سياسيون: "الإخوان" تجيد استغلال الأحداث لكسب شعبية كبيرة من ورائها عمال مصر: الإعلام فى عهد مرسي تفاعل مع مطالبنا من أجل إزاحته من الرئاسة أما الآن فهو يسير مع السلطة ولا يتعامل مع مشاكلنا بمصداقية تامة
عادت من جديد ظاهرة الإضرابات العمالية المهنية تضرب في كل مكان في مصر، هكذا يبدو المشهد حاليًّا مع استمرار فشل نظام 30 يونيه في احتواء الغضب الذي يتزايد وينتقل من موقع إلى آخر. فنقابات الأطباء والصيادلة والأسنان على مستوى الجمهورية تهدد بإضراب شامل إلى جانب إضراب عمال النقل العام الجزئي، والحديث عن دخول كل الجراجات في إضراب عن العمل، ويتزامن ذلك مع الإضراب الذي ينظّمه موظفو الشهر العقاري واعتصام عمال شركة النحاس المصرية، وعمال الزيوت النباتية بمحافظة الإسكندرية، مع إضراب عمال شركة النيل للطرق والكباري، واعتصام عمال طنطا للكتان والمراجل البخارية وغزل شبين بمقر الاتحاد العام للنقابات العمالية، بالقاهرة، وإضراب عمال كريستال عصفور، والسويدي للكابلات، وفاركو للأدوية وغيرهم من الفئات التي اختارت التظاهرات الفئوية حلاًّ لمشاكلها، وهو ما تسبب فيه إهمال الحكومة السابقة بقيادة حازم الببلاوي رئيس الوزراء السابق وغضها النظر عن حقوق الطبقات العاملة. فالعامل المشترك في كل تلك الإضرابات العمالية والمهنية هو مطلب تحسين ظروف العمل، والحصول على الحقوق المالية التي تعهدت بها الدولة أكثر من مرة، وكذلك تطبيق الحدَّين الأدنى والأقصى للأجور اللذين أعلنت عنهما حكومة الببلاوي السابقة نفسها وفشلت في تطبيقهما حتى الآن، مما يجعل هذه الاضطرابات عاملاً مؤثرًا وحيويًا في زيادة شعبية الإخوان المسلمين في الشارع المصري وقيام الجماعة باستغلال هذه المطالب الفئوية أفضل استغلالاً لزيادة القاعدة العريضة المعارضة لنظام 30 يونيه. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء الأطباء والعمال والسياسيين في مدى إمكانية إسهام مظاهرات المطالب الفئوية في زيادة الرصيد الشعبي للإخوان في الشارع المصري.
الأطباء والصيادلة: نرفض حوافز منصور ونطالب بالكادر تعتبر نقابة الأطباء من أولى النقابات التي نادت بتعليق عملها واستمرار العمل بشكل جزئي، وذلك بهدف الضغط على وزارة الصحة لإقرار كادر «المهن الطبية» بشقيه المالي والإداري، حتى يستفيد منه جميع الأطباء على مستوى مصر، مهددين بالتصعيد في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم.
وعلى نفس النسق، كان لنقابة الصيادلة نصيب من الإضرابات الفئوية، حيث أضرب العديد من الصيادلة عن العمل، وذلك للمطالبة بإقرار اتفاقية ضريبية عادلة للتعامل مع صيدليات مصر الأهلية، إضافة إلى تراكم الأدوية منتهية الصلاحية في الصيدليات، بسبب عدم وجود سياسات واضحة من الموزعين والشركات المنتجة ورفض رجوع الوحدات الصغيرة من العبوات وتحديد نسب ضعيفة لقبول المرتجعات لا تفى بكم المرتجعات وخاصة للصيدليات الصغيرة ومتوسطة الحجم. فيقول الدكتور محمد نور الدين، طبيب بشري بمستشفى قصر العيني، إنه لا شك أن مطالب الأطباء إذا لم تتم الاستجابة لها، ستنعش رصيد الحراك والإضرابات في الشارع المصري وأنه إذا استمر النظام القائم في تجاهل مطالب الأطباء فسيزيد ذلك من شعبية الإخوان المسلمين وسينقص من شعبية المشير عبد الفتاح السيسي في الشارع. ويشير الدكتور البندارى محمد محمود طبيب، بشري وعضو الجمعية العمومية للأطباء، إن النقابة العامة للأطباء اجتمعت من أجل تحقيق هدف اجتماعي مهم للحفاظ على أداء المهنة بكفاءة وفاعلية لخدمة المجتمع، مضيفًا أن مطالبهم ليس لها أي أهداف سياسية وإن كانت مسئولية القيادة السياسية تحقيق مطالب أهم قطاع في الدولة وهو القطاع الطبي. وأوضح البنداري، أنه في حال عدم تلبية مطالب الأطباء سوف يكون هناك إضراب كلي على مستوى الجمهورية. وانتقد البنداري ما تسمى "بحوافز منصور" والتي اقرها الرئيس المؤقت عدلي منصور بديلاً عن كادر الأطباء الذي كان مقرر التصديق عليه من مجلس الشورى المنحل بعد إحداث 30 يونيه 2013، مشيرًا إلى أنه التفاف على مطالب الأطباء الواضحة.
ويقول الدكتور هيثم عبد العزيز، رئيس لجنة الصيادلة الحكوميين بالنقابة العامة للصيادلة، إن الصيادلة دخلوا في إضراب جزئي، وذلك حتى تتم الاستجابة للمطالب المستحقة للصيادلة وأن الإضراب ليس بجديد ولكنه هو المرحلة الأخيرة التي نلجأ إليها بعد عدم الاستجابة للمطالب وسيتم تصعيد هذا الإضراب إلى إضراب كلى خلال الفترة القادمة. وأشار عبد العزيز إلى أنه ليس للإخوان صلة بالإضراب والدليل على ذلك أن هذا الإضراب كان موجودًا فى عهد الرئيس السابق محمد مرسى، موضحًا أن الإضراب في عهد مرسي لم يكن المقصود منه التأثير على الإخوان المسلمين ولكن ليعلم الجميع أنه لا يجلس على الكرسي إلا مَن يستطيع حل جميع المشاكل النقابية والفئوية والعمالية وعلى جميع المسئولين تنفيذ ما نص عليه الدستور. وأوضح عبد العزيز، أنه من المحتمل أن تصب هذه الإضرابات بالفعل في مصلحة الإخوان، لأنهم هم المستفيدون من كثرة الاحتجاجات وإثارة البلبلة والفوضى في الشارع حتى يستطيعوا تنفيذ ما يريدونه من عرقلة الحكومة وكسب شعبية مرة أخرى في الشارع.
عمال هيئة النقل العام الإضراب من حقنا
وقد كان لعمال هيئة النقل العام، نصيب الأسد من الإضرابات بعدما قرر العمال تنفيذ إضرابهم الكلي للمطالبة بصرف البدلات المالية لهم والتي تتضمنها اللوائح وإضافة الأموال المخصصة لبدلي المخاطر والعدوى إلى الراتب الأساسي وتطبيق الحد الأدنى للأجور الذي حددته الدولة ب 1200 جنيه، فيما وصل عدد العمال المضربين لأكثر من 46 ألف عامل والتي تنقل بدورها نحو مليون مواطن يوميًا. كما علق العمال الذين بدءوا إضرابًا جزئيًا، لافتات على مكاتب المحطات يعتذرون فيها للمواطنين عن الإضراب وعدم تحرك السيارات من الجراجات، بسبب عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية، ولم يسمع المسئولون لهم، مما دفعهم للدخول في الإضراب الكلي.
فيقول أشرف محمد صفوت، رئيس حركة بهيئة النقل العام، إن عمال هيئة النقل العام لهم مطالب مشروعة لأبد أن تتحقق وأن هذه الإضرابات ليس لها تدخل بأي شأن سياسي فالإضراب ليس إلا مطالبة لحقوق ضائعة للعاملين بالهيئة. وأضاف صفوت أن هناك ظلمًا كبيرًا يقع على العمال من حيث عدم صرف المستحقات الواجب صرفها.
في سياق متصل، شدد طارق يوسف، عامل بهيئة النقل العام، على أن إضرابهم عن العمل بعيد عن أي شأن سياسي وأنهم يطالبون بالعدالة الاجتماعية الذين يريدون أن تحقق لهم في هذه الأيام.
كما أضاف يوسف، أنهم أرسلوا منشورًا في شهر يونيه الماضي للحكومة السابقة التي كان يقودها حازم الببلاوي، رئيس الوزراء السابق، إلا أنها لم تسمع ولم تلبِ المطالب التي أرسلوها لهم.
عمال الغزل والنسيج: مطالبنا مشروعة
ولم يكن عمال غزل المحلة بأحسن حال من باقي عمال مصر، حيث أقام عمال غزل المحلة، إضرابًا عن العمل وعدم الإنتاج، حتى تتم الاستجابة إلى مطالبهم المتمثلة في تطبيق الحد الأدنى للأجور، وصرف العلاوة الاستثنائية، ورفع بدل «الوجبة» من 210 إلى 300 جنيه، وإقالة فؤاد عبد العليم، رئيس الشركة القابضة، وحل مجلس النقابة العمالية، وتوفير سيولة مالية لرفع كفاءة التشغيل بالمصنع. فيقول إسماعيل فهمي، القائم بأعمال رئيس اتحاد عمال مصر سابقاً، إن عمال الغزل والنسيج مطالبهم مشروعة ولابد من أن تحقق ولابد أن يتم عزل جميع القيادات الحالية التي لا تستطيع تلبية مطالب عمال الغزل والنسيج في مصر. وأضاف فهمي ليس من المعقول أن يستمر قيادات في شركات الغزل والنسيج لم ينجحوا في إدارة أزمات الشركة مستغربًا من عزل وزير الاستثمار لعدد من قيادات الشركة. وأشار فهمي إلى أن عمال الغزل والنسيج لم يتوفر لهم الخامات المطلوبة للإنتاج، بالإضافة إلى أن حقوقهم مهضومة وعلى القيادات في مصر أن تستمع إلى مطالب العمال. وأضاف القائم بأعمال رئيس اتحاد عمال مصر سابقًا، أن الإضرابات العمالية في مصر لا تزيد من رصيد الإخوان المسلمين في الشارع ولا أى فصيل سياسي آخر، لأن إضراب العمال مطالب مشروعة أمام الحكومة، خصوصًا أن عمال مصر هم أكثر فئة مطحونة في الشعب، وعلى الرغم من ذلك وللأسف الشديد الحكومة الحالية فقدت الثقة تمامًا من قبل العمال لأنها أعطت وعودًا كثيرة ولم تفِ بما قالت. وشدد فهمي على ضرورة أن يكون الرئيس القادم رئيسًا قويًا ويحكم بالعدل بين المواطنين.
عمال الحديد والصلب: لسنا أقل من ضباط الجيش والشرطة
ولم يختلف الوضع كثيرًا في شركات الحديد والصلب في الإضراب عن العمل، حيث أضرب عمال شركات الحديد والصلب عن العمل للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور. فيقول محمود العجمي، عامل بشركة المصرية الحديد والصلب، إن مطالبات العمال هي حق مشروع يكفله القانون، ويجب على الدولة أن تسعى لتوفير هذه المطالب، مشيرًا إلى أن مطالب العمال من أجل الانتقال من منطقة أعلى من خط الفقر وليس من أجل الرفاهية، لأن العمال في مصر هم أقل طبقة تحصل على حقوقها. وتساءل العجمي لماذا يتم رفع مرتبات الجيش والشرطة والقضاء مع العلم أنهم أكبر فئة في المجتمع تحصل على مرتبات ويتم تجاهل مطالب العمال بالحصول على أبسط حقوقهم، فمرتب العامل الآن لا يتعدى 800 جنيه في ظل حالة من غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، وفى ظل عجز الدولة عن تطبيق الحد الأدنى التي وعدت به فنحن لا نريد أن نتساوى بالمؤسسات الكبرى أو الجيش والشرطة ولكن يتم توفير ما يساعدنا على المعيشة وتلبية احتياجات الأسرة.
وأوضح أن الإعلام في عهد الرئيس السابق محمد مرسي كان يتعامل مع مشكلاتنا من أجل إزاحته من الرئاسة، أما الآن فهو يسير مع السلطة ولا يتعامل مع مشكلاتنا بمصداقية تامة، حيث إن مطالب العمال هي من أجل العمل والحساب على قدر العمل وليس من أجل المطالبة بأموال إضافية.
فرغلي: على النظام الاستجابة للمطالب العمالية لتفويت الفرصة على الإخوان
من جانبه، يقول البدرى فرغلى، رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات وعضو مجلس الشعب السابق، إنه من المعروف أن جماعة الإخوان المسلمين تستغل أي أحداث تحدث سواء إضرابات أو مظاهرات لتزيد من شعبيتها، مشيرًا إلى أن كثرة الاحتجاجات الفئوية والعمالية تكون وسيلة جيدة للوصول إلى مطالبهم والعودة إلى السلطة مرة أخرى، فهناك حادثة سابقة من الإخوان تدل على ذلك، وهى أن الجماعة عرضت من قبل على مجموعة من العمال في إحدى شركات البترول الانضمام إليهم في اعتصامي "رابعة العدوية"، وميدان "النهضة" إلا أنهم رفضوا ولم يستجيبوا إلى دعواتهم المتكررة، فالعمال رفضوا لأن مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية، ويعلمون تمامًا أن هدف "الإخوان" نشر الفوضى والعنف في الشارع المصري وأننا لن نسمح لهم أبدًا باستخدامنا في هذا المخطط. وأكد فرغلى أنه لابد من ضرورة استجابة النظام الحاكم حاليًا للمطالب العمالية لتفويت الفرصة على الجماعة باستغلال مطالب العمال، والمتاجرة بها وحشدها في الشارع على أنها تظاهرات معارضة لخارطة المستقبل.
من ناحية أخرى، يقول عصام شيحة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن الإخوان المسلمين تستطيع فعل أى شيء وتجيد استغلال الأحداث لكسب شعبية كبيرة من ورائها وليس من المستبعد أن تكون هي وراء هذه الإضرابات، وذلك يظهر في بعض الاعتصامات منها اعتصام غزل المحلة التي تقرر أنه سوف يحل في غضون أيام قليلة إلا أن العمال مازالوا مضربين ولذلك يعنى إنه هناك من يشعل النيران مرة أخرى فكل هذه الإضرابات في النهاية تصب في مصلحة جماعة الإخوان ولا تزيد من شعبيتها لأنها سرعان ما تنكشف وسيعود العمال إلى مواقعهم لأن مصلحة مصر في النهاية ومشاعرهم الوطنية هي التي ستتغلب.