ليس فقط الإبداع ما يولد من رحم المعاناة كما في المقولة المشهورة، ولكنه يكون دافعًا أكبر لخلق حالة من التلاحم والتجمع على هدف واحد، فمع من يعانون مثلك، لن تحتاج أن تستجدى الألفاظ لتعبر بها عن شعورك، فكلكما مكلوم بنفس الوجع، ومن ذلك بدأت أنواع جديدة من الروابط تظهر في مصر، ليس لتشجيع فريق معين كما اعتدنا (رابطة مشجعي الأهلي – الزمالك)، ففي مصر الآن تتشكل الروابط لأهالي المعتقلين والشهداء حيت تجمع عدد من أسر معتقلي سجن طره، وشكلوا رابطة للكشف عما يتعرض له أقاربهم. وقالت هدى عبد المنعم، الناشطة الحقوقية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقًا، إن المعتقلين وأسرهم يعانون أشد المعاناة، خاصة أن كل مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا وجود لها على الإطلاق الآن في مصر. ولفتت، خلال المؤتمر الصحفي التدشيني للرابطة أمس، إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق كان يتكون من 25 عضوًا يشكلون 17 فصيلًا سياسيًا، وشهد له العالم أنه يقوم بعمله بمنتهي الحيادية، أما الآن فكله من فصيل سياسي واحد فقط، فهو مجلس أمني انقلابي يجب محاسبته ومعاقبة كل من شارك في إعداد تقرير الأمس خاصة. وشنت سناء عبد الجواد، رئيس الرابطة وزوجة الدكتور محمد البلتاجي، القيادي بحزب الحرية والعدالة، هجومًا على أوضاع معتقلي سجون "طره"، قائلة: "الأوضاع هناك من أسوأ ما يكون، فالمعتقلون يعانون من انتهاكات جسيمة، وأسرهم يعانون ظروفًا قاسية للغاية، ويتم تلفيق العديد من الاتهامات المرسلة للمعتقلين، وتوجه لهم قضايا وأدلة ملفقة". وأضافت أن أسرتها تتعرض لأبشع أنواع البطش من قتل ابنتها "أسماء" واعتقال زوجها وأحد أبنائها، بل وتم اعتقال أسرتها بالكامل، وهم يتعرضون لكل أشكال الظلم، خاصة أن هناك حالة اعتقال بالوراثة، فقد تم اعتقال نجلها "أنس" كنوع من الضغط على زوجها. وقالت: "نعاني ظروفًا قاسية جدًا، بالرغم من أن معظم المعتقلين محبوسين احتياطيًا، لأنه لم تصدر ضدهم أي أحكام قضائية بعد، إلا أن كل حقوقهم يتم ضرب عرض الحائط بها، فيتم حرمان المعتقلين من أي حقوق لهم على الإطلاق". وذكرت أن هناك حالة انتقامية وعدائية شديدة ضد "البلتاجي"، نظرًا لدوره البارز إبان ثورة 25 يناير، ولأنه اتهم سابقًا المخابرات بأنها الطرف الثالث. وطالبت "عبد الجواد" المنظمات الحقوقية والجهات المعنية كافة بالتصدي للانتهاكات الجسيمة داخل السجون، وأن يقوموا بدورهم المنوط بها، محملة وزيرى الدفاع والداخلية ورئيس قطاع السجون والنائب العام مسئولية ما آلت إليه أوضاع السجون. وقالت الرابطة: إن مجمع سجون طره الذي يضم الآلاف من أبناء مصر المحبوسة، يشهد انتهاكات يومية صارخة أبرزها الحبس الانفرادي وعدم توافر المعايير الإنسانية المقبولة في ظروف الاحتجاز ومواصفات الزنزانة، وضم المعتقلين السياسيين إلى المحبوسين جنائيًا ومنع الزيارات بدون أسباب ثم السماح بها أحيانًا من خلال حاجز زجاجي ليتم التنصت عليهم من جانب الأجهزة الأمنية، وعدم توفير الرعاية الصحية للمعتقلين في ظل وجود العشرات من أصحاب الأمراض المزمنة، والإبقاء عليهم في الزنازين لمدة 23 ساعة متصلة، وإجراء النيابة للتحقيقات داخل السجون، وانعدام إجراءات التحقيق السليمة ونزاهتها، وتجاهل قواعد العدالة وأبسط حقوق المعتقلين السياسيين وعدم التفات النيابة العامة لبلاغات المعتقلين وعدم التحقيق فيها، فضلًا عن عدم تمكين الطلاب من إجراء امتحاناتهم في مواعدهم المحددة، وعزلهم عن العالم الخارجي ومنعهم من حق المراسلة وعدم تمكين المنظمات الحقوقية من مقابلتهم والاستماع للشكاوى المقدمة، وكذلك منع دخول الكتب والأقلام ومنعهم من إقامة الصلوات في جماعة.. ودعت الرابطة في البيان التدشيني لها إلى الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين واحترام حقوق الإنسان، حيث تم تلفيق عشرات القضايا لهم لحبسهم بتهم جنائية باطلة في قضايا وهمية لا يوجد فيها أدلة ولا شهود باستثناء محاضر كيدية كتبها ضباط أمن دولة لا يملكون الصفة القانونية الكافية ولا يشيرون إلى أي أدلة أو شواهد والانتقائية الشديدة في تعامل النيابة العامة ومؤسسة القضاء مع المعتقلين بفتح قضايا معينة مزيفة وحبس السياسيين على ذمتها، مع وجود قضايا كبيرة حقيقية لا يتم النظر فيها مثل مذابح فض الاعتصامين والانقلاب على الدستور. كما أعلنت عن تدشين (مرصد الحرية) بجهود أهلية وحقوقية، للعناية بحقوق المعتقلين، وستعمل على رصد وتوثيق الجرائم الممنهجة بعد الغياب التام لما يسمى المجلس القومي لحقوق الإنسان والمنظمات المعنية، وبدء تنظيم فعاليات احتجاجية باسم أسر المعتقلين والإضراب التدريجي عن الطعام، مع رفع شكاوى المعتقلين إلى المنابر الدولية كافة، واتخاذ الإجراءات القانونية الدولية إذا استمر صمت السلطة القضائية الحالية على ما يحدث.