* قطعوا الكهرباء ... لكن النور موجود..! ؟. ليس شعارا أو نكتة أو طرفة , وإنما واقع عملى ملموس ومحسوس لكل ذى عينين مبصرتين يرى بهما , وكل ذى قلب سليم يفقه به , وكل ذى عقل رشيد يعقل به , وكل ذى نفس سوية يفرق بها بين الغث والسمين , بين كل غال ورخيص , بين كل الرمم التى طفت فوق سطح الحياة كزبد البحر , وبين الدرر الغالية القابعة فى قاع البحر والتى تبحث عن غواص ماهر يخرجها إلى نور الحياة . حقا .. الكهرباء غير موجودة فى بيوتنا , فى شوارعنا , فى مساجدنا , فى مدارسنا , فى مصانعنا . عسعس الليل وأرخى سدوله على أركان وطننا , لكن نور الأمل فى قلوبنا لم ينطفئ , وقوة اليقين فى نفوسنا لم تخبو , وصلابة الإعتقاد فى عقولنا لم تلن بأن هذا الشعب يستحق أفضل مما هو فيه من عناء وبلاء وغلاء على جميع الأصعدة سياسيا وأقتصاديا وأمنيا وتعليميا.
* قطعوا الكهرباء عن بيوتنا . ولكنهم فشلوا فى قطع النور عن قلوبنا..!. إن قلوبنا ممتلئة بضياء النور وشعاع الأمل وسراج اليقين بأن الحق سينتصر فى هذا الوطن , بعز عزيز أو بذل ذليل . سنة كونية سرمدية لاتقبل القسمة على اثنين , ولاتقبل الشك , ولاتقبل الإرتياب , ولاتقبل ظن السوء . من كان يظن أن الباطل سينتصر على الحق فقد أساء الظن بالله . وهل يوجد مخلوق على ظهر هذه المعمورة يستطيع أن يدفع فاتورة سوء الظن بالله مهما كانت خزائنه ملأى بالدرهم والدينار..؟ دعهم يفصلوا الكهرباء ليل نهار , دعهم يغرقونا فى بحور من الظلام , دعهم يعيدونا إلى عصر الحجارة , دعهم يتذرعوا بكل الحجج الواهية , والمبررات التافهة ليبرروا فشلهم وخيبتهم وسوء نيتهم , لكنهم وبلاشك لن يستطيعوا أن يحجبوا عن قلوبنا الضياء والنور , فوالله إننا لنعيش فى نعمة لو علموها لحاربونا عليها..! ؟ أى نعمة تلك.؟ واى يقين هذا.؟ وأى ثقة هذه..؟ إنها نعمة ويقين وثقة الاعتقاد فى أن إرادة الله وقوته فوق إرادة الظالمين وقوتهم .
* قطعوا الكهرباء عن بيوتنا . لكنهم فشلوا فى قطع شرايين الأمل فى أجسادنا . لأن تلك الشرايين متصلة بقلوبنا , وقلوبنا ليست تحت نفوذهم وسيطرتهم . إنها متعلقة بخالقها الله عز وجل . فأنى لهم أن يكسروها أو يحطموها أو يذلوها..؟ هيهات .. هيهات لما فيه يفكرون ويخططون . إن تلك الشرايين الدقيقة متصلة بعقولنا , وعقولنا حرة أبية لاتخضع لمكر ماكر , أو تزوير مزور , أو تشويه مشوه لأنها محصنة..! . إنه التحصين الفطرى , تلك الفطرة التى فطر الله الناس عليها . إنها محصنة ضد جراثيم الفساد وفيروسات المستنقعات التى غذوها ببضاعتهم الرخيصة التى لايقبل عليها أى حر شريف فى هذا الوطن .
* قطعوا الكهرباء عن بيوتنا . لكنهم لم ولن يستطيعوا قطع أو قف ضخ دماء الإرادة الصلبة فى نفوسنا ضد الهزيمة والاستسلام . فإرادتنا صلبة متينة لايمكن أن تدكها قنابل اليأس . ولايمكن أن يزلزها صواريخ الاستسلام , كما لايمكن أبدا أن تمحو معالمها أى قوة مهما كان بطشها , مهما كان جبروتها . لأن الإرادة القوية الصلبة المتينة تهزم كل الأسلحة , وتتفوق على كل الذخائر , ولاتفسد بمرور الزمان , ولاتلين أو تضعف تحت نار المحن والإبتلاءات . لأنها كالذهب تنفى خبثها وتظهر على حقيقتها وسط اللهب والنيران . نور إرادتنا أقوى من ظلام إدراتهم , وسراج يقننا أنفذ من غبار شكهم وارتيابهم , وتصميمنا على مواصلة الطريق أشد وأبقى من رغبتهم فى غيهم الذى هم فيه يعمهون .
* قطعوا الكهرباء عن بيوتنا. لكن نور اليقين فى نفوسنا يبدد أى ظلام ويقضى على أى سحب داكنة سوداء تعطل سيرنا على درب الحق والحرية . سنحيا بالأمل فى تغيير هذا الواقع المؤلم المهين الذى نزل بكرامة الإنسان المصرى إلى أسفل سافلين , إلى الدرك الأسفل من المهانة والإبتذال . إن اتساع رقعة التحدى فى نفوسنا وقلوبنا هى بمثابة حائط الصد المنيع الذى يمنعهم من تسجيل أى أهداف مؤثرة فى شباكنا تنهى اللعبة مبكرا . لأن الصورة أمامنا جلية واضحة , والملعب كله مكشوف أمامنا , واللاعبون معرفون كل واحد باسمه , حتى المشاهدون فى المدرجات من حزب " الكنبة " معلومون للجميع . فاللعب الآن على المكشوف ولايوجد أى أسرار بين الفريقين فاالتشكيل معروف من أول حارس المرمى حتى رأس الحربة فى كلا الفريقين .
* قطعوا الكهرباء عن بيوتنا . لكن نور اليقين فى الله وفى قدرته المطلقة تمدنا بشعاع من الأمل والثقة فى أن الارض لله يروثها من يشاء من عباده . فلن يرث أرض مصر الفاسدون المفسدون الذين عاثوا فى جنبات هذا الوطن فسادا وإفسادا . قد تنتفخ بطون أهل الباطل , وقد ينتفش ريشهم كالطاووس ولكنهم لايعلمون أن الإنسان قد يهلك من كثرة ماله , ولاسيما لو كان حراما , تماما كالطاووس يذبح من أجل ريشه..! . قد تنقلب النعمة إلى نقمة , والخير إلى شر , والقوة إلى ضعف , إذا اساء المرء استخدام تلك النعم فى غير صالح وطنه وشعبه . فالشئ إذا زاد عن حده إنقلب إلى ضده. وهولاء تجاوزا كل الحدود , وهدموا كل السدود , ونسوا أن قوة الله فوق قوتهم , وإرادة الله فوق إرادتهم , ومشيئة الله فوق مشيئتهم .
* إن مصر لاتعانى فى الحقيقة فقرا بمعنى نقص الموارد الطبيعية , ولاتعانى فاقة فى الموارد الاقتصادية , ولاتعانى عجزا فى القوة البشرية . إنما مصر فى الجوهر وفى الأصل تعانى منذ عشرات السنين من فساد الإدارة التى تحولت بمرور الزمان إلى إدارة الفساد . فاصبح الفساد له مخالب وأنياب وأظافر حادة تستطيع تهذيب وتأديب كل من يحاول تقليم هذه الأظافر وقصها . نحن نعانى فى الحقيقة من الظلم الاجتماعى والتفرقة العنصرية بين طبقات المجتمع . بل وتقسيم المجتمع إلى أسياد وعبيد وعمالقة وأقزام وكبار وصغار, حتى صرنا مجتمعا متشرذما متناقضا متناحرا يتربص ببعضه البعض . ومجتمع بهذه المواصفات لايمكن أن يتقدم خطوة واحدة للأمام , بل سيتقهقر للخلف وبسرعة فائقة .
* حقيقة لايختلف عليها اثنان ولايتناطح فيها عنزان أن أوطانا كثيرة ودولا عديدة لاتعادل مصر فى قدمها , ولاتسايرها فى عمق حضارتها , ولاتواكبها فى قوة شبابها , ولاتساويها فى موقعها الجغرافى المتميز , قد فاقت مصر اليوم تكنولوجيا وعلميا واقتصاديا وسياسيا . ففى المجال الاقتصادى هناك تقدم كبير . وفى المجال السياسى هناك استقرار عظيم . وفى مجالات التعليم والتصنيع فحدث ولاحرج . ونحن مازلنا نبحث عن التيار الكهربائى ونطمع فقط فى أن نجلس فى بيوتنا يرى بعضنا البعض..! . لاأمل فى أى إصلاح أو صلاح إلا بالقضاء على جذور الفساد من تربة هذا الوطن , وخلع أوتاد الذين ركبوا الفساد وظلموا العباد وأهانوا البلاد . وأن نبدأ من جديد على قاعدة صالحة سليمة حتى ينبت الخير والحق والعدل فى هذا الوطن وينمو وترعرع ويقوى ولايخشى هبوب الرياح ولاعواصف تأتيه من أى مكان . هذا هو الحل ولاحل غيره حتى نسترد الأمن ويعود الأمان .