قصة جلد الفتاة موضع الحديث كان قبل حوالي عشرة أشهر تحديدا في 24/2/2010م وهي صاحبة سوابق وحوكمت –الحكم المنفذ في مشهد الفيديو- حول مواد متعلقة بممارسة وإدارة الدعارة ورغم ان القضية شابها سوء تطبيق تم تداركه ومحاسبة المتورطين فيه (حسب إفادة والي الخرطوم الموجودة في الرابط أدناه) . http://www.youtube.com/watch?v=66af3P9ggoc ولكن المسألة سيقت ليتم توظيفها في تحريك الشارع ضد الشريعة (وعقوبة الجلد تحديدا) من جهة وضد شرطة النظام العام (أي شرطة الآداب والمظهر العام) من جهة اخرى وضد حكومة البشير وإحراجها دوليا (ومن ثم تحريك الرأي الدولي ومنظماته للضغط عليها) في اليوم العالمي لحقوق الانسان من جهة ثالثة . المسألة فيما يبدو ذريعة لفتح النقاش حول الشريعة ليتم المساومة حولها كأحد عناصر تشجيع الوحدة أو تبرير الانفصال ولذا تحرك كل كتاب وأحزاب اليسار وتحركت الحركة الشعبية الجنوبية للحديث عن الشريعة ليس التطبيق فحسب بل حتى المبدأ. موقف الحكومة السودانية الضبابي حول الشريعة ربما كان له إيحاء بامكانية التفاهم حول الموضوع وهو ما ساهم في جرأة هولاء في إعادة طرح القضية بهذا الحجم. ولكن لنُعِد النظر في المسألة لأنها حتما ستتكرر في أكثر من قطر وبأكثر من واجهة . ويهمنا هنا ان نعلم بأن موقف الإعلام العربي بالجملة والموقف السياسي والإعلامي والمدني الغربي بالجملة أيضا هو موقف منافق جدا.. لماذا ؟! : أولا : لأن البشاعة والوحشية التي يُصبغ بها عملية الجلد والصراخ المعارض لها يتحول بشكل درامي لصراخ متحمس ومجنون لرياضة تسلية مرموقة جدا تسجّل أعلى معدلات المشاهدة عالميا (وطبعا أعلى مبيعات معدلات بيع التذاكر والاعلانات) وتكاد لا تخلو محطة منها ..هي رياضات المصارعة الحرة (ومنها قسم خاص بالمرأة) ورياضات القتال الأخرى ولن تفاجأ بأن هولاء المتفرجين يطلقون هتافات الإعجاب وهم يرون الضرب المبرح والجرح بالكراسي والمضارب والسياط والدماء تسيل من المصارعات (البطلات!) .. سؤال هل سمع أحد منكم أحدا منهم –واحدا فقط- طالب بإيقاف المصارعة الحرة لأنها وحشية وغير انسانية.. قطعا لا ولن يكون هناك أي مشكلة في أي جلد إلا جلد الشريعة الإسلامية. ثانيا: مبدأ تعدد الثقافات مبدأ تحايلي مصمم للاستخدام الأعور.. كيف؟.. عندما يطالب أحد بتطبيق الشريعة يسارع أصحاب المبدأ الأعور بالهرجلة والاحتجاج بأن المبادئ العامة في أي دولة التي تطيق على الجميع يجب أن تراعي ثقاقات الجميع بل يجب أن تضمَن داخل هذه المبادئ.. ولكن عندما يطالب أحد بان المبادئ الدولية يجب ان تراعي تعدد الثقافات الانسانية في البلدان المختلفة وأن هذه الثقافات يجب ان تضمّن داخل هذه المبادئ الدولية يثورون ويفورون ويغالطون .. ثم يطالبون -بكل فجاجة- بان على تلك الثقافات هي أن تعدل نفسها لتوافق القوانين والمبادئ الدولية .. سؤال .. هل يقبل أحد منهم -أي أحد- أن نقول لهم بأن على تلك الثقافات الأخرى داخل البلدان الاسلاميةأن تعدل نفسها لتوافق الشريعة.. قطعا لا.. لأن احترام تعدد الثقافات لا يطالب به احد منهم إلا إذا كان ضد الشريعة الإسلامية. ثالثا: كل مبدأ او قانون في الدنيا لا يمكن الطعن فيه لأن احدا ما أساء تطبيقه .. بمعنى انه ليس من شروط صحة المبدأ -أي مبدأ- ضمان عدم اساءة تطبيقه أو استخدامه من كل الأفراد وعلى مدى كل الاوقات ولو ضربنا مثالا بالمحسوسات فنحن مثلا لا نقبل أن يصدر قانون بمنع إستخدام السكين على الجميع لأن عملية قتل في مدينة ما جرت بواسطة سكين .. وبالتأكيد لن نقبل منطق ان السكين شئ سيئ يجب منعه لأن عملية قتل تمت بها .. وبشكل أكثر تأكيدا فالجميع لن يقبل مطلقا منع كل الآلآت الحادة لأن السكين تنمي لها .. سؤال .. هل يوافق أحد منهم -أي أحد- أن نلغي كل قانون عام قام أحد ما بإساءة تطبيقه .. الجواب قطعا لا لأن إساءة تطبيق أي قانون لا تصبح سببا للإلغاء إلا في حالة الشريعة الإسلامية بربكم هل رأيتم نفاق أعظم من هذا..؟ • كاتب صحفي سوداني ، رئيس مجلس إدارة صحيفة المحرر .