الحصر العددي، المرشحون الأكثر حصولًا على الأصوات في انتخابات النواب بالمنيا    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    وزارة التموين ترجئ افتتاح سوق اليوم الواحد بمنطقة بالمرج إلى الأحد المقبل    وزير الاستثمار يطرح رؤية مصر لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية    بالبنك المركزي 47.46 جنيه.. سعر الدولار اليوم الجمعة 12-12-2025 أمام الجنيه    وزير الخارجية يلتقي نظيره الأنجولي    التموين تواصل صرف مقررات شهر ديسمبر على بطاقات التموين    حكومة الاحتلال تصادق على تنظيم 19 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية    طريق للجنسية أقوى من الجرين كارد.. ماذا قال ترامب عن البطاقة الذهبية؟    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة بيراميدز وفلامنجو    مواعيد مباريات الجمعة 12 ديسمبر 2025.. ربع نهائي كأس العرب والأهلي في عاصمة مصر    سبورت: الأهلي لن يسهل انتقال عبد الكريم إلى برشلونة    الدوري الأمريكي يفتح أبوابه أمام صلاح ويُغريه بميسي    حضور متوسط مع الساعة الأولى لانتخابات نادي محافظة الفيوم    مصر تحصد ميداليتين في منافسات الوثب العالي والقرص بدورة الألعاب الأفريقية    هطول أمطار على أحياء الإسكندرية والصرف الصحي يتدخل| صور    الصرف الصحي يهدد الأموات بالغرق والأحياء بالمرض في فاو قبلي بقنا    موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته ال37    وزير الثقافة: انطلاق مؤتمر أدباء مصر بدورته ال37 فى العريش 26 ديسمبر    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    أمريكا تغرق.. فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية بولاية واشنطن    حل البرلمان التايلاندي لإجراء انتخابات جديدة مطلع العام المقبل    مؤشرات أولية.. الإعادة بين 6 مرشحين في الدائرة الأولى بانتخابات النواب في المنيا    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    ترامب يوقع أمراً تنفيذيا لمنع الولايات من صياغة لوائحها الخاصة بشأن الذكاء الاصطناعي    الصحة: إغلاق مركز Woman Health Clinic للعمل دون ترخيص وضبط منتحل صفة طبيب    صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ ينظم ورشة عمل تفاعلية للباحثين ضمن برنامج (R2E)    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    جوتيريش: عام 2025 شهد أكبر توسع للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    اليابان ترفع التحذير من وقوع تسونامي بعد زلزال بقوة 6,7 درجات    ثقافة أسيوط تنظم ندوتين حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتنمر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    القطري عبد الرحمن الجاسم حكما لمباراة بيراميدز وفلامنجو    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 12-12-2025 في قنا    ياسمين عبد العزيز: غلطت واتكلمت في حاجات كتير مش صح.. والطلاق يسبب عدم توازن للرجل والمرأة    تبرع هولندي بقيمة 200 مليون جنيه لدعم مستشفى «شفا الأطفال» بجامعة سوهاج    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    اللجنة العامة بأسيوط تستقبل محاضر الحصر العددي اللجان الفرعية استعدادا لإعلان النتيجة (فيديو)    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    ياسمين عبد العزيز: خسرت الفترة الأخيرة أكثر ما كسبت.. ومحدش يقدر يكسرني غير ربنا    جوتيريش: غارات إسرائيل المستمرة فى غزة ما زالت تتسبب بخسائر كبيرة    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    ظهر في حالة أفضل، أحدث ظهور لتامر حسني مع أسماء جلال يخطف الأنظار (فيديو)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة والمسكوت عنه في التلفزيون المصري
نشر في المصريون يوم 08 - 03 - 2011

لم يعد من اللائق ولا من المعقول بعد الآن أن نسكت على خطابنا الإعلامي بعد ثورة 25 يناير وما تمخضت عنه من إفرازات ومُخْرَجَات إيجابية أثارت دهشة العالم واحترامه، فلابد من الاعتراف أننا عُدنا القهقرى في كثير من الميادين التي كانت لنا الريادة الإقليمية فيها، ومنها الإعلام بكافة صوره ووسائطه.
فالتليفزيون المصري الذي أُنشىء في ستينيات القرن الماضي ظلَّ مقصدًا لكل الدول الإقليمية التي أرادت الاستفادة من التجربة الإعلامية الفريدة لمصر، وكانت كوادره الإعلامية موضع ثقة الجميع حتى انتهى عصر (الإعلام الحكومي المُوجَّه) وبدأ غزو الفضائيات الخاصة لسماوات العالم في ظل الثورة المعلوماتية الرهيبة، وما نتج عنها من حرية مطلقة أو نسبية في المحتوى الإعلامي.
وبالرغم من تغير الخطاب الإعلامي بعد هذا الغزو الفضائي إلا أن التلفزيون المصري ظلَّ يعمل بعقلية (الموظفين) الذين يؤدون عملًا نمطيًا روتينيًا لا يحترم عقلية المشاهد ولا يعبأ بنبض الشارع ولا بمشكلات المواطنين، وأضحى السقف المسموح به في برامجه أكثر انخفاضًا مما ينبغي، وهو ما أفقد المصريين الثقة في شاشتهم، فاتجهت أنظارهم صوب الفضائيات الأخرى ليطَّلعوا على ما أخفاه الإعلام الحكومي عنهم، حتى ترسَّخ لديهم إحساسٌ عميقٌ بأن الحقيقة قد أصبحت حِكرًا على قنوات بعينها.
ولفترة طويلة ظلت الشاشة في التلفزيون المصري حكرًا على أُناس بعينهم، فأكثرهم كان محسوبًا على النظام؛ فضلا عن قلة تدَّعي الاختلاف مع النظام بينما هم في حقيقة الأمر جزء لا يتجزأ من النظام لإضفاء (ديكور الديمقراطية)، وقد رأينا تزاوجًا خبيثًا بين الصحافة القومية والسلطة الإعلامية في ماسبيرو، تمامًا مثل (الزواج الباطل) بين السلطة ورجال الأعمال، وهو ما غيَّب الحيادية والنزاهة عن المحتوى البرامجي.
وفي الأيام الثمانية عشر من ثورة 25 يناير، فما أن حمي الوطيس حتى انكشف المستور وظهر قصور الكثيرين من مذيعينا الذين لم يُجيدوا الارتجال في نقل الأحداث المتلاحقة، فأصبح الواحد منهم مجرد ناطق للأسئلة العشوائية التي تأتيه من خلف الكاميرات بلغة ركيكة بعيدة عن الصحة اللغوية والبلاغة، أي على النقيض تمامًا من الفضائيات التي أدارت الأزمة باقتدار إعلامي تُحسد عليه -وإن لم تكن نوايا البعض منها خالصة- وكان لمذيعيها القدرة على رد الانتقادات التي توجه إلى قناتهم والذود عنها بلباقة بلباقة لا نظير لها، وهو ما يؤكد على أنهم اُختيروا بعيدًا عن (الوساطة والمحسوبية) وتلقوا دورات عديدة في فن (إدارة الأزمات).
كان التلفزيون المصري في الأيام ال 18 أشبه بجهاز للولولة والعويل والاستغاثات المبالغ فيها، حتى إن أحد الإعلاميين المعروفين ببرامجهم التي تعتمد على دغدغة المشاعر ظلَّ يصرخ لنصف الساعة مدعيًا أن هناك عشرات من حالات الاغتصاب حدثت في منطقته يوم الجمعة (جُمُعة الغضب) - وهو عدد لا يصدقه عاقل- وأصبح همُّ الإعلام المصري ترهيب الناس وإذاعة البيانات المثبطة التي من شأنها أن تجعل من كل مصري بَوَّابًا على عتبة بيته، وتأمُل أن يعود (الثورجية) من ميدان التحرير للقيام بنفس هذه المهمة، لا سيما وقد تخلى الأمن عن وظيفته وترك الوطن نهبًا للبلطجية وأرباب السوابق الذين أُطلقوا من قيودهم!!
ولا يمكن لأي منصف أن يتحدث عن تغطية الفضائيات للأزمة الأخيرة دون الإشارة إلى هيئة الإذاعة البريطانية (C.B.B) التي تثبت يومًا بعد يوم جدارتها وتفرَّدها الإعلامي الذي يعتبر نموذجًا يُحتذى به في المهنية والتجرد، وقد بلغ بها الحياد أن وجهت النقد المباشر إلى الحكومة البريطانية نفسها، والأكثر من ذلك أنها قد نقلت مؤخرًا بعض الإضرابات والتظاهرات للعاملين داخل الهيئة نفسها اعتراضًا على بعض سياساتها تجاههم. وهو ما يؤكد لنا أن تحري الحيادية والموضوعية أمر ليس من المستحيل ولا من نسج الخيال؛ إنما هو أمر ممكن إذا ما صدقت النوايا وصح العزم.
إن التلفزيون المصري يحتاج إلى ثورة أخرى مثل هذه الثورة التي لا نزال نتنسم هواءها العليل، وبات تغيير السياسات في هذه المؤسسة مطلبًا قوميًا لا سيما بعد أن أضحت شاشته في ذيل اهتمامات المشاهد بفضل السياسات الفاشلة التي أدارت هذه الآلة الإعلامية حينًا من الدهر لم تكن فيه شيئًا مذكورًا.
ولن يمكن إصلاح التلفزيون ما لم يتم تجديد دمائه، والتطهر من المحسوبية والانحيازية وأحادية الرأي وغيرها من الأدواء والعلل، مع إتاحة الفرصة كاملةً لكل الاتجاهات للتعبير عن نفسها وفكرها بشفافية كاملة، سواء اتفقت مع سياسات الحكومة أم لم تتفق، وإفساح الطريق أمام الشباب الواعي لاستيعابهم ومن ثم إعداد كوادر قادرة على تحمل المسئولية والقيام بأعبائها، وبالتالي نخلق مناخًا فاعلًا يُستمع فيه إلى الرأي والرأي الآخر دون انحياز.
إن الأمل معقودٌ الآن على الإعلام لإصلاح ما أفسدته الأنظمة المتعاقبة، وما خلفته من مناخات غير صحية أدت إلى تهميش روح الانتماء والتكريس لقيم سلبية مثل (اللامسئولية)، (الانتهازية)، (الاتكالية) و(الانهزامية) وغيرها من المُخرَجَات التي تفُتُّ في عضد الأمة يومًا بعد يوم.
وبإمكان (إعلام ما بعد الثورة) أن يُقدِّم الكثير في المرحلة المقبلة لبناء إنسانٍ مصريٍ محبٍّ لبلده، مؤمنٍ بقضيته، أمينٍ على مُقدِّرَات وطنه، يؤدي واجباته بإتقانٍ قبل أن يَطلب ما له من حقوق، ولعل إنسانًا بتلك المواصفات القياسية سيكون قادرًا على النهوض بهذه الدولة التي تمتلك كل المقومات المادية والبشرية للتقدم والازدهار.
كاتب وإعلامي مصري
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.