كشف الدكتور حسام بدراوي، الأمين العام السابق للحزب "الوطني"، أنه تعرض للطرد من القصر الرئاسي قبل يومين من تنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة استجابة للمطالب الشعبية في 11 فبراير الماضي، بعد أن "أقنعه بضرورة التنحي". وقال بدراوي الذي تقدم باستقالته عشية تنحي مبارك في تصريحات لفضائية "الحياة" مساء الثلاثاء: "لقد فوجئت مثل الملايين بعدم إلقاء مبارك لخطاب التنحي يوم الأربعاء (الموافق 9 فبراير الماضي)، وعرفت أن هناك من رفض فكرة التنحي، وأصدروا أمرًا بطردي من القصر الرئاسي". وعين بدراوي في الخامس من فبراير أمينا عاما للحزب في عملية تطهير من الوجوه التي لا تحظى بشعبية، في الوقت الذي كان يجد فيه مبارك صعوبة في مواجهة الانتفاضة الشعبية المطالبة بإسقاطه، لكنه سرعان ما أعلن استقالته من منصبه يوم 11 من الشهر ذاته قبيل إعلان مبارك تنحيه بسبب رفضه الاستجابة لدعوته بالتنحي. بدراوي وهو أحد الوجوه الإصلاحية داخل الحزب الحاكم سابقًا روى كيف أنه يعاني وسط قيادات الحزب الأخرى وعدم تمكنه من طرح آرائه بسبب التيار المضاد لها، مما جعله يؤثر الصمت، على حد قوله. وتابع قائلاً: "كنت أخاف من الإفصاح عن قناعاتي بشكل مستمر داخل الحزب "الوطني"، وكنت أعاقب على آرائي، وتضررت أنا وأسرتي كثيرًا لدرجة أنه تم إغلاق المستشفي الخاص بأسرتي لمدة تجاوزت أربعة أشهر وتشويه سمعتها، رغم كونها من أكبر المستشفيات الخاصة في البلد بقصد متعمد من الحزب الحاكم، لكن الخوف من السلطة هو قهر للنفس"، على حد تعبيره. وفي ضوء التطورات الجارية والتخلص من إرث النظام السابق، يبدي بداروي رفضًا لفكرة عودة الحزب "الوطني" على الساحة مجددًا بعد أن ظل لأكثر من 30 عامًا مهيمنًا على الحكم والعملية السياسية برمتها. وقال بدراوي: "الأسهل أن أنشي حزبًا جديدًا بمسمى جديد وفكر جديد، بدلاً من إعادة الحزب الوطني الذي أصبح مكروهًا وبغيضًا لدى كل الناس، لأن النخب التي سيطرت عليه كانت لا تفكر سوى في مصالحها الخاصة، ولم يكن يعمل بشفافية ونزاهة". وأضاف "للأسف حاولت إصلاحه مرارًا وتكرارًا وكلما عرضت الأمر على جمال مبارك يقول لي: كل شيء سيكون تمام ولم يحدث أي شيء بل كان يسوء أكثر وأكثر". لكنه في المقابل رفض منع قيادات الحزب الحاكم سابقًا من الانخراط في العمل السياسي خلال المرحلة المقبلة. وقال: "القانون والدستور يعطي كل فرد الحق في ممارسة السياسة ومن حقهم ممارسة العمل السياسي وتشكيل حزب جديد، فنحن لا نريد تكرار نفس الخطأ والعيب الذي كان في النظام القديم وهو رفض الآخر وعدم الاستماع له". وحذر من أنه "لو حدث أن تم استبعاد أعضاء الوطني من ممارسة السياسة فنحن بذلك نعود للنظام السابق ونتعامل بطريقته في رفض الآخر، فعلى الناس أن تتجاوب مع الحقبة الجديدة وتسمح لكل من يريد العمل السياسي أن يخوضه حتى لو كانوا لا يطيقونه". ودافع بدراوي عن حق "الإخوان المسلمين" التي كانت محظورة إبان النظام السابق في ممارسة السياسة، وأثنى على مبادرتهم بإنشاء حزب سياسي تحت مسمى حزب "الحرية والعدالة". وحول ما إذا كانت هناك ثورة مضادة كما أبدى البعض تخوفه، قال بدراوي: "حسب علمي لا أعلم إذا كان هناك ثورة مضادة من رموز الحزب "الوطني" أم لا، ولكن ضروري نعرف كيف نبني وكيف نحارب الفساد وأن تسير الثورة في خطاها لتحقق أهدافها". وأكد القيادي السابق بالحزب "الوطني"، أن الثورة حدثت بعد غضب مزمن وخوف مزمن وقهر مزمن، لأن النخب في الحزب الحاكم سابقًا "لم يكن لديهم عقول واعية كي يستمعوا للناس ويفهمون مشاكلهم الحقيقية".