل أن بلدا مثل المحروسة قد نضبت مواردها البشرية بحيث يتم اختزال مقدراتها التنموية والقيادية في شخص أو شخصين أو حتى عدة شخوص تحت مسميات واهية منها مثلا انه الأصلح للمرحلة!. إن مصر بلد ولادة وماحدث على أعلى المستويات هو تفويض وليس ممارسة للديموقراطيه المزعومة لاختيار من يحكم. أصبحنا نبحث عن من يتحكم فينا وليس من يحكمنا . لن يكون الشعب هو السيد وصاحب قراره طالما قبل ورضي بالدم المصري المسال يوميا وبلا محاسبة حقيقية. إن غياب العدل هو بداية الانهيار وبلا عودة . نحن نتجه وبمحض إرادتنا نحو هاوية المجهول. خلقنا الفرعون بأيدينا يوم أن قبلنا أن تنتهك الحرمات جهارا نهارا بلا رادع ،وأن نعيش نحن الطرف الساكن رهن إشارة التفويضات. المعادلة المصرية تتجه نحو المعادلة الصفرية والتي كثرت فيها الأعداد التخيلية والمجاهيل. إن غياب المنطق والاتجاه نحو اللامعقول سيذهب بالطرف الساكن إلى مربع اللاعودة ونحو هاوية المجهول. إن محاربة الإرهاب المزعوم دون تعريف حقيقي لمعنى الإرهاب وتوصيفه قانونا جعل الجميع يحارب الوهم فكانت نتيجته الحتمية شق الصف وخلق أنواع متعددة من الاتهامات والفوضى الكارثية. الأيام القادمة ستشهد توجيه الطرف الساكن نحو القيام بثورة للجياع منتجة الإرهاب المعروف بديهيا وليس وهما كما تحدث الفرعون وسحرته.لن يصبح الطرف الساكت ساكنا للأبد وسيكون يوما ما هو من يقود الأمة نحو حل قضاياها...