هي حقيقة تربينا عليها، وخلفت أجيال اجيالا تلو الاجيال على تلك الحقيقة التي تحولت الى معتقد، انها الحقيقة التي لايغفلها انسان فوق سطح الكرة الارضية، حقيقة أن المصري لاثمن له، ولا قيمة له، ولا كيان له، فهو المقهور في وطنه، المشرد بين جنباته، التائه في حواريه، مسلوب الكرامة، معصوب الحق، المهان بين اهله ، المنتهك خارج بلاده، المتسول كرامته وقوته فوق موائد الفكر الانساني في الشرق والغرب... وبالرغم من قيام ثورة توقعناها الاقوى في تاريخنا المعاصر ضد الظلم والطغيان وانتهاك الكرامة والانسانية، إلا أن المصري لازال كما هو، بلا قيمة أو ثمن، بلا كرامة أو كيان... ماحدث مع شبابنا في سانت كاترين فضيحة بكل المقاييس، ولو أننا في بلد محترم لاقيلت الحكومة والنظام فورا، لكننا اعتدنا أن نحيا فوق ارض لاتحترم الا الاجانب، وتحت سماء لاتؤمن الا بالخواجات، وبين نظام لايرى الا مصالحه وصورته أمام العالم... وفاة اربعة شباب بين ثلوج جبال سانت كاترين صفعة مدوية على جباه كل العازفين على أوتار حقوق الانسان، الحقوقيون الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها لست البنات في ميدان التحرير،ولجيكا والمسحول، الان خرست الالسنة، وطأطأت الرؤس، وأنحنت الرقاب، الكل الان تجرع كوؤس المهانة والذلة فباتت رائحتهم العفنة تفوح من بين ثنايا احساسهم الميت وضمائرهم الحبيسة. ولو صحت تلك الرواية التي تقول أن هؤلاء الشباب قد استغاثوا بالنجدة لإرسال طائرة لإنقاذهم لكن المسئولون رفضوا لعدم وجود اجانب معهم، لو صحت تلك الرواية فلا مجال هنا الا أن يتم وضع رقاب الحكومة بكل من فيها وما عليها تحت مقصلة العدالة، وعلى القائمين على امور هذا الوطن - إن كان لدينا وطن أصلا – أن يحملوا امتعتهم ليرحلوا غير مأسوف عليهم.. فمتى يشعر المواطن بقيمته في بلده؟ ومتى يتحرك ساكن مسئولينا لنجدتنا؟ وهل باتت مصريتنا وبالا ونقمة علي المصريين؟ هل لابد أن احمل باسبور اجنبي حتى أجد من ينجدني في حال تعرضي للخطر؟ إلهذا الحد وصل بنا الامتهان لآبناء هذا الوطن؟ العالم يتحرك لنصرة كلب أو قطة، وحكومتنا تتقاعس لنصرة أبنائها لانهم ليسوا اجانب..الكلمات تهرب من بين يدي تأبى أن تخط بكلمات قد تسئ لهذا الوطن الذي طالما تجرعنا فيه كؤوس الذل والعار...اخشى أن يأتي اليوم الذي يتبرأ كل منا من مصريته لانها أصبحت عبئا عليه ونقمة وسوء مآل..أخشى أن ينفجر الكبت في صدور المصريين فيدمر الاخضر واليابس..كيف تطلبون منا أن نحب هذا الوطن وندافع عنه بأرواحنا وحياتنا وهو يتقاعس عن انقاذنا فقط لاننا مصريون؟ .. سؤال يعربد في حلقي أود أن اطرحه على المسئولين عن هذا الوطن..أما كانت هناك طائرة من تلك التي ملآت سماء التحرير ورابعة والنهضة ورمسيس ترسم القلوب وتلقي بالجوائز والاعلام لتنقذ هؤلاء المقهورين ؟ هل احتاجت الطائرة التي نقلت الاعلامي الزميل يسري فوده إثر تعرضه لحادث لعشرة أيام لنقله للقاهرة للعلاج كما أفاد المسئول في رده على استغاثات ضحايا سانت كاترين؟ .. أين الرحمة؟ بل أين الوطن؟ حينما تكون مصريتي سبب وفاتي..فلا تحدثني عن وطن قبل أن تحدثني عن مواطن