تحت عنوان"الإعلاميون والانتخابات.. مدونة مهنية وأخلاقية" أصدرت مؤسسة الأهرام بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش ناومان من أجل الحرية" في الأيام الماضية دليلا ارشاديا للصحفيين والإعلاميين لتغطية صحفية وإعلامية عادلة ودقيقة ومتوازنة تعزز القيم الديمقراطية وتشجع الحوار والنقاش والمتابعة إيمانا بالدور الملقي علي عاتق وسائل الإعلام وقت الانتخابات والذي لا يقتصر علي حق الناخين في المشاركة الانتخابية بل يتعدي ذلك إلي توعيتهم واقناعهم بأهمية المشاركة الايجابية لأن الاعلام وقت الانتخابات ينتظر منه أن يكون شاهدا محايدا ورقيبا علي اطراف العملية الانتخابية. الدليل مهم من وجهة نظري لجميع الصحفيين والاعلاميين يتكون من اربعة فصول يستعرض الأول النظام الانتخابي في مصر ويشمل الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلسي الشعب والشوري ونظام ادارة الانتخابات والقواعد المنظمة للدعاية الانتخابية ويتناول كذلك النظام الحزبي في مصر وتطور الحياة الحزبية والسياسية علي امتداد تاريخ مصر المعاصر.. ويفرد نفس الفصل مساحة لبيان الخريطة الإعلامية في مصر بما تضمه من مؤسسات صحفية قومية وصحف حزبية وصحف عامة وأخري خاصة.. بينما يتناول الفصل الثاني الاجابة عن أكثر من ستين سؤالا مهماً شغلت طويلا أعضاء الجماعة الصحفية والاعلامية المعنية بتغطية الانتخابات من خلال الممارسات العملية في السنوات الأخيرة.. وضم الفصل الثالث "الملاحق والوثائق" وتشمل اعلانات مباديء وقيم التغطية الصحفية الصادرة من المجلس الأعلي للصحافة ووزارة الإعلام بالإضافة إلي نصوص قوانين تنظيم الانتخابات الرئاسية وتنظيم مباشرة الحقوق السياسية وكذلك قرارات اللجنة العليا للانتخابات حتي عام 2010 أما الفصل الرابع والأخير تناول عددا من النماذج الدولية التي يمكن الافادة منها في دعم مهارات الصحفي والإعلامي لضمان تغطية صحيحة للانتخابات. الدكتورة هويدا مصطفي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة والمحرر العام للدليل ذكرت في تقديمها لهذا الدليل ان هناك مباديء ومؤشرات عامة يجب ان تطبق وقت الانتخابات لضمان النزاهة والموضوعية وهي الدقة في الحصول علي الأخبار الصحيحة لأنها من أهم مقومات العمل الصحفي والإعلامي المسئول ثم الحيادية في تناول وعرض برامج واهداف القوي السياسية المختلفة علاوة علي المسئولية التي ترتبط بالنواحي المهنية التي تدفع الاعلامي والصحفي للتحقق من المعلومات وترتبط كذلك بالنواحي الوطنية التي تتمثل في الاحساس القومي والوطني للإعلامي والصحفي وهو الدافع لقيامه بالدور المنوط به بنزاهة وموضوعية وحيادية في تغطية الانتخابات وتثقيف الناخبين. وتحت عنوان "الإعلام والانتخابات" ذكر الدكتور رونالد ميناردوس المدير الاقليمي لمؤسسة فريدريش في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالقاهرة ان الحريات التي يتمتع بها الاعلام في مصر في الوقت الحالي أكبر بكثير من ذي قبل وهي أكبر مما هي عليه في معظم الدول العربية رغم استمرار بعض الخطوط الحمراء ومواجهة الصحفيين المصريين للمشكلات بين الحين والآخر عندما يتخطون هذه الخطوط عن عمد أو عن عدم معرفة وأوضح ان الانتخابات تمثل حجر الأساس للديمقراطية ويعتبر الصحفيون المهنيون الذين يؤدون عملهم بطريقة سليمة حراس الديمقراطية لذا سوف تؤدي جودة كليهما.. أي الانتخابات والصحافة إلي تحديد المستقبل السياسي لمصر إلي حد كبير. الفصل الأول من الدليل اجاب عن أسئلة كثيرة منها: ماذا تعرف عن النظام الانتخابي في مصر؟ كيف يتم انتخاب رئيس الجمهورية؟ وكيف يتم انتخاب أعضاء مجلسي الشعب والشوري؟ وكيف تدار العملية الانتخابية في الحالتين؟ وما القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية؟ الاجابة عن الأسئلة السابقة تضع بين يدي الصحف والاعلامي ما يمكن اعتباره المرجعية القانونية للإجراءات المعنية بتسيير العملية الانتخابية بدءا من دعوة الناخبين للمشاركة في العملية الانتخابية وفتح باب الترشيح وتنظيم الدعاية وانتهاء باعلان النتائج النهائية.. واستعرض الفصل نفسه الخريطة الإعلامية في مصر وتتكون من الصحافة والراديو والتليفزيون والإعلام الالكتروني لفت نظري الاحصاءات الخاصة بالإعلام الاكتروني التي أكدت ان عدد مستخدمي الانترنت في مصر بلغ 5.14 مليون حتي نوفمبر 2009 ووجود 63 صحيفة مصرية مطبوعة لها نسخ الكترونية علي شبكة الانترنت علاوة علي 23 موقعا لإذاعات مصرية تبث علي النايل سات و9 محطات إذاعية مصرية تبث مباشرة عبر الانترنت بينما بلغ عدد المدونات 160 ألف مدونة في مختلف محافظات مصر وعدد مستخدمي التليفون المحمول في مصر أكثر من خمسين مليون مستخدم.. الاحصاءات السابقة تجعلنا نشعر بالقلق علي صحافتنا الورقية لذا فالأمر يحتاج من تلك الصحف سرعة التطوير حتي تواكب التقدم السريع في الإعلام الالكتروني. معايير مهمة قدمها الدليل لتغطية الانتخابات حتي تكون مرشدا لكل صحفي واعلامي معني بتغطية العملية الانتخابية وتشمل تلك المعايير التوازن وعدم التحيز ومراعاة الدقة والنزاهة واخلاقيات التعامل مع المصادر حق الرد والتصحيح واحترام حق الخصوصية وأخلاقيات نشر الاعلانات وعدم التجهيل وعدم المساس بالأديان واستغلالها وأخلاقيات نشر الصورة واحترام حقوق الزمالة واستطلاعات الرأي العام والضوابط القانونية لمواجهة الجرائم الانتخابية.. وشرح الدليل بالتفصيل تعريفا للمعايير السابقة ثم طرح عدة أسئلة لشرح مفهوم التعريف وجوانب تطبيقه في الصحافة وقطاع الاخبار بالإعلام المرئي والمسموع والإعلام الاكتروني مع ذكر أمثلة لملاحظات تتعلق بما نشر بالصحف المصرية سواء القومية أو الحزبية أو الخاصة في حملات انتخابية.. ورغم اعجابي الشديد بمدونة المباديء المهنية للتغطية الإعلامية للانتخابات العامة الصادرة عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان 2010 الا انني اختلف معها في بعض البنود منها عدم جواز الصحفي الذي يرشح نفسه في الانتخابات ان يمارس مهنته منذ فتح باب الترشيح وحتي اعلان نتائج المعركة الانتخابية لأن ممارسة الصحفي لمهنته أثناء ترشيحه حق طبيعي خاصة إذا ما كان يكتبه لا علاقة له بالانتخابات وكذلك عدم جواز تغطية الانتخابات للصحفي من الدائرة التي يقع بها موطنه الانتخابي أو المقيد اسمه في جداولها الانتخابية فمن وجهة نظري ان الصحفي الذي يقوم بتغطية الانتخابات في الدائرة التي يقع فيها موطنه الانتخابي يكون لديه المعلومات الكاملة عن جميع المرشحين واللجان الخاصة بالدائرة ومن ثم يصبح الأفضل من صحفي آخر ليس لديه تلك المعلومات.. ونهاية يمكن القول أن دليل الإعلاميون والانتخابات الصادر عن مؤسسة الأهرام بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية جهد طيب يستحق التحية والتقدير ولكن كنت أتمني أن يكون هذا الدليل بين يدي عدد كبير من الصحفيين المصريين خاصة الذين يقومون بتغطية الانتخابات في جميع الصحف القومية والحزبية والخاصة. [email protected]