قراءة عابرة في بعض مضمون مذكرات الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش "نقاط القرار" التي تخرج إلى الأسواق يوم الثلاثاء القادم والانفجارات المروعة التي شهدها العراق وباكستان خلال الأيام الماضية والطرود المفخخة، تعطينا ايحاءات قوية عن كيف تدير واشنطن العالم الإسلامي وكيف يتبعها حلفاؤها ويأمنون على كل قراراتها التعبوية التدميرية كأنها وحي يوحى! وقع أمس تفجير مروع في مسجد ضاحية درة آدم خيل في بيشاور بباكستان أوقع 50 قتيلا من المصلين وأصاب 80 آخرين. كان بعضهم ما يزال في الداخل وتجمع أكثرهم خارجه بعد انتهاء الصلاة عندما دخل رجل وفجر نفسه. قبل ذلك وقعت تفجيرات بغداد والهجوم على كنيسة سيدة النجاة. كل ذلك مصحوبا بقصة الطرود المفخخة المحمولة جوا الموجهة إلى رؤساء وزعماء غربيين ويجري تفكيكها في المطارات الغربية. الكل يتساءل لماذا كل هذا العنف المنسوب للإسلام مجتمعات ودينا استيقظ من نومه فجأة ويهاجم العالم كله بهذه الضراوة بعد تقرير ويكيليكس الذي فضح الممارسات الأمريكية في العراق؟! تقدم مذكرات رأس الأفعى جورج بوش شرحا مبسطا لكل محلل ذكي، فنحن كمسلمين مجرد فئران تجارب للولايات المتحدةالأمريكية. ما أن أعلن بوش أن صدام حسين يخفي أسلحة دمار شامل وأنه سيغزو العراق لهذا السبب حتى وجد الدعم الكامل من حلفائه التقليديين في الغرب، ولم يجد أي معارضة من الأممالمتحدة أو مجلس الأمن. لكن هذا لا يدهشنا بقدر حيرتنا من المساعدة الفورية التي قدمها عالمنا العربي والإسلامي له حتى أن قطر وفرت له القاعدة الجوية وغرف العمليات لينطلق من أراضيها، ودول عربية أخرى وقفت مؤيدة تماما له دون أن تسأله عن دلائله في ظل الفشل المستمر من الخبراء الدوليين الذين سمح لهم مرارا بالتفتيش، في العثور على دليل واحد. يقول بوش إنه كاد يصاب بالجنون مرتين.. المرة الأولى عندما لم يأت هؤلاء الخبراء بدليل واحد من العراق وكان دائما يبرر ذلك بأن صدام حسين منعهم من دخول مواقع استراتيجية وهو لم يحدث إطلاقا، وفي المرة الثانية عندما غزا العراق وجعل عاليها واطيها ثم فشلت جيوشه وجيوش الحلفاء بكل أدوات التكنولجيا التي تكشف أعماق الأرض عن الوصول إلى أي نتيجة. إنه مجرد رجل عراف.. هكذا نستخلص من مذكراته "نقاط القرار". يظن أنه ملهم من السماء، ويحقق آيات الكتاب المقدس في الأرض. عندما جاء إلى الحكم عام 2001 والتقى بزعيم روسيا فلاديمير بوتين، وهي الدولة العظمى السابقة، نظر في عينيه وقال له "إنه يرى روحه". كان بوتين يدرك أنه دجال كبير ورجل أحمق أو غبي كما كانت تصفه أمه، لكنه سكت ولم يطلب منه المزيد، أو لم يعطه كفة يده ليقرأ له الغيب مثلا. ومع ذلك كان مستعدا لتصديقه والألفة معه والسير في ركابه. صراع المصالح بين الدول الكبرى الذي يجعل الولاياتالمتحدة تمنع برمشة عين مصر من التوسع في زراعة القمح مثلا وتجويع شعبها، لدرجة أن رئيس دولة عربية حكى ذات مرة أنه اقترح على مبارك مشروعا مشتركا للاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الاستراتيجي، فإذا به يرد غاضبا "انت عايز بوش يغزوني بكرة"! ليس بوتين وحده الذي يعرف ذلك، بل كل قادة الدول التي دعمته بقوات الحلفاء في أفغانستان والعراق، ولنقرأ ما كتبه في مذكراته عن رئيس وزراء كندا عندما سمع من بوش حكاية كلب بوتين الأسود الكبير الذي قدمه له خلال زيارته لبيته الريفي في روسيا، قائلا إنه أقوى وأسرع وأمتن وأشرس من كلبه "بارني" الذي سبق أن قدمه له بوش في إحدى حدائق كامب ديفيد. قال بوش لرئيس وزراء كندا "هل تصدق.. لقد أخرج لي كلبه".. فرد عليه ساخرا "احمد الرب أنه لم يخرج لك شيئا آخر"! هكذا تدار الدول بواسطة بوش أو أي جالس في مكانه مدعما بالحلفاء الأقوياء وغير الصغار التابعين في عالمنا العربي والإسلامي. تعليق الزعيم الكندي على قصة الكلب تقدم لنا الخلاصة. لكن لا بوتين ولا أي من زعماء العالم مستعد لكي يخرج لواشنطن حتى اللسان، بل الكل مجبر على أن يصدق أن هؤلاء المسلمين الذين يقتلون أنفسهم وغيرهم ويرسلون الطرود المفخخة لا يستحقون أقل مما فعله فيهم بوش في العراق وأفغانستان والبقية تأتي..! المصيبة أن كلبهم "بارني" أو أي اسم آخر له ذيول في عواصمنا العربية والإسلامية هي التي جعلته يسمن ولا تدركه نهاية العراف اخطبوط المونديال الشهير. [email protected]