الكل تكلم عن زيارة المشير عبد الفتاح السيسي لروسيا، واجمعت الصحف ومنافذ الإعلام الأمني ، بأنها كانت "ناجحة"!!.. رغم أنه لا أحد منها يعرف لا على وجه الدقة أو التقريب أجندة الزيارة، وأسبابها وعلام اتفق الطرفان. الكلام استند إلى التحليلات والتكهنات، وركزت على "الشكل" مظهره المدني لا العسكري ممزوجا بكلام آخر يستند إلى قدر من "العنجهة الوطنية" الفارغة، واختراع "بطولات" عن تحدي الإرادة المصرية الجديدة الإدارة الأمريكية.. واستدعاء الخطاب الناصري المعادي للغرب، في "ردة حضارية" إلى ما قبل وما بعد هزيمة 67. لا أحد يعرف حتى الآن، نتائج زيارة وزير الدفاع، وما إذا كانت تستهدف الانفتاح على القوى الدولية الجديدة، أم طلبا للسلاح الذي يقول المصريون بأن واشنطن رفضت تسليمه لمصر، بعد الإطاحة بمرسي يوم 3يوليو 2013. والحال أن علاقة مصر بروسيا لم تنقطع، وكان هناك مستوى معقول من العلاقات بين القاهرة وموسكو، رغم العلاقة التي تتجاوز الدفء إلى الأكثر حميمية بين الأولى وواشنطن، منذ اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية "كامب ديفيد".. وذلك لأن مبارك وقادة الأجهزة الأمنية التابعة للجيش، منذ الستينيات وإلى العقود الثلاثة الأخيرة، ينتمون "علميا" و"حرفيا" إلى المدرسة العسكرية الروسية.. فيما تلقى الجيل الجديد، من الضباط علومهم العسكرية في الاكاديميات العسكرية الأمريكية، من بينهم القائد العسكري الأبرز في مصر الآن المشير عبد الفتاح السيسي.. ما يعطي أفضلية أكبر لعلاقة "كوبري القبة" ب"البنتاجون"، من أية رغبة في إعادة انعاش العلاقات القديمة مع الدب العسكري الروسي المترهل والأقل كفاءة من نظيره الأمريكي.. ناهيك عن الاتفاقات الملزمة للطرف المصري، أمام استحقاقات "كامب ديفيد" والتي يشكل الغرب وعلى رأسه الولاياتالمتحدةالأمريكية الضامن الوحيد له، ولن يسمح بأي إخلال يعرض الاتفاق للخطر، ما يطرح تساؤلات كثيرة عن مغزى ودلالة ومعنى زيارة المشير السيسي لروسيا. الكلام في القاهرة، يكاد يجمع، على أنها زيارة بهدف "التسليح"، وإذا كان ذلك صحيحا، فإن ثمة سؤالا آخر، يعكس حجم أزمة الأولويات في رأس الحكومة المدعومة من الجيش، يتعلق بما إذا كانت مصر، في حالها الراهن، تحتاج إلى السلاح أم إلى السلام، واعادة الوحدة للمجتمع المصري المنقسم الآن، بشكل ينذر بكارثة، حيث تراجعت أدوات الصراع السياسي السلمي بين المتصارعين على الشرعية القلقة، لصالح أدوات العنف المميتة ومن الطرفين. من المعروف أن أسبابا كثيرة اسقطت نظام حكم "مرسي".. ولكن أبرزها كانت "أزمة الوقود".. ومن المتوقع، أن تسقط "الأزمة الاقتصادية" النظام القادم ولو كان على رأسه السيسي نفسه. مصر لا تحتاج إلى سلاح.. بقدر حاجتها إلى انقاذ الاقتصاد المتدهور وإلى المصالحة والسلام الداخلي وحقن دماء المصريين.. والحال في روسيا من بعضه، ولن تتعامل معنا إلا بوصفنا "حافظة نقود".. وبالتالي فليس عندها ما تقدمه لانقاذ الاقتصاد المصري .. وليس عندنا ما تطلبه من شرط "الدفع مقدما" قبل أي اتفاق معها.. فعلام كانت الزيارة؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.