لفت نظرى الكم الهائل من المقالات والتعليقات فى الكثير من الجرائد الورقيه والرقميه عن حادث الاسكندريه وعن الاحتقان الطائفى و ولكن للأسف لم يتطرق اى منها الى النظره العلميه والقانونيه للموضوع. ان مشكلة المشاكل فى مصر تكمن فى عدم احترام القانون والدستور , ولكنى اضيف اليها هنا عدم احترام التخصص والمهنيه , فكل مجال له مختصيه وله من يقوم عليه, فالبنوك مثلا يديروها اقتصاديون , خريجى كليات التجاره والاقتصاد, وكذا العماره والتخطيط والبناء له متخصصون من خريجى كليات الهندسه, فلا دخل للسياسى او الاقتصادى فيه , وكل فى مجال تخصصه يعمل طبقا لأصولها وقواعدها , اى بالبلدى الفصيح (ادى العيش لخبازه) , بان يوضع الرجل المناسب فى المكان المناسب وان يترك الأمر لأهل العلم به. سأتحدث هنا عن مشكلة تصاريح بناء الكنائس و قانون اماكن العباده الموحد, فمن متابعتى لهذا الموضوع اتضح لى عدم وعى العامه من المصريين وكذا جهل الساسه ومتخذى القرار بمرجعيات اسس البناء والعمران. فالبناء فى دول العالم بلا استثناء يتبع اجهزه متخصصه , فكل مدينه وكل حى لها محددات واشتراطات للبناء والتخصيص والتخطيط لا تحيد عنه , فلم ارى فى اى دوله فى العالم ان بناء كنيسه يتم بقرار جمهورى من رئيس الجمهوريه الا فى مصر, وهذا عته وتخلف ادارى , فرئيس الدوله له مهام اكبر من تصاريح البناء أو فض اشتباك توصيف اراضى , فهناك قوانين لتخطيط المدن وتقسيم الأحياء , وهناك علم تخطيط المدن يدرس بجامعات العالم والجامعات المصريه له اساتذه ومتخصصون و وكذا هناك مراجع علميه لأسس ومعدلات التخطيط العامه والتى تطبق فى جميع انحاء العالم. فهناك تخطيط عام للمدينه ومخططات تفصيليه للمناطق والأحياء وتخصيص لوظائف الاراضى فهذا سكنى وهذا تجارى وهذا صناعى وهذا للعباده وهذا تعليمى .... الخ. وتحدد أماكن المبانى طبقا لهذه الأسس التخطيطيه والمعماريه , فمثلا المناطق الصناعيه بضوضائها وتلوثها يجب ان تكون خارج المناطق السكنيه , مع مرعاة اتجاه الرياح لمنع وصول الهواء الملوث للمناطق السكنيه, وكذا المناطق التجاريه الصغيره يجب ان تكون على مقربه من السكن أما الكبيره فتكون بعيده للتسوق الشهرى او الأسبوعى , والمدرسه الثانويه يجب ان تكون فى حدود مسافة 10 دقائق سير على الأقدام أما المدارس الابتدائيه فتكون اقرب للصغار وتكون باعداد اكثر ومساحات اقل. وهكذا فعلم تخطيط المدن يعطى لنا معدلات الاحتياج من مدارس ومصانع وكنائس وجوامع ومتاجر... الخ ومساحاتها وانسب اماكن لانشائها . ما أردت ان اوضحه ان هناك اسس علميه وتخطيطيه وقانونيه تتبع فى هذا المجال , وهناك هيئات كمجالس المدن والأحياء للمتابعه والمراجعه والتحقق من عدم المخالفه , وهناك معدلات بالكم والنوع والحجم والمساحه لاحتياجات المجتمع والناس تتبعها كل دوله وكل مدينه وكل حى وهى تقرر من خلال المتخصصين ما يجب ان يكون من احتيجات لبناء مجتمعات صحيه طبقا لاسس تخطيطيه وعلميه سليمه , ولكن للأسف ما يحدث فى مصر هو كما يقولون ,"سمك لبن تمر هندى" , خلطبيطه , عشوائيه , تخبط. قد يجادل البعض بأن العشوائيه فى مصر هى الأساس فى كل شئ وخاصة عشوئيات المبانى , أنا أعلم هذا, ولكن حينما يخاطبنا العالم الغربى عن الظلم والاطهاد فى عدم بناء الكنائس , فيجب ان يكون ردنا على ذلك بأسلوب علمى مبنى على اسس قانونيه , وأنا على يقين انه لن يستطيع احد فى الغرب ان يعترض على تطبيق القانون , فعندهم القانون فوق الجميع, وهو يحكم الكل من الغفير الى الرئيس. ففى أمريكا لايمكن ان تخالف فى البناء , او ان تبنى وتوظف شئ فى غير موضعه, فالأرض المخصصه للسكن لايمكن ان تبنيها او توظفها قهوه , والمصنع لايمكن ان يبدل بمدرسه. فمن الملاحظ فى الأيام السابقه أن مشكله المسئولين عندنا جهلهم أو تجاهلهم للوجه القانونيه للموضوع فلم يستطيعوا مخاطبة الغرب , والجهل يولد عدم الثقه ومن ثم التنازل عن الحقوق والمسلمات. أعود الى نقطتى الاساسيه هنا وهى بناء الكنائس او المساجد وقانون العباده الموحد , وا لوحدانية لله جل جلاله. اذن فالمعدلات التخطيطيه تعطينا أرقام محدده بكل نوع من المبانى, فمثلا المعدل يقول كنيسه لكل 5000نسمه , اذن فى مدينه بها 50000 نسمه تكون بحاجه الى 10 كنائس ,او تحدد طبقا لمسافة السير , فتبنى كنيسه كل 5كم ولايصح ان تبنى كنيسه اخرى داخل دائره قطرها 5كم , هذه هى قوانين التخطيط التى يجب ان تتبع . السؤال هنا , هل اذا ما تم حصر ومراجعة كل ما تم بناءه من كنائس وأديره كاف أو غير كاف , فاذا كان هناك عجز حقيقى والمصلين لايجدون مكان كاف فببساطه يجب ان تلبى هذه الاحتياجات طبقا للمعدلات المطلوبه. الا انه هناك يقين انه اذا ما تم حصر ما تم بناءه من اديره وكنائس بمواقعها ومساحتها للوقوف على الحقائق, قد تظهر الفاجعه والتجبر فى كم ومساحات الكنائس بمصر التى قد تزيد بأضعاف المطلوب وهى غير مستغله فتكون الحكومه والرئيس والمسلمين أبرياء من ادعاءات الاخوه المسيحيين. .ان الغرب لايعرف سوى لغة الأرقام والقوانين والوثائق التى توضح الحقائق بلا لبس وهذه المراجعات قد تثبت مدى زيف ادعاءات اقباط المهجر وغيرهم من ساسة اوربا او بابا الفاتيكان بان هناك ظلم للمسيحيين , فما يتمتع به الاخوه المسيحيون فى مصر لايتمتع به المسلمين فى الغرب خاصة فى بناء دور العباده , وما حدث فى السويدوفرنسا ليس ببعيد. فما يتم فى مصر من منح وهبات من اراضى الدوله وخلافه للكنيسه لهو جور على حق وأملاك هذا الشعب ككل , وكذا ما يتم بناءه من كنائس مؤخرا وبصوره عشوائيه خارج نطاق المعدلات المعترف بها عالميا ودونما قواعد واسس علميه هو خلط للأوراق. , فأمر بناء الكنائس من اختصاص رئيس الحى وليس رئيس الجمهوريه , وتحكمه قواعد واسس ولا تحكمه ابدا المجاملات التى ليس لها محل من القانون , سوى أخذ حق هذا واعطاءه لاخر لا يستحقه و هذا الظلم يخلق الضغائن والغبن. فمشكلة المشاكل فى مصر هو عدم تفعيل القانون وتفعيل المجاملات والتدخلات السياسيه والسياديه فى الامور الفنيه مما يؤدى الى فساد الكل وتحول المدن والأحياء الى قبح , فلم ارى فى حياتى ان تدخل رئيس امريكا او رئيس فرنسا فى عمل مجلس الحى او مجلس الولايه , فكل له اختصاصه وصلاحياته وكل شئ له قوانينه التى يجب اتباعها , وكذا نرغب فى مصر ان يترك الأمر لأهله من المتخصصون وان يترك القانون ليأخذ مجراه الطبيعى , وفى هذه الحاله لن يستطيع ان يلومك احد بالداخل اومن الخارج. فالحلول القانونيه العادله لا تغضب احد ولا تتيح لأحد ان يعترض على العدل بالقانون. اننى اعتصر آلما وانا ارى الجهل والتخلف والعشوائيه فى التخطيط خاصة فى البناء الذى حول معظم مدننا الجميله الى قبح بين , فلم ارى فى اى دوله فى العالم ان بناء الكنائس اوالجوامع يتم بأوامر سياديه ولكن طبقا للقوانين والأسس السليمه التى تراعى لاجمال والصحه. وللاسف هذه المساله لاتقف عند حد عشوائية بناء الكنائس بقرارات سياديه أو بنائها من خلف القوانين , ولكن ايضا هناك عشوائيه اخرى فى هدم كل ما هو أخضر , فعند تخطيط مدينة 6 أكتوبر , اشتمل المخطط العام على حزام اخضر بعمق بضعة كيلومترات لحماية المدينه من العواصف الرمليه , وجاء مسئول غير مثقف وسأل مسئول اخر اقل ثقافه , ما هذه المساحه الكبيره , فرد المسئول (الغير مسئول) انها مخططه كى تكون حديقه خضراء وأشجار , فرد المسئول الكبير , بلا حديقه بلا دياولوا , تعالى نقسمها على الحبايب , فكان نصيب كل حبيب من لجنة الحبايب 1000 فدان بالتمام , فقام بتصقعها حتى تجدمدت , ثم باعها تقسيم عمارات وفيلات فأصبح من مليونرات او مليارديرات هذه الأيام , هذا هو الجهل والتخبط وانعدام التخطيط وفهم المستقبل. ناهيك عن التعديات الفجه على الرقعه الزراعيه التى يعتصر لها قلبى حزنا منذ 30 عاما وانا اراها تندثر , وهى مأساه لمستقبل اجيالنا لايعلمها الا الله. 30 عاما وانا اتالم من تبوير اجود الآراضى الزراعيه على ضفاف النيل لزرع كتل خرسانيه وقبح معمارى لامثيل له فى العالم , فقد كانت جريمه تحيل صحبها الى المحاكم العسكريه , ولكن الآن للأسف كل القوانين يتم تغيرها وطبخها لخدمه فئات محدوده. فتبوير الاراضى الزراعيه لمكاسب ماديه قصيره المدى ولفئه محدوده , ألا أنها فى الحقيقه دمار لمستقبل امه وشعب , فلم يتركوا للاجيال القادمه الا البوار والخراب والعشوائيات القبيحه انها الماساه بعدم الفهم الصحيح للمشكله فى العوده الى احترام العلم والعلماء و الى احترام القانون والبعد عن القرارت السياسه والساديه وما شابه , والتى ادت مع تكرارها وتداخلها فى كل مناحى الحياه الى كارثة مصر العمرانيه * استاذ العماره والتخطيط البيئى بالولايات المتحده الأمريكيه