وا أسفاه على الجامعة المصرية... وواحسرتاه على ما آلت إليه حالها. أطفأوا نورها، استباحوا حرمها وجعلوه ساحة يرتع فيها البلطجية وأرباب السوابق وتشهر فيها الأسلحة البيضاء والجنازير، شتتوا طلابها، ونالوا من قدر أساتذتهم. لا يمر يوم إلا ونسمع عن أخبارها ما يزيدنا حزنا وغما، تلفيق واختلاق تهم للأعضاء وإحالة إلى مجالس التأديب، حل مجالس إدارات الأندية المنتخبة، التربص بالهيئة المعاونة لتحويلهم إلى وظائف إدارية. اليوم تواصل الأخبار مسيرتها السوداء. جامعة القاهرة قررت خصم بدل الساعات المكتبية من مرتب عضو هيئة التدريس. إن صح الخبر، فصحته تعني أن لا احترام لقرارات وزارية، ولا قيمة لقوانين ، ولا قيمة قبل هذه وتلك للإنسان. إن صح الخبر فصحته تعني أن هناك خطة مدبرة لصرف الأنظار عن موضوع إلغاء الحرس الجامعي. إن صح الخبر فصحته دليل على أن مرتبات الهيئة التدريسية أصبحت مباحة لكل عبث، فخصم مكافأة الساعات المكتبية مقدمة لخصم ثان وثالث، خاصة وأن مرتب العضو قوامه الرقع التي بدونها يتهاوى المرتب ويفقد كينونته. وحتى إن تراجع رئيس الجامعة عن قراره سيظل هذا السؤال قائما... كيف سولت له نفسه أن يصدر قرارا كهذا، ولئن كان قد التفع بمجلس الجامعة، فكيف وافقه العمداء على هذا القرار إلا أن تكون موافقتهم مرهونة بشئ ما، أو هي موافقة خبيثة لإثارة هيئة التدريس وتوريط الرئيس فيما قد يكون سببا لتنحيته. ومما لا شك فيه أن رئيس الجامعة على وجه الخصوص لن يضار بهذا الخصم، فمخصصاته أكبر من أن تتأثر به، خاصة إذا ما علمنا أن لسيادته نصيبا مفروضا من كل وحدة من الوحدات ذات الطابع الخاص وعددها كبير... كبير جدا، شأنه شأن كل رؤساء الجامعات، وهذ أمر سنفرد له مقالا خاصا. وخبر أسود آخر... جامعة عين شمس أحالت أربع سيدات أساتذة بكلية الآداب (ربما كدفعة أولى) إلى التحقيق بسبب أحداث البلطجة والشغب التي شهدتها ساحة (وليس حرم) الجامعة مؤخرا. إذ يبدو في نظر رئيس الجامعة أن الأساتذة السيدات أشتركن في إحداث الشغب، واشتبكن بالإيدي وبالأسلحة البيضاء والجنازير مع من استؤجروا خصيصا للترويع والإرهاب. فليتحسر من طالبوا بإلغاء الحرس الجامعي على التفكير في إلغائه! إننا نربأ بأساتذة كلية الحقوق بكل الجامعات عن أن يباشروا التحقيق أو عن الاشتراك في مجالس تأديب الأساتذة، ونربأ بهم عن أن يكونوا أداة ضد زملائهم الذين يحملون عبء الدفاع عن قدر الجامعة. وأين نادي هيئة التدريس بجامعة عين شمس، وأين نظيره بجامعة القاهرة! أفيقوا أيها القوم.