غريب والله أمر هذا النظام ,فهو يتعامل تلك مع الشعب من خلال النظرية التى صاغها وعبر عنها بعفوية ذلك الضابط الذى احتجز المستشار وليد الشافعى أثناء مروره على إحدى اللجان الإنتخابية بالبدرشين حينما أراد الضابط أن يتثبت من شخصيته فلما أخبره بأنه قاض وأنه جاء للمرور ومتابعة سير العملية الإنتخابية لم يشفع له ذلك ولكنه صارحه بحقيقة النظرية التى يحكم بها هذا الوطن " اركن على" جنب" ...سنوات طوال والوطن يحكم بهذه النظرية ولسان حال النظام وممارساته تقول للشعب شكراً ..لا حاجة لنا برأيك ولا فكرك ولا معارضتك ولا حتى صوتك فى الإنتخابات ..نحن سننوب عنكم... سننوب عن الوطن ...وحينما نحتاجكم سنستدعيكم لمآزرتنا وتأييدنا ثم نعود لاستراتيجية " اركن على جنب " فنحن لا نثق بكم ولكننانطلب منكم بل نأمركم أن تثقوا بنا ...نحن نتوجس منكم ومن أى تحرك لكم فى الشارع ولكننا نطلب منكم تفويضاً مفتوحاً ولسوف نفرض عليكم الوصاية ولدينا دائماً حججنا وأعذارنا ألا وهى القلة المندسة التى نعلم يقيناً أنه لاوجود لها إلا فى بيانات الداخلية وترسانة المصطلحات التى زودنا بها وزارة الإعلام . لقد أعطى النظام أجازة مفتوحة للوطن برغم الممارسة التى تميزت دائما بنضج كبير فى المرات القليلة التى استطاع الشعب فيها أن ينتزع حقه فى التعبير ليكسر قاعدة اركن على جنب فى اللحظات الحرجة التى تواجه الوطن . فعلها الشعب حينما خرج ليعلن وقوفه خلف قائده المهزوم عقب خطاب التنحى ليعلن للعالم قراره بمواصلة الكفاح لتحرير الأرض واسترداد الحقوق . وحينما اغتيل الرئيس السادات وحاولت الجماعة الإسلامية السيطرة على بعض المؤسسات والمرافق تصرف الشعب بوعى ونضج وحينما تحرك جنود الأمن المركزى فى أكبر حركة تمرد فى منتصف الثمانينات تصرف الشعب بوعى ونضج كبير ..وأيضاً عقب محاولة اغتيال الرئيس فى أديس ابابا خرج الشعب المصرى بكل طوائفه ليعلن اصطفافه خلف الرئيس وحينما دخلت الجماعة الإسلامية فى صراع مسلح مع النظام فى تسعينات القرن الماضى سارع النظام إلى استدعاء الشعب والنخبه والمثقفين لخوض المعركة إلى جانب النظام , وفى كل مرة كانت مكافئة النظام لهذا الشعب العظيم تتمثل فى مد العمل بقانون الطوارىء أو رفع الأسعار أو تزوير الإنتخابات وفرض مزيد من العزلة والتهميش وقد بدا ذلك جلياً فى الإنتخابات البرلمابية الأخيرة شورى وشعب 2010 حيث تبلورت بشكل مؤكد السياسات الإقصائية التى قررها النظام وقادها نجل الرئيس والمهندس احمد عز والتى ساهمت بشكل كبير فى استبعاد المعارضة بكل أطيافها السياسية بالإضافة إلى فصيل كبير مثل الإخوان المسلمين ثم تنظيم احتفالية ضخمة على مدار يومين للرقص على أشلاء المصريين ثم انتهت المعركة وانقشع الغبار وبدأ النظام فى تهيئة الساحة للعودة إلى نظرية اركن جنب الحيط فإذا بالفاجعة الأخيرة حيث أطل الإرهاب برأسه من جديد ليشيع المصريون 19 ضحية وما يقرب من تسعين مصاباً مع أول نسمات العام الجديد وليجد النظام نفسه فى مأزق جديد يحتاج فيه إلى استدعاء الوطن ليقف إلى جانبه برغم الإجراءات الإقصائية التى لم يمر علي الإحتفال بنجاحها سوى أيام قليلة !! وكعادة الشعب المصرى بحسه الوطنى العالى لم ينتظر استدعاء من أحد ولكنه بادر إلى القيام بواجبه الذى لم يتخلف عنه أحد وبدا النظام كمهرج السيرك الذى يضحك ويبكى ويصرخ ويصمت فى آن واحد .