حتى كتابة هذا المقال مساء الجمعة 28 فبراير 2014 كان عدد أعضاء حكومة محلب 32 وزيرا. هل يمكن أن يكون العدد قد ارتفع العدد خلال الساعات التي سبقت حلف اليمين أمام الرئيس المؤقت وذلك لترضية بعض الشخصيات بتوزيرهم ، فالدخول أو الخروج من الحكومات قد تشوبه أحيانا مجاملات أو تصفية حسابات بغض النظر عن كفاءة أو جدارة الوزير بمنصبه؟!. وحتى إذا بقي هذا العدد من الوزراء بالحكومة الجديدة الذي يقل ثلاثة عن عدد أعضاء حكومة الببلاوي فإنه يعتبر كبيرا جدا وكأنها حكومة ستدير العالم وليس واحدة من دوله المائتين. أشرت في مقال سابق إلى الإدارة التي تحكم أمريكا القوى العظمى الوحيدة في العالم فأعضائها 15 وزيرا أو سكرتيرا للرئيس فقط، وهذا العدد القليل مقارنة بحجم وضخامة وقوة الدولة الأمريكية لا يتغير من رئيس جمهوري إلى رئيس ديمقراطي ولم يحدث يوما خلل في إدارة الشؤون الأمريكية الداخلية أو الخارجية ولا في بسط أمريكا لنفوذها على العالم ولا في انتظار العالم للموقف الأمريكي في أي شأن من شؤونه صغيرا كان أم كبيرا. ماذا نكون نحن، ولماذا هذا الإفراط في عدد الوزراء، وماذا فعلوا على كثرتهم في حكومة الببلاوي التي لم تعمر إلا أقل من 8 أشهر فقط، وخرجت تجر أذيال الخيبة والفشل، وماذا أنجز طابور الوزراء في الحكومات التي تلت ثورة يناير أو التي كانت قبلها، وماذا سيفعل كل وزراء محلب في الفترة القادمة؟!. الجديد فقط في حكومات كهذه هو تزايد عدد من يحملون لقب وزير سابق، وتحميل وزارة التضامن أو التأمينات الاجتماعية معاشات تقاعد للوزراء الذين صار عددهم بالمئات منذ ثورة يناير وحتى اليوم لكثرة تغيير الحكومات ودخول وخروج عدد كبير من الأشخاص فيها وأحدهم وهو وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي الذي لم يكمل أربعين يوما وبعدها صار يحمل لقب وزير سابق. محلب سار على نفس الطريق التقليدي في تشكيل حكومته رغم ما يقال عنه من أنه شخصية غير تقليدية سواء في عمله بشركة "المقاولون العرب" أو بعد دخوله حكومة الببلاوي وزيرا للإسكان لكنه في النهاية رضخ للبيروقراطية العتيدة والفكر التقليدي القديم في تأليف الحكومة بضخامتها وبوزراء بقوا من حكومة الببلاوي فالأصل أن الحكومة كلها استقالت لأنها لم تنجز أهدافها، وهناك آخرون رشحهم لكن احتج عليهم العاملون في الوزارات والمرافق المختلفة وخضع لبعض هذه الضغوط، فما هو دور رئيس الحكومة إذن، هل يختار أعضاء حكومته على هوى العاملين في أجهزة الدولة ونادي القضاة والأحزاب والإعلام، أم يختار من يراه الأصلح لأداء المهمة لأنه وزملاءه بالحكومة سيتحملون المسؤولية التضامنية عن العمل والأداء، والفشل فيه سيعرضهم للإطاحة بهم أسرع مما يتوقعون. .. في أول يوم جمعة يمر على رئيس الحكومة المكلف يسيل دم مصري جديد في مظاهرات معارضة للسلطة، وهذا النزيف المؤلم للدماء، متى يتوقف، ومتى تخرج وتنتهي المظاهرات دون سقوط قتلى، من المؤسف أن تكون فاتحة عهد محلب بالدم، فهذا مؤشر لا يبعث على التفاؤل بالمستقبل، بل القلق، ذلك أن أول تصريحاته حول أولويات حكومته كانت عن دحر الإرهاب، نعم، لدحر الإرهاب الحقيقي، وليس لإسالة الدماء البريئة، والخطورة هي في استخدام حملة الحرب على الإرهاب كمبرر خفي لمواصلة قمع الحريات وتكميم الأفواه وانتهاك حقوق الإنسان وإهدار الكرامة وسيطرة الصوت الواحد والرجل الواحد وإلغاء الوجه الآخر للنظام وهو المعارضة. هل هذه ملامح مصر الجديدة من الببلاوي إلى محلب؟!. هل في ظل هذه السياسة يمكن أن تحقق حكومة محلب الأمن وتجلب الاستقرار وتحرك الاقتصاد وتنشط السياحة وتجذب الاستثمار وتضع طوبة في بناء دولة مازالت تعيش أزمة غير مسبوقة؟!. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.