في مشهد مظلم للغاية وسط وجود عدد من المصريين بداخل سجن المملكة العربية السعودية، يدخل رجل ضخم ومعه آخر، أحدهما يمسك عصا الجلد فى يده، ليتجهوا نحو إحدى المصريين الملقون على الأرض وبصوت مرتفع "انهض يا فلان"، ليذهب لهم وعيناه مكسورة تنظر إلى الأرض وجسمه الذى يُجلد يومياً غير قادر على النهوض، فيمسكوه ويجذبوة من يداه إلى غرفة التعذيب. فى هذه الحاله من الرعب يعيش المصريين المعتقلين داخل السجون السعودية فتمثل هذه القضية "شوكة" فى ظهر المسئولين، تقدر جمعية الحقوق المدنية والسياسية فى السعودية عدد المعتقلين المصريين بأكثر من 1000 سجين أمضى الغالبية العظمى منهم سنوات خلف القضبان دون توجيه إتهامات لهم ودون أحكام قضائية. قال الدكتور "يحيى وفا" والد المعتقله "نجلا" أن علاقة ابنته بالأميرة كانت جيدة، ولكن بعض الأشخاص المنتفعين المقربين للأميرة أرادوا دخول المؤسسة التي تديرها "نجلا وفا" في أعمال غير قانونية وقد رفضت، وفي سبتمبر 2009 فوجئت أن قوات من الأمن قامت بمصادرة الأوراق والممتلكات الشخصية الخاصة بأعمالها كمستثمرة داخل المملكة العربية السعودية، وألقوا القبض عليها . وأضاف والد نجلا قائلا: "إننا قد لجأنا لجميع السلطات التي يهمهما الأمر، كديوان المظالم، والسفارة المصرية بالسعودية، والخارجية، ولكن لم نتلقى أي إستجابة منهم" . وتابع أنها تتعرض للإهانة ولسوء المعاملة والسب من قِبل المحققين ومن محامي خصمها، ولم يسمح لها بتوكيل محامي للدفاع عنها حتى الأن . وأوضح أن السلطات السعودية بدأت في تنفيذ عقوبة الجلد منذ نحو 6 شهور، لافتا إلى تلقيها 300 جلدة بداخل "سجن الملز"، وكان يتم جلدها 50 جلدة أسبوعيا، مع العلم أن التقارير الطبية قد أكدت أن "نجلا" عانت من اعوجاج في العمود الفقري. وقالت شاهندة فتحي زوجة المحامي أحمد الجيزاوى أن "محكمة التمييز" المنوط بها قبول استئناف زوجها على الحكم الصادر بحقه ترفض إستلام مذكرة استئنافه في الوقت الذي قبلت فيه مذكرة الادعاء العام. وأضافت شاهندة "احمد حقه بيضيع ومحدش مهتم يدافع عنه، رغم إن سعوديين زاروه وأكدوا سوء حالته الصحية، وأكدوا من جديد على براءته وتلفيق تلك الإتهامات له، ورغم كل هذا ومازال يتم تعذيبه بداخل السجون دون اى تدخل من الخارجية . وأوضحت نادية عميرة، والدة محمد إبراهيم "ابنى تم سجنه بتاريخ 29 سبتمبر 2010 وحتى الآن بتهمة سرقة خزينة الشركة التى كان يعمل بها، بالرغم من صدور أدلة جنائية بالسعودية تثبت براءته وعدم مطابقة بصماته للبصمات الموجودة على الخزينة، وبعدها تم الحكم عليه مرة اخرى، لمدة سنتين و300 جلدة متفرقة على 6 دفعات، وكذلك دفع 260 ألف ريال للشركة، وت استئناف الحكم وصُدر آخر بالسجن سنة و3 شهور و159 جلدة والابقاء على دفع 260 ألف ريال سعودى للشركة . وأشارت إلى أن نجلها يعانى من نقص كيمياء فى المخ، ويتعاطى العلاج داخل السجن، ومريض بالسكر وحالته الصحية متدهورة. وفى السياق ذاته قالت والدة المعتقل "مصطفى البرادعى" أن زوجها توفى فى السعودية، وكان نجلها هو عاهل الأسرة وذهب الى المملكة، وبعد أربعة أشهر من سفره انقطع اتصاله بهم، وفجأة اخبرها الكفيل أن المباحث العامة جاءت واخذته بدون سبب، وبعد ستة أشهر اتصل بها وأخبرها أنه محبوس انفراديا تحت الأرض، وتقدمت بعدة شكاوى للخارجية، ولكن لا مجيب. رابطة المعتقليين المصريين فى السعودية تستنكر دور الخارجية المصرية أكد "عشماوى يوسف المنسق العام لرابطة المعتقلين المصريين بالسعودية" أنه لا يوجد منظمة حقوقية بمصر إلا وأبدت تضامنها بشكل واقعى مع القضية، وأن قضية المعتقليين المصريين فى السعودية من أهم القضايا على الساحة المصرية بشكل عام . وأستنكر "عشماوى" دور السفارة والخارجية المصرية تجاه قضايا المعتقلين فى السعودية، مضيف أنه لابد من تدخل قوى من الحكومة المصرية، للضغط على السلطات السعودية، لتتخلى عن تعنتها وممارستها التعسفية ضد المصريين. وأوضح أن قضية الجيزاوى ونجلا وفا تختلف عن كل المعتقلين الآخرين، مشيرا إلى أنهم متهمين فى قضايا جنائية لكن بقية المعتقلين لم يكونوا على ذمه قضايا وكان حبسهم تعسفى . قال أحمد مفرح الباحث بمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان أن هناك تقارير لمنظمات عالمية تؤكد تورط المملكة فى انتهاكات مع العمالة لديها، سواء من مصر أو دول آخرى، موضحاً أن إعتقال المصريين فى السجون السعودية دون إجراءات قانونية مسئولية النظامين المصرى والسعودى. وأضاف مفرح، أن الرابطة قامت بتوثيق ما يزيد على 28 حالة من الإعتقال التعسفى، لم تخضع لأى إجراء قانونى، ولم تعرض على المحاكم، بغض النظر عن مئات القضايا الجنائية الملفقة . وشدد المحامى الحقوقى محمد مختار على ضرورة التحرك من قبل المحامين المتواجدين فى مصر لإتخاذ الإجراءات القانونية تجاه الملف طبقاً للإتفاقيات والمعاهدات الدولية بين البلدين المعنية حقوق الإنسان. 1000 مصري خلف القضبان بدون إتهامات أو أحكام قضائية "الجيزاوى ونجلا وفا" أسمين فى قائمة طويلة تحمل فى طياتها أسماء المعتقلين المصريين فى السعودية