الصحافة عمل من أجل العمال وأعظمها، فهي منبر لنشر الحقيقة وتعليم الناس وتوجيه الرأي العام، وهى السلاح الأقوى من الرصاص ومهنة من أرقى المهن وأعلاها. ومع كل ذلك نجد الصحفى يلقى معاملة غير لائقة وغير إنسانية، فالصحفيون دائمًا يواجهون الصعاب والعقبات أثناء تأدية واجبهم، ويتعامل معهم كثير من الناس على أنهم لصوص أو متطفلون على البشر لكشف خباياهم وعيوبهم وعوراتهم، فيصور دائمًا الصحفى قديمًا وحديثًا فى الإعلام المرئي فى العديد من الأفلام والمسلسلات بأنه صاحب الضمير الخرب الذي يبحث عن الآثار والتشهير، ولا يعنيه سوى مصلحة النشر بصرف النظر عن الناحية الأخلاقية وخصوصية المواطن أو المصدر، فكأن الصحافة كلها اقتصرت على الأخبار المفبركة وإظهار الصور السلبية ومن ذلك اكتسب الجرنالاتي الشهرة بأنه شخصية ثقيلة الظل لا يفضلها الناس ولا يحبون التعامل معها ويفرون هاربين من أمامها بمجرد ظهورها لذلك هم يستحقون التجاهل والمعاملة السيئة لأنهم فضوليون متطفلون. والذي جعلني أكتب هذا الكلام أنني شاهدت صحفية زميلة ليست صغيرة فى السن تجرى وراء عمرو جمال ممسكة بملابسه وهو ناشئ الأهلي الصاعد للفريق الأول مواليد 91 وذلك بعد انتهاء مباراة الإنتاج الحربي والنادي الأهلي باستاد القاهرة تريد منه تعقيبًا عن إحرازه هدفًا فى المباراة واللاعب يجرى وهى تمسك به وترجوه ألا يحرجها أمام جموع الصحفيين واللاعبين الذين شاهدوا الموقف ومع ذلك يصر على عدم الحديث مع أن التصريح لن يأخذ من وقته أكثر من دقيقتين وفى نفس الوقت على النقيض من هذا المشهد المؤسف ظهر الكابتن الخلوق المتواضع مدير الكرة سيد عبد الحفيظ الذي لا يرفض أي حديث ولا يصد أي صحفي وهنا الاستثناء ولكن القاعدة العريضة ترفض الحديث إليهم بشكل مؤسف يقلل من شأن الصحفى، الأمر الذي يجعلك تشعر بالحرج والضيق وتسأل بينك وبين نفسك من الذي أفسد العلاقة بين الصحفى والمصدر؟ هل لأن بعض الناس عندما يضعون أقدامهم على أول سلالم النجومية يصابون بداء الغرور ويظنون أنهم أصبحوا ليسوا فى حاجة إلى الصحافة فيمرضون بالتعالي والغطرسة بعد أن كانوا فى بداية الأمر يتمنون أن تلاحقهم الصحف، وأن تكتب عنهم ولو سطرًا واحدًا.
فهل الخطأ من عند هؤلاء أم أن الصحفى هو الذي أساء إلى نفسه عندما أقحم نفسه فى خصوصيات غيره وحاول التشهير بمصدره، ولم يراع الله ثم ضميره ولم يتعامل مع الخبر بموضوعية ومصداقية فمن إذا الذي أفسد العلاقة وقضى على الاحترام المتبادل وكيف يؤدى الصحفى عمله إن لم تيسر له الظروف ويتعامل معه المجتمع بشكل لائق؟ ومن الذي سوف يعمل على إظهار المصادر وتلميعها وتعريف الناس بها؟! فالعلاقة متلازمة بين الصحفى والمصدر، فلا غنى لأحدهما عن الآخر ولكن كيف نعمل على التوفيق بينهم ونسدد ونقارب بين وجهات النظر فعلى النجم أن يتواضع ويعلم أن للصحافة دورًا كبيرًا فى وجوده في هذه المكانة الجماهيرية فلولا كتابته عنه والحديث عن أخباره وتعريف الناس به من خلال صورة التي تنشر فى الصحف والمجلات ونقل الفضائيات لمبارياتهم وتحليلها بواسطة إعلاميين ينتمون لهذا القطاع وفى نفس الوقت يجب أيضًا على الصحفى أن يعرف حدود وظيفته ويراعى الله فيها وأنه مؤتمن على أخبار الناس ولا يجوز له التشهير بهم لأن ذلك حرام فالنشر أمانة والكلمة أمانة وربما كلمة صادقة رفعته أعلى الدرجات وكلمة كاذبة تهوى به فى النار سبعين خريفًا فالكلمة سيف ربما يسلط على رقبته فلابد أن يتقى الله فى الحروف التي يسطرها حتى يرضى الله أولا ثم يلقى ثقة الناس وحبهم فالصحافة منبر مثلها مثل منبر المسجد بل هى أكثر انتشارًا وسماعًا فأيها الصحفى المحترم حافظ على هيبتك ولا تحقر من وضعك أنت فى مهنة عظيمة راقية وعندما تمارس عملك لا تنسى أنك فى بلاط صاحبة الجلالة.