تعيين الدكتور عبد المنعم السيد مستشارًا ماليًا للاتحاد العربي للفنادق والسياحة    تامر عبد الحميد: الزمالك يحتاج إلى 11 صفقة في فترة الانتقالات الصيفية    عطلة الجمعة.. قيام 80 قطارًا من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري اليوم    نقيب الأشراف يشارك في احتفالات مشيخة الطرق الصوفية بالعام الهجري    نشرة التوك شو| "الأطباء" تحذر من أزمة في القطاع الصحي وشعبة الدواجن تدعو للتحول إلى الخلايا الشمسية    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السعودية بداية تعاملات الجمعة 27 يونيو 2025    انخفاض ملحوظ في البتلو، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    الشارع بقى ترعة، كسر مفاجئ بخط مياه الشرب يغرق منطقة البرج الجديد في المحلة (صور)    شرطة الاحتلال تفرق مظاهرة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل أسرى    إعلام إسرائيلي: حدث أمني صعب في خان يونس.. ومروحيات عسكرية تجلي المصابين    محتجون ليبيون يهددون بوقف إنتاج النفط بمجمع مليتة بسبب دعم إيطاليا لحكومة الدبيبة    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    رامي ربيعة يقود العين لاقتناص فوز غال أمام الوداد بكأس العالم للأندية    مشاهدة مباراة الهلال وباتشوكا بكأس العالم للأندية 2025    «أثرت بالسلب».. أسامة عرابي ينتقد صفقات الأهلي الجديدة    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    تفاصيل الحالة الصحية للبلوجر محمد فرج الشهير ب"أم عمر" بعد تعرضه لحادث مروع (صور)    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    حبس عنصر إجرامي لقيامه بجلب وتصنيع المخدرات بالقليوبية    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    مايا دياب أنيقة ومريام فارس ساحرة .. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    دعاء الجمعة الأولى في السنة الهجرية الجديدة 1447 ه    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    وزير الأوقاف يشهد احتفال الطرق الصوفية بالعام الهجري الجديد بمسجد الحسين    أيمن أبو عمر: الهجرة النبوية بداية جديدة وبشارة بالأمل مهما اشتدت الأزمات    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    موجودة في كل بيت.. أنواع توابل شهيرة تفعل العجائب في جسمك    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    معهد تيودور بلهارس للأبحاث يشارك في المؤتمر الصيني الأفريقي للتبادل التقني    إسرائيل توافق على مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار    الخارجية الأمريكية: الموافقة على 30 مليون دولار لتمويل "مؤسسة غزة الإنسانية"    رويترز: قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على تمديد العقوبات المفروضة على روسيا    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    حسام الغمري: معتز مطر أداة استخباراتية.. والإخوان تنسق مع الموساد لاستهداف مصر    وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة بعد 12 يومًا من الحرب مع إسرائيل    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    صلاح دياب يكشف سر تشاؤمه من رقم 17: «بحاول مخرجش من البيت» (فيديو)    رجل يفاجأ بزواجه دون علمه.. هدية وثغرة قانونية كشفتا الأمر    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    «30 يونيو».. نبض الشعب ومرآة الوعي المصري    البحوث الإسلامية: الهجرة النبوية لحظة فارقة في مسار الرسالة المحمدية    الأهلي يضع شرطا حاسما لبيع وسام أبوعلي (تفاصيل)    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    بمشاركة مرموش.. مانشستر سيتي يهزم يوفنتوس بخماسية في مونديال الأندية    أزمة بين زيزو وتريزيجيه في الأهلي.. عبدالعال يكشف مفاجأة    بمشاركة مرموش.. مانشستر سيتي يكتسح يوفنتوس بخماسية في كأس العالم للأندية    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 27 يونيو 2025    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    قصور ثقافة أسوان تقدم "عروس الرمل" ضمن عروض الموسم المسرحى    السياحة: عودة جميع الحجاج المصريين بسلام إلى مصر بعد انتهاء الموسم بنجاح    عراقجي: لم نتخذ قرارا ببدء مفاوضات مع الولايات المتحدة    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر ما بعد مبارك
نشر في المصريون يوم 17 - 02 - 2011

رحل مبارك رحيلا مفاجئا بعد ساعات من بيانه الثالث الذي جاء محبطا لجماهير الشعب المصري، بعدما ارتفع سقف توقعاتهم من خلال تلك التسريبات المتكاثرة من الداخل والخارج، والتي أكدت أن مبارك سيذيع بيان التنحي في غضون ساعات.
وبرحيل مبارك، حققت الثورة المصرية أعظم انتصاراتها، وقطعت نصف الطريق إلى أهدافها، فسقط النظام برمته، ولم يعد لبقاياه قوة أو تأثير يذكر في المعادلات القائمة، وبقي النصف الآخر والذي ينتهي بالوصول إلى شكل الدولة المصرية، التي يسود فيها القانون، وينعم فيها المواطن المصري بالعدل والكرامة والحرية، والعيشة الكريمة.
لقد أثبت الشعب المصري من خلال ثورته العظيمة أنه استعاد قدرته بالفعل على رسم التاريخ، وصناعة الأحداث، ولم يكن الرئيس الأمريكي أوباما مبالغا حين قال أن الثورة المصرية ستكون مصدر إلهام لكل شعوب العالم، بما فيها الشعب الأمريكي نفسه.
لقد رحل مبارك نازعا فتيل الأزمة المصرية من جهة، ومخلفا وراءه مرحلة انتقالية يسعى الجميع إلى تحسس معالمها وأحداثها، والتي سترسم شكل الدولة المصرية في المرحلة المقبلة.
القوى المؤثرة في مرحلة ما بعد مبارك.
وتبرز هنا في المشهد السياسي الراهن القوتان الأساسيتان اللتان وقفتا من وراء نجاح هذه الثورة غير المسبوقة في تاريخ العالم، وعلى أساسهما ستتشكل خريطة مصر في المرحلة القادمة، وهما:
الأولى: قوة الشعب: وهي القوة الرئيسة التي كان لها الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى في نجاح هذه الثورة المباركة، والتي نجحت في إحداث هذا التحول التاريخي في مصر، بل في الشرق الأوسط بأكمله، حتى أنه لأول مرة في تاريخ مصر سيوجد ذلك اللفظ الذي لم يسبق تواجده في قاموس اللغة السياسية المصرية: لفظ الرئيس السابق.
ولئن كان الشعب في الأيام القليلة التي سبقت رحيل مبارك موزعا بين قوى التغيير التي تريد إحداث تحول جذري دفعة واحدة، وبين قوى الاستقرار التي تريد التغيير المتدرج الذي لا يؤثر على استقرار البلاد، كما سبق بيانه في مقالات سابقة، فإنه بعد ذلك النجاح الباهر الذي حققته الثورة المصرية المجيدة قد توحدت قواه على مطلب واحد عاجل هو سرعة الوصول إلى شكل الدولة المصرية الحديثة التي تتولى دفة الأمور فيها حكومة مدنية، ويكون فيها التوازن المنشود بين السلطات الثلاث: التنفيذية والقضائية والتشريعية، وينعم فيها المواطن بكافة حقوق الإنسان، وهو ما كان مفتقدا في نظام مبارك.
القوة الثانية: الجيش المصري، والذي أثبت جدارته بحب وثقة كل المصريين، بعد أن وقف مع مصلحة الدولة المصرية، ورفض محاولات الداخل أو الخارج في التدخل لصالح النظام، ولم يرتض أن يوجه أسلحته إلى صدور الشعب، بل أيد مطالب الثورة منذ البداية، واعترف بمشروعيتها متعهدا بحماية المواطنين.
ويبدو لي من سياق الأحداث أن الجيش قد أجبر مبارك على التنحي، ولم يقدم هو من تلقاء نفسه على هذه الخطوة طائعا مختارا، فلقد بدا منذ بيانه الأول إلى بيانه الثالث الذي كان أكثر بياناته استفزازا للشعب إصراره على البقاء، وكرر أكثر من مرة أنه سيقضي ما بقي له من عمر على تراب مصر، ثم فجأة أذاع نائبه عمر سليمان قرار التنحي، فلم يذعه هو بنفسه كالعادة، إضافة إلى البيان الأول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان إشارة واضحة على تولي الجيش مسئولية إدارة البلاد في تلك المرحلة.
وهو ما يؤيده تصريح عضو الكنيست، بنيامين بن إليعازر وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي السابق وهو السياسي الإسرائيلي الأقرب إلى مبارك، في تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أن الشارع المصري انتصر، بعد أن قال الجيش- الذي كان يعتمد عليه مبارك- له إنه لن يستطيع حمايته والدفاع عنه أكثر من هذا.
وبذلك فإن الجيش المصري يعتبر نفسه شريكا فاعلا في هذه الثورة المصرية، التي بدأها الشعب وأشعل فتيلها، ثم رعاها الجيش، وأيدها وساهم في حسم الأمور في نهاية المطاف مرجحا كفتها مراعاة لمصالح الدولة المصرية، وإنقاذا لها من السقوط والانهيار.
وبسقوط نظام مبارك، وبضمان الجيش حماية مصر من السقوط في هاوية الفوضى، وتعهده بالحفاظ على جميع الاتفاقات والمعاهدات الدولية فإن هناك قوتين قد خرجتا من معادلة القوى المؤثرة وهما قوة النظام، وقوة الولايات المتحدة والخارج، وأصبح الوضع الحالي والمستقبلي مرهونا بتفاعل قوة الشعب وقوة الجيش.
سيناريوهات ما بعد مبارك
من خلال التحليل السابق، ونحن نحاول توقع سيناريوهات ما بعد مبارك أن نأخذ في الاعتبار توجهات القوتين الأساسيتين المؤثرتين في الأحداث خلال المشهد السياسي الراهن، فتوجهات الشعب واضحة كما سبق ذكره من أنه يريد حكومة مدنية في ظل سيادة القانون وضمان حقوق المواطنين، مع وجود الجيش كحارس لمكتسبات الثورة.
وأما توجهات الجيش فتبدو واضحة في ظل بياناته الأربعة الصادرة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، والتي صرح فيها بأنه ليس بديلا عن الشرعية التي يرضاها الشعب، وهي الحكومة المدنية، وتعهده بالحفاظ على إنجازات الثورة، وحفظ الأمن والاستقرار في البلاد، وعمله على سيادة القانون، ودفع عجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام، والوصول بالبلاد إلى الديموقراطية الحقيقية التي قام الشعب من أجل تحقيقها، كما سعى الجيش أيضا إلى طمأنة الخارج الأمريكي بتعهده بالحفاظ على اتفاقيات مصر وتعهداتها الدولية.
ولعل أقرب الصور التي تشكل نموذجا لما يمكن أن يحقق توجهات الشعب والجيش هو النموذج التركي سواء ما قبل أو بعد أردوجان، باعتبار تركيا تمثل أفضل النماذج الديموقراطية في الشرق الأوسط لا سيما في مرحلة ما بعد أردوجان، لكون أحدث ذلك التوازن الصعب بين الحفاظ على المصلحة الوطنية، مع النجاح في التعامل مع القوى الخارجية والاحتفاظ معها بعلاقات صحية.
والترجيح القادم هنا سيكون بين النموذجين بحسب مساحة الجيش ودوره وصلاحياته في ظل النظام القادم، ومدى قبول الشعب لهذا الدور، ففي حالة النموذج التركي ما قبل أردوجان فإن دور الجيش يتمثل في كونه حارسا للدستور، بحيث قد يتدخل فعليا بإسقاط الحكومة إذا ما حاولت تهديد الهوية العلمانية التركية، كما حاولت حكومة نجم الدين أربكان، وبالتالي فإن الشرعية الممنوحة لجميع القوى السياسية تكون شرعية مشروطة، ومراقبة من قبل الجيش، لمنعها من تغيير شكل وهوية البلاد، مع الفارق في مصر بأن هوية الدولة إسلامية كما ينص الدستور.
وأما في حالة النموذج التركي ما بعد أردوغان فإن دور الجيش هنا يتمثل في حراسة الدولة التركية من الانهيار، ولا يتدخل في شكل الحكومة أو ممارساتها، مع امتلاك الجيش لقرار الحرب والسلم لكونه المكون الرئيس لمجلس الأمن القومي الأعلى للبلاد، وبالتالي ففي ظل هذا النموذج تتمتع جميع القوى السياسية بالشرعية الكاملة غير المراقبة، بغض النظر عن أيدولوجياتها أو توجهاتها الفكرية، طالما حافظت على قواعد اللعبة السياسية.
والذي يبدو إلى الآن من خلال سياق الأحداث أنها تتجه إلى صالح النموذج الثاني، وهو تركيا ما بعد أردوغان، وهو التوجه الذي يتفق وسقف التوقعات الأمريكية بعد أن تغيرت إلى الأبد صورتها الذهنية عن الشعب المصري بل الشعب العربي بأسره، من خلال الثورة الشعبية المصرية، كما يبدو في خطابات أوباما المتتالية.
لكن الوقت ما زال مبكرا على حسم هذا الخيار المصيري، وما من شك فإن الأيام القادمة لا تزال حبلى بالأحداث اليومية التي سترسم الشكل النهائي لمصر ما بعد مبارك بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.