وضعت الوثائق المسربة حول جلسات محادثات السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، والتي كشفت فضائية "الجزيرة" النقاب عنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حرج بالغ بعد أن أظهر تناقض تصريحاته العلنية مع ما يتعهد به مسئولوه سرًا، بالتنازل عن مساحات شاسعة من القدسالشرقيةالمحتلة عام 1967، وتقديم تنازلات "غير مسبوقة" في الحرم الشريف. وكشفت مصادر دبلوماسية مطلعة، أن عباس طلب من مصر التدخل لدى قطر من أجل التوقف عما اعتبرها محاولة لتشويه صورة السلطة الفلسطينية أمام الرأي العام العربي، على الرغم من أن السلطة – وكما يقول- قد أطلعت جميع الدول العربية على جميع تطورات المفاوضات مع الإسرائيليين في جميع مراحلها. وأفادت المصادر أن مصر أبدت دعما لموقف السلطة الفلسطينية الساعي لتطويق هذه الأزمة، والتأكيد أن هذه التسريبات هي محض افتراء على السلطة الفلسطينية التي لم تقدم بحسب وجهة نظر مقربين من عباس تنازلات ذات قيمة خلال المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع الإسرائيليين. وقال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري السابق ل "المصريون"، إن هذه الوثائق أوقعت السلطة الفلسطينية في حرج بالغ، بعد ما كشفته من تنازلات من جانب المفاوضين الفلسطينيين، وخاصة فيما يتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية بالقدس والحرم القدسي الشريف، وهذا ما يفسر حالة التوتر التي ظهر عليها مسئولو السلطة خلال الساعات الأخيرة بعد كشف "الجزيرة" عن الوثائق. وأشار إلى إمكانية تدخل أطراف عربية، ومن بينها مصر، من أجل منع تصاعد التوتر بين قطر والسلطة، بعد أن وجه المسئولون الفلسطينيون اتهامات إلى الدوحة بالوقوف وراء تسريب تلك الوثائق. وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الوثائق ستكون لها تداعيات سلبية على السلطة، ولاسيما في الداخل الفلسطيني، حيث ستثير هذه التسريبات تساؤلات حول استراتيجيتها فيما يتعلق بإدارة ملف المفاوضات، وهو ما قد تتخذه حركة "حماس" ذريعة لتوجيه مزيد من الانتقادات للرئيس عباس. ورجح مساعد وزير الخارجية السابق أن تسعى السلطة الفلسطينية في مواجهة ذلك إلى الحصول على دعم عربي خلال الأزمة، والإشارة إلى أنها عرضت جميع مراحل المفاوضات على الدول العربية، وهو ما اعتبره يعكس رغبتها في إيجاد غطاء عربي يجنبها مزيدا من الانتقادات. وكان رئيس السلطة الفلسطينية الذي تفاجئ ببث الوثائق خلال تواجده في مصر قد سعى للتخفيف من وقع الصدمة التي أثارتها الوثائق المسربة، بقوله في تصريحات بعد استقبال الرئيس حسني مبارك له أنه لم يعرض على إسرائيل سرا تنازلات. وأشار إلى أن هناك خلطا بين المواقف الإسرائيلية والمواقف الفلسطينية في الوثائق المسربة، ورأى أن "المقصود هو الخلط... لأني رأيت أمس يعرضون شيئا يقال انه فلسطيني وهو إسرائيلي.. نقول بمنتهى الصراحة ليس لدينا سر وهذا الذي تعرفه جميع الدول العربية مجتمعة ومنفردة". وأضاف إن كل محادثاته مع الإسرائيليين تم شرحها بالكامل للدول العربية وان هذا مدعوم بالوثائق، ومضى قائلا: "كل اللقاءات التي نجريها وكل قضية نطرحها أو تطرح علينا نقدمها بتفاصيلها للدول العربية مشروحة بالوثائق وبالاوراق.. لذلك عندما يحصل خلط ما بين المقترحات الاسرائيلية وهي كثيرة والمواقف الفلسطينية.. هذا يكون مقصودا". ومن المقرر- وكما أعلنت "الجزيرة"- أن تكشف قريبًا عما قالت إنها وثائق تظهر أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا على استعداد كذلك لتقديم تنازلات كبيرة بشأن قضية خلافية أخرى المتعلقة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.