في إطار سعيها الدءوب للتواصل والتعاون بين الإسلام والغرب من خلال الحوار الأكاديمي -الذي أثبتت الدراسات أهميته وجدواه- تعقد رابطة الجامعات الإسلامية، بالتعاون مع الجامعة الحرة بأمستردام، وكلية الإلهيات والعلوم الأخلاقية، ومركز الدراسات الإسلامية بالجامعة، مؤتمرًا دوليًّا بعنوان: (الدين والحياة بين الإسلام والمسيحية) وذلك خلال الفترة من 22- 25 نوفمبر الجاري، وتستضيفه العاصمة الهولندية أمستردام. وصرح الدكتور جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، أن هذا المؤتمر يأتي في إطار اتفاقية التعاون المبرمة بين الرابطة وبين الجامعة الحرة بأمستردام، منذ عدة أعوام، مشيرًا أن هذا هو المؤتمر الدولي الثالث الذي يعقد بين الطرفين، حيث كان مؤتمر العام الماضي عن الحرية الدينية بين أهل الأديان، والمؤتمر الأول خصص لدراسة طبيعة العلاقات الإسلامية الغربية.. وأشار سيادته أن مؤتمر هذا العام يناقش قضايا مهمة تتناول موضوعين أساسيين ويتم مناقشاتهم من وجهة النظر الإسلامية والمسيحية؛ لإبراز القسمات والملامح المشتركة، ووجهات نظر الطرفين، في نقاش أكاديمي داخل أروقة الجامعة، ويخصص الموضوع الأول عن التعليم الديني وكيفية تعليم النشء -من خلال حياتهم التقليدية والعلمية- أن يعيشوا بسلام في مجتمع آمن، وثقافة الأديان داخل البيت والمسجد والكنيسة، وتأثيرات ثقافات الأديان المختلفة في المدارس، والتأثير على صغار السن المتدينين من قِبل الجماعات والرفاق، وكيف يؤثر ذلك على هُويتهم الدينية؟ ودراسة الدور الذي تلعبه الثقافات الدينية في غرس القيم والنماذج؟ أما الموضوع الثاني فيتناول الأخلاقيات الطبية، من خلال أبحاث الجينات، وعلاج الأجنة من منظور إسلامي مقارنة بالديانة المسيحية، والإجهاض بين الطب والفضيلة، وزراعة وبتر الأعضاء، والمسكنات بين علوم الفقه والقانون وحياة الناس. وأوضح الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية أن الرابطة تشارك في المؤتمر بنخبة من كبار العلماء والخبراء يتقدمهم الدكتور إبراهيم بدران وزير الصحة الأسبق، والدكتور نبيل السمالوطي عميد كلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر سابقا، والدكتور محمد فتح الله الزيادي عميد كلية الدعوة الإسلامية بليبيا، والدكتور مصطفى سالم خبير القانون الدولي، والدكتور دحية مسقان أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة دار السلام بإندونيسيا، والدكاترة: أيمن نصار، وأحمد رجب، ومصطفى حجاب، وسراج إبراهيم من كلية الطب جامعة الأزهر والمركز اٌسلامي العالمي للسكان. ويشارك من الجانب الهولندي نخبة من كبار أساتذة الجامعة الحرة، منهم: الدكتور ويم جانس، عميد كلية العلوم الأخلاقية، والدكتور هينك م. فروم، أستاذ فلسفة الأديان ومدير مركز الدراسات الإسلامية، والدكتور مرزوق أولاد عبد الله أستاذ الأخلاق وأصول الفقه بالجامعة الحرة، والدكتور مولا سيلوك، أستاذ ثقافة الأديان، كلية العلوم الأخلاقية – جامعة أنقرة، والدكتور ياسر الليثي أستاذ التفسير وعلوم القرآن، والدكتور فان دير فيلدا، أستاذ ثقافة الأديان بالجامعة الحرة، والدكتور فريدريتس شويتذر، أستاذ ثقافة الأديان والخبير بعلم الأخلاق بكلية علم الأخلاق البروتستاني – جامعة توبنجن.. وغيرهم. وقال د. جعفر عبد السلام إن الرابطة والجامعة سيعقدان قريبا مؤتمر خاصًا عن صفات الله بين الإسلام والمسيحية، في إطار السعي نحو منظومة عالمية للأخلاق من خلال المشترك الديني والثقافي. تجدر الإشارة إلى أن الجامعة الحرة بأمستردام نشأت في بدايتها كمؤسسة أهلية سنة 1880م، وتعتمد النهج المسيحي في التواصل والتوجه والمنهج والقيم... وتولي اهتمامًا كبيرًا بالأقليات الإسلامية ومحاولة إدماجهم في المجتمع بما يتناسب مع قيمهم الإسلامية (الحفاظ على الهوية الإسلامية لكل مواطن)، وتفسح المجال لمن يريد أن يلتحق بها من كل العقائد وبالذات الطلاب المسلمين، حيث يجدوا أنفسهم ويعبروا عن ذاتيتهم تحت مظلة الجامعة.. وهي المظلة المرشِّدة للحوار العقائدي.. وتضم الجامعة مختلف التخصصات، ويدرس بها أكثر من عشرين ألف دارس، وتقع في وسط العاصمة في منطقة من أرقى مناطق أمستردام تسمى (أمستل فين).. ومعظم الساسة الهولنديين تخرجوا في هذه الجامعة، والجامعة تقوم بإجراء أبحاث في شتى نواحي الحياة المختلفة، وهذه البحوث تقدر تقديرا عاليا من الدولة، وتعتمد كأساس لصناعة القرار داخليا وخارجيا... والدراسة في هذه الجامعة تعتمد على دعم خطاب التواصل بين المسيحيين في العالم وبين غير المسيحيين، وخصوصا المسلمين، وقد كان للجامعة دور فاعل في حشد الرأي العام؛ لمنع فيلم فتنة المسيء للإسلام من العرض، وقد نجحت مساعيها مما أكسبها احترام المسلمين في كل مكان.. وتعتمد الجامعة في فلسفتها التربوية على القيم والمبادئ المسيحية، وتُصر على ضرورة اعتماد القيم الإنسانية والروحية، وتؤازر العقائد الأخرى أن تنحو نفس المنحى.. وتدافع عن بعض الأحكام الشرعية الثابتة في المصادر، وتقف موقفا إيجابيا نحو الوسطية في الإسلام.. وتضم الجامعة مركزا للدراسات الإسلامية والأبحاث وتتمثل مهمته في القيام بدراسة بعض الموضوعات المستجدة، ومحاولة تأصيلها من الناحية الشرعية، مراعية الظرف والسياق والمكان فيما ليس قطعيا، وعقد ندوات ومؤتمرات في موضوعات تهم المجتمع المدعم لمجتمع متعدد الثقافات وصون الهوية الحضارية لكل مواطن، وبناء المجتمع المتعايش.. ومركز الدراسات الإسلامية في الجامعة الحرة يرتبط بعلاقات ثنائية وطيدة مع عدد من المؤسسات العلمية الكبرى في الدول العربية والإسلامية والأوروبية، ويضم عددا من أعضاء هيئة التدريس المقيمين والزائرين. ويدرس بالجامعة حوالي 20% من الطلاب الأجانب غالبيتهم من المسلمين..