السيناتور تيد كروز يشيد بأمر ترامب التنفيذي ضد الإخوان    بعد التحذيرات الأمريكية، فنزويلا تهدد شركات الطيران الدولية بسحب التصاريح خلال 48 ساعة    بشكل مفاجئ، وفاة نجم اليوتيوب الشاب جان زيمرمان في ألمانيا    أخبار نص الليل | آخر الأخبار قبل أن يغفو العالم.. ترامب يصنف فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الأبرز    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    ماذا وجدت النيابة العامة في هواتف المتهمين بالتعدي على أطفال المدرسة؟    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    دعاء الفجر | اللهم احفظني ووطني وأهلي وأحبابي من كل سوء    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا العام أكثر قوة وشراسة.. واللقاح ضروري للغاية    ليلى علوي: حرصت على حضور حفل افتتاح صدى الأهرامات رغم انشغالي بالتصوير    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    المخرج عمر زهران: السينما مقصّرة في حق آثارنا.. ما زلنا نعيش على أغنية «الأقصر بلدنا»    وزارة الصحة تحذر من إساءة استخدام المضادات الحيوية لهذا السبب    أكسيوس: ترامب يخطط للتفاوض مباشرة مع مادورو رغم اعتباره زعيم منظمة إرهابية    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    وصول يسرا و إلهام شاهين وصابرين إلى شرم الشيخ للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي| صور    بالهداوة كده | حكاية كوب شاي.. وحكمة صغيرة    ياسر جلال يثني على أداء سمر متولي في "كلهم بيحبوا مودي": "بتعملي لايت كوميدي حلو جدًا"    مركز محزن ل ليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد نهاية الجولة ال 12    بمحفظة أراضٍ ضخمة.. خبيران: عرض الاستحواذ على أسهم زهراء المعادي للاستثمار أقل من القيمة العادلة    بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    طقس الثلاثاء.. انخفاض في درجات الحرارة وأمطار محتملة على البحر الأحمر    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    التنظيم الإرهابي يحتضر.. هل أطلق ترامب الرصاصة الأخيرة في نعش الإخوان؟    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    ترامب يوجه ببدء عملية تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    ألمانيا تنصح رعاياها بشدة بعدم السفر إلى فنزويلا بسبب توتر الوضع بالبلاد    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    أيمن العشري: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    إطلاق أكبر شراكة تعليمية بين مصر وإيطاليا تضم 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية.. غدًا    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر ما بعد مبارك
نشر في المصريون يوم 17 - 02 - 2011

رحل مبارك رحيلا مفاجئا بعد ساعات من بيانه الثالث الذي جاء محبطا لجماهير الشعب المصري، بعدما ارتفع سقف توقعاتهم من خلال تلك التسريبات المتكاثرة من الداخل والخارج، والتي أكدت أن مبارك سيذيع بيان التنحي في غضون ساعات.
وبرحيل مبارك، حققت الثورة المصرية أعظم انتصاراتها، وقطعت نصف الطريق إلى أهدافها، فسقط النظام برمته، ولم يعد لبقاياه قوة أو تأثير يذكر في المعادلات القائمة، وبقي النصف الآخر والذي ينتهي بالوصول إلى شكل الدولة المصرية، التي يسود فيها القانون، وينعم فيها المواطن المصري بالعدل والكرامة والحرية، والعيشة الكريمة.
لقد أثبت الشعب المصري من خلال ثورته العظيمة أنه استعاد قدرته بالفعل على رسم التاريخ، وصناعة الأحداث، ولم يكن الرئيس الأمريكي أوباما مبالغا حين قال أن الثورة المصرية ستكون مصدر إلهام لكل شعوب العالم، بما فيها الشعب الأمريكي نفسه.
لقد رحل مبارك نازعا فتيل الأزمة المصرية من جهة، ومخلفا وراءه مرحلة انتقالية يسعى الجميع إلى تحسس معالمها وأحداثها، والتي سترسم شكل الدولة المصرية في المرحلة المقبلة.
القوى المؤثرة في مرحلة ما بعد مبارك.
وتبرز هنا في المشهد السياسي الراهن القوتان الأساسيتان اللتان وقفتا من وراء نجاح هذه الثورة غير المسبوقة في تاريخ العالم، وعلى أساسهما ستتشكل خريطة مصر في المرحلة القادمة، وهما:
الأولى: قوة الشعب: وهي القوة الرئيسة التي كان لها الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى في نجاح هذه الثورة المباركة، والتي نجحت في إحداث هذا التحول التاريخي في مصر، بل في الشرق الأوسط بأكمله، حتى أنه لأول مرة في تاريخ مصر سيوجد ذلك اللفظ الذي لم يسبق تواجده في قاموس اللغة السياسية المصرية: لفظ الرئيس السابق.
ولئن كان الشعب في الأيام القليلة التي سبقت رحيل مبارك موزعا بين قوى التغيير التي تريد إحداث تحول جذري دفعة واحدة، وبين قوى الاستقرار التي تريد التغيير المتدرج الذي لا يؤثر على استقرار البلاد، كما سبق بيانه في مقالات سابقة، فإنه بعد ذلك النجاح الباهر الذي حققته الثورة المصرية المجيدة قد توحدت قواه على مطلب واحد عاجل هو سرعة الوصول إلى شكل الدولة المصرية الحديثة التي تتولى دفة الأمور فيها حكومة مدنية، ويكون فيها التوازن المنشود بين السلطات الثلاث: التنفيذية والقضائية والتشريعية، وينعم فيها المواطن بكافة حقوق الإنسان، وهو ما كان مفتقدا في نظام مبارك.
القوة الثانية: الجيش المصري، والذي أثبت جدارته بحب وثقة كل المصريين، بعد أن وقف مع مصلحة الدولة المصرية، ورفض محاولات الداخل أو الخارج في التدخل لصالح النظام، ولم يرتض أن يوجه أسلحته إلى صدور الشعب، بل أيد مطالب الثورة منذ البداية، واعترف بمشروعيتها متعهدا بحماية المواطنين.
ويبدو لي من سياق الأحداث أن الجيش قد أجبر مبارك على التنحي، ولم يقدم هو من تلقاء نفسه على هذه الخطوة طائعا مختارا، فلقد بدا منذ بيانه الأول إلى بيانه الثالث الذي كان أكثر بياناته استفزازا للشعب إصراره على البقاء، وكرر أكثر من مرة أنه سيقضي ما بقي له من عمر على تراب مصر، ثم فجأة أذاع نائبه عمر سليمان قرار التنحي، فلم يذعه هو بنفسه كالعادة، إضافة إلى البيان الأول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان إشارة واضحة على تولي الجيش مسئولية إدارة البلاد في تلك المرحلة.
وهو ما يؤيده تصريح عضو الكنيست، بنيامين بن إليعازر وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي السابق وهو السياسي الإسرائيلي الأقرب إلى مبارك، في تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أن الشارع المصري انتصر، بعد أن قال الجيش- الذي كان يعتمد عليه مبارك- له إنه لن يستطيع حمايته والدفاع عنه أكثر من هذا.
وبذلك فإن الجيش المصري يعتبر نفسه شريكا فاعلا في هذه الثورة المصرية، التي بدأها الشعب وأشعل فتيلها، ثم رعاها الجيش، وأيدها وساهم في حسم الأمور في نهاية المطاف مرجحا كفتها مراعاة لمصالح الدولة المصرية، وإنقاذا لها من السقوط والانهيار.
وبسقوط نظام مبارك، وبضمان الجيش حماية مصر من السقوط في هاوية الفوضى، وتعهده بالحفاظ على جميع الاتفاقات والمعاهدات الدولية فإن هناك قوتين قد خرجتا من معادلة القوى المؤثرة وهما قوة النظام، وقوة الولايات المتحدة والخارج، وأصبح الوضع الحالي والمستقبلي مرهونا بتفاعل قوة الشعب وقوة الجيش.
سيناريوهات ما بعد مبارك
من خلال التحليل السابق، ونحن نحاول توقع سيناريوهات ما بعد مبارك أن نأخذ في الاعتبار توجهات القوتين الأساسيتين المؤثرتين في الأحداث خلال المشهد السياسي الراهن، فتوجهات الشعب واضحة كما سبق ذكره من أنه يريد حكومة مدنية في ظل سيادة القانون وضمان حقوق المواطنين، مع وجود الجيش كحارس لمكتسبات الثورة.
وأما توجهات الجيش فتبدو واضحة في ظل بياناته الأربعة الصادرة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، والتي صرح فيها بأنه ليس بديلا عن الشرعية التي يرضاها الشعب، وهي الحكومة المدنية، وتعهده بالحفاظ على إنجازات الثورة، وحفظ الأمن والاستقرار في البلاد، وعمله على سيادة القانون، ودفع عجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام، والوصول بالبلاد إلى الديموقراطية الحقيقية التي قام الشعب من أجل تحقيقها، كما سعى الجيش أيضا إلى طمأنة الخارج الأمريكي بتعهده بالحفاظ على اتفاقيات مصر وتعهداتها الدولية.
ولعل أقرب الصور التي تشكل نموذجا لما يمكن أن يحقق توجهات الشعب والجيش هو النموذج التركي سواء ما قبل أو بعد أردوجان، باعتبار تركيا تمثل أفضل النماذج الديموقراطية في الشرق الأوسط لا سيما في مرحلة ما بعد أردوجان، لكون أحدث ذلك التوازن الصعب بين الحفاظ على المصلحة الوطنية، مع النجاح في التعامل مع القوى الخارجية والاحتفاظ معها بعلاقات صحية.
والترجيح القادم هنا سيكون بين النموذجين بحسب مساحة الجيش ودوره وصلاحياته في ظل النظام القادم، ومدى قبول الشعب لهذا الدور، ففي حالة النموذج التركي ما قبل أردوجان فإن دور الجيش يتمثل في كونه حارسا للدستور، بحيث قد يتدخل فعليا بإسقاط الحكومة إذا ما حاولت تهديد الهوية العلمانية التركية، كما حاولت حكومة نجم الدين أربكان، وبالتالي فإن الشرعية الممنوحة لجميع القوى السياسية تكون شرعية مشروطة، ومراقبة من قبل الجيش، لمنعها من تغيير شكل وهوية البلاد، مع الفارق في مصر بأن هوية الدولة إسلامية كما ينص الدستور.
وأما في حالة النموذج التركي ما بعد أردوغان فإن دور الجيش هنا يتمثل في حراسة الدولة التركية من الانهيار، ولا يتدخل في شكل الحكومة أو ممارساتها، مع امتلاك الجيش لقرار الحرب والسلم لكونه المكون الرئيس لمجلس الأمن القومي الأعلى للبلاد، وبالتالي ففي ظل هذا النموذج تتمتع جميع القوى السياسية بالشرعية الكاملة غير المراقبة، بغض النظر عن أيدولوجياتها أو توجهاتها الفكرية، طالما حافظت على قواعد اللعبة السياسية.
والذي يبدو إلى الآن من خلال سياق الأحداث أنها تتجه إلى صالح النموذج الثاني، وهو تركيا ما بعد أردوغان، وهو التوجه الذي يتفق وسقف التوقعات الأمريكية بعد أن تغيرت إلى الأبد صورتها الذهنية عن الشعب المصري بل الشعب العربي بأسره، من خلال الثورة الشعبية المصرية، كما يبدو في خطابات أوباما المتتالية.
لكن الوقت ما زال مبكرا على حسم هذا الخيار المصيري، وما من شك فإن الأيام القادمة لا تزال حبلى بالأحداث اليومية التي سترسم الشكل النهائي لمصر ما بعد مبارك بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.