في الوقت الذي يحتفل فيه البعض بذكرى مرور 96 عاماً علي ميلاد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ، أصدرت جماعة الإخوان المسلمون بياناً تعتذر فيه للشعب المصري عامة وللثوار خاصة عما اقترفته من أخطاء . من أبرز تلك الأخطاء علي حد قولهم هو حسن ظنهم بالمجلس العسكري خلال وبعد ثورة 25يناير 2011م! تمنيتُ أن يكون الاعتذار اعترافاً بالخطأ وتصحيحاً للمسار ومعاودة لاستكمال المسير ، فالإخوان المسلمون جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصري ، بل جزء من تاريخه أيضاً . والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ؛ هل الصراع بين الإخوان والعسكر علي مر تاريخ الجماعة صراع بين الحق والباطل ، أم صراع بين الكفر والإيمان ، أم صراع استعلاء و استعداء ومصالح سياسية وسلطة أم غير ذلك ؟! حينما أراد الضباط الأحرار فى23يوليو1952م تعيين اللواء محمد نجيب رحمه الله رئيساً للوزراء ، اتصل البكباشي جمال عبد الناصر ، رئيس مجلس قيادة الثورة ومسئول الضباط الإخوان داخل الجيش بعد وفاة الصاغ محمود لبيب ، و عرض علي المرشد العام لجماعة الإخوان المستشار حسن الهضيبي عليه رحمه الله تشكيل حكومة مكونة من ثلاثة وزراء من الإخوان المسلمين ، علي أن يكون الشيخ أحمد حسن الباقوري من بينهم ، وثلاثة وزراء من الحزب الوطني وباقي الوزراء من المستقلين ، فأجاب المرشد بالرفض ورشح له اثنين من أصدقاء الإخوان هما أحمد حسني ، وإبراهيم زكي شرف . وفي صباح اليوم الثاني فوجئ جمال عبد الناصر بمكتب الإرشاد يصدر قراراً تعسفياً بفصل الشيخ الباقوري من جماعة الإخوان لقبوله الاشتراك في الوزارة ، ثم بعد ذلك أرسل الإخوان وفداً ثلاثياً مكوناً من : أ. منيردلة , وأ.صالح عشماوي ، وأ.صلاح شادي . وعرضوا علي جمال عبد الناصر تكوين لجنة مشتركة مكونة من ستة أفراد فقط ، ثلاثة من الإخوان وثلاثة من ضباط الثورة . تري ما عمل هذه اللجنة ؟ أن يعرض عليها جميع القوانين والمراسيم قبل عرضها علي مجلس الوزراء ! ، فما تم الاتفاق عليه يعرض علي مجلس الوزراء ، والقوانين التي لا يتفق عليها الفريقان لا تعرض علي مجلس الوزراء ، فرد عليهم جمال عبد الناصر رداً حاسماً وحازماً قائلا : هل ظننتم أننا في أزمة ؟ هل ظننتم أنا في ضعف نتيجة لمحاولة بعض الضباط داخل صفوف الجيش بالانقلاب علي الثورة ، فجئتم تملون الشروط ؟ وأوضح قائلاً : كنت أنتظر في هذه المقابلة شيئاً آخر , علي كل حال لسنا في أزمة ولا وصاية علينا . ثم استدعي جمال عبد الناصر الأستاذ حسن العشماوي الذراع الأيمن للمرشد وكان صديقاً لجمال عبد الناصر ، وطلب منه حل تشكيلات الإخوان داخل الجيش ، حتى لا يتفرق الجيش في هذه التكتلات ، ثم أردف قائلاً : أنتم تلعبون بالنار ، وإذا أردتم المضي في هذا العبث فإني علي استعداد لخوضها معكم ، ولو أدي الأمر إلي موت ثلث المصريين ، علي أن يعيش الثلثان سعداء . ومثل هذا الكلام قاله عبد الناصر للأستاذ حسن حميدة . ليس هذا فقط ، بل أخذ جمال عبد الناصر قراراً تعسفياً بحل جميع الأحزاب السياسية ، وأبقي علي جماعة الإخوان ، بل أعاد محاكمة قتلة الأستاذ حسن البنا رحمه الله وعرض علي الإخوان أن يقودوا هيئة التحرير كظهير شعبى . وأنشأ مكتباً للأستاذ سيد قطب في هيئة التحرير بشكل غير رسمي - . إذاً ، بداية الصراع بين الرئيس الأ سبق جمال عبد الناصر رحمه الله لم تكن محاربة لله ورسوله ، فقد كان جمال عبد الناصر مسئولاً عن تنظيم الإخوان داخل الجيش بعد وفاة الصاغ محمود لبيب كما أسلفت , بل بايع الإخوان علي السمع والطاعة وأقسم علي المصحف والمسدس لتطبيق الشريعة . من خلال تأملي لتاريخ الصراع بين جمال عبد الناصر والإخوان ، غلب علي ظني أنه صراعاً علي السلطة والكرسي ، فلم تستطع جماعة الإخوان حسم المواقف لصالحها حيث كانت في حالة مراهقة سياسية غباء سياسي بل واستعلاء من قبل جماعة الإخوان ومحاولتها لبسط سيطرتها علي المشهد ، فكانت النتيجة كما يعرفها الجميع التنكيل والتعذيب والتشريد لكل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين ، حيث أذاقها الرئيس جمال عبد الناصر شتي صنوف العذاب الذي تئن لحمله الجبال ويعجز عن وصفه البلغاء . هل وعى إخوان اليوم هذا الدرس ، أم مصرون علي عودة هذا السيناريو البشع محاولين إلباسه ثوب الدين ومحاربة الشريعة..وإلباس أنفسهم ثوب العصمة رافعين شعار "الإخوان المسلمون لا ينسون ولا يتعلمون. ؟ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.