اذكر اول يوم قابلت فيه الكاتب الكبير الراحل سعيد عبد الخالق لانه استغنى فيه عن خدماتى فقد كنت سكرتيرا لتحرير جريدة الميدان وقت ان اصبح هو رئيسا لتحريرها وكانت التهمة اننى من انصار رئيس التحرير السابق محمد حسن الالفى (وبالمناسبة الالفى كان وما يزال احد اساتذتى التى تعلمت منه كثيرا ) وبالطبع لم يكن امامى الا ان التزم المنزل والا اذهب الى الجريدة حتى تطوع اخى وصديقى الكاتب الصحفى العبقرى محمد على خير بالحديث مع الاستاذ سعيد عبد الخالق وافهامه اننى لا اتبع الا المهنه وان ارتباطى بالالفى هو نوع من الحب والتقدير لاستاذى السابق وان الجريدة ستخسر بابتعادى عنها . وكان اللقاء الثانى مع الاستاذ سعيد فى مكتبه وهو يخبرنى بان اعود الى العمل بدون اى مسميات وظيفية ليرى شغلى على الطبيعة وبضغط من محمد على خير وافقت على مضض. ومرت الايام وانا اعمل مع الاستاذ سعيد وهناك دائما مسافة كبيرة بيننا فقد كنت اتحاشاه اعتقادا منى بانه لا يحبنى لكن هذه المشاعر لم تمنعنى عن مواصلة العمل الى ان فوجئت به ذات يوم يقول ايهاب ( تعالالى ) القهوة النهاردة بالليل (كان رحمه الله عاشق للعب الطاولة ويصطاد كبار الوزراء والسياسين والمثقفين فى البلد فى ملاعب طاولة واثنائها يعرف ما خفى من اخبار مصر ) وفى المقهى قال لى متزعلش منى انت زى كريم ابنى لم اكن اعرفك من قبل وللاسف البعض اخبرنى انك كنت المتحكم فى الجريدة وتديرها وفقا لارادتك لكن بعد ان اختبرتك فى العمل اكثر من مرة عرفت ان كل ما قيل هو نوع من الحقد على نجاحك وفى اليوم التالى تم ترقيتى الى منصب مساعد رئيس التحرير . هذا هو سعيد عبد الخالق الصحفى والاستاذ والانسان الذى تعلمنا منه الكثير ولم يبخل علينا بخبراته ولا علاقاته , عرفنا مع الاستاذ سعيد معنى ان يكون هناك علاقات للصحفى وكان يرحمه الله يرفع سماعه التليفون على اى مسئول فى الدولة فى اى وقت وتجد الطرف الاخر مرحبا به او بمن جاء من طرفه ,عرفته دائما معاونا ومساعدا للنابهين من تلاميذه , وكان عونا ومساعدا لهم حتى فى مشاكلهم الخاصة . اذكر يوما كتبت فيه مقالا عن الاستاذ هيكل بعنوان عفوا استاذ هيكل اصبتنا بالاحباط واليوم التالى بعد صدور العدد وفى الاجتماع الاسبوعى فوجئت به يقول خالك هيكل كلمنى عليك امبارح (ولفظ خالك هو اللفظ الدارج على لسان الاستاذ سعيد عبد الخالق فكل الناس اخوال ) ولم اصدق واعتقدت انه يهرج معى او يسخر منى لكنه قال الاستاذ هيكل كلمنى امس وعلق على مقالك ,الى هذا الحد كانت الاستاذية فى سعيد عبد الخالق لم يغضب او يصيبه التعالى او الغيرة لكنه بكل بساطة وامام الصحفيين وفى اجتماع التحرير يقول لى ان هيكل بكل قيمته وقامته قد قرأ مقالى رحمك الله يا خال سعيد واسكنك فسيح جناته فقد كنت نعم الاستاذ والاخ والصديق ونعم الخال .