سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أصابع المخابرات الإيرانية ليست بعيدة عن عملية كنيسة بغداد .. محللون: صراعات إقليمية تهدف إلى إبعاد مصر عن العراق قد تفسر تهديدات "القاعدة" للكنيسة المصرية
سادت شكوك قوية حول صحة البيانين المنسوبين إلى تنظيم "دولة العراق الإسلامية" التابع لتنظيم "القاعدة" والذي تبنى فيهما الهجوم على كنيسة "سيدة النجاة" بحي الكرادة والذي راح ضحيته أكثر من 50 شخصا، وهدد الكنيسة القبطية المصرية إذا لم تستجب لمطالبه بشأن ما وصفه ب"الأسيرات المحتجزات" خلال ثمانية وأربعين ساعة، وهي المهلة التي أعلن التنظيم أمس انتهاءها. ويرجع محللون شكوكهم القوية حول هذين البيانين إلى هيكلية "القاعدة" بالعراق، حيث أن التنظيم الحالي هو جيل ثالث يتكون من العراقيين فقط ومقطوعي الصلة عن تنظيم "القاعدة" الأم، ما يرجح معه عدم مسئوليته عن البيانين، في ظل الترجيحات القوية التي تستبعد فرضية وقوفه وراءه الهجوم والتهديدات غير المسبوقة الموجهة للكنيسة المصرية. ويعتقد المحللون أن نجاح منفذي الهجوم في اختراق الحراسة المشددة حول كنيسة "سيدة النجاة" وسلسلة التفجيرات التي أعقبته في بغداد رغم الوجود الأمني الكثيف يطرح شكوكًا قوية حول ارتباط منفذيه بإيران البلد الجار للعراق، وصاحب النفوذ القوي والمتشعب على أراضيه، خاصة مع سيطرتها على تنظيمات مسلحة وإمدادها بالمعلومات الاستخبارية التي تتيح تنفيذ عملياتها بنجاح. وبحسب ما ذهب إليه المحللون، فإن التهديدات التي أطلقها البيان "المفترض" ل "القاعدة" ضد الكنيسة القبطية المصرية، والتوعد باستهدافها في غضون ثماني وأربعين ساعة إذا لم تستجب للمطالب بالإفراج عن "الأسيرات المسلمات" داخل الكنيسة، قد يكون مرتبطًا بصراع قوى إقليمية تسعى لتحجيم بمصر ومنعها من ممارسة دورها على الساحة العراقية، باعتبارها البلد العربي ذي التأثير الكبير في المحيط الإقليمي. وتدعم تلك الفرضية، تقاطر عدد من القادة العراقيين على القاهرة خلال الفترة الماضية، في إطار إجراء المشاورات الرامية للخروج من المأزق السياسي الذي يشهده العراق منذ إجراء انتخابات السابع من مارس، وكان ذلك بموازاة مشاورات مماثلة شهدتها السعودية، التي تشكل مع مصر تحالفًا مناهضًا للتمدد الإيراني بالعراق، وبعد أن أطلق العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الدعوة للقادة العراقيين لإجراء مشاورات سياسية بالرياض، من أجل الخروج من هذا المأزق. ويعيد ذلك إلى الاذهان الظروف الغامضة التي جرى فيها اختطاف القائم بالأعمال المصري إيهاب الشريف في يوليو 2005، حين بث وقتها تنظيم "القاعدة" بيان إعدامه وهو معصوب العينين، حيث كشفت أنباء آنذاك عن ناحا مسلحا إيرانيا قام بهذا العمل، من أجل دفع الدول العربية لعدم إقامة علاقات ببغداد. وعزز من تلك الاتهامات ضابط رفيع المستوى بجهاز الإستخبارات العراقية الذي تتولى إدارته الولاياتالمتحدة منذ تأسيسه عام 2004 حين كشف عن معلومات أدلى بها قياديون في تنظيم "القاعدة" تم اعتقالهم تؤكد تورط دولة إقليمية في عملية خطف وقتل السفير المصري، عبر 16 وثيقة وتسجيلا صوتيا موثقا لدى جهاز الاستخبارات العراقية. زمن بين ما قاله الضابط أن عملية خطف إيهاب الشريف سبقتها ثلاث محاولات خطف فاشلة بسبب حنكته ودرايته بشوارع بغداد وخبرته الأمنية، كان آخرها تعاونا بين عناصر تلك الدولة الإقليمية وتنظيم "القاعدة" مقابل صفقة سلاح يتم توريدها إلى العراق. وأضاف: كان الشريف يحاول سحب البساط من تحت أقدام سفير تلك الدولة الذي كان متفردا آنذاك في بغداد ما شكل إزعاجا لهم خاصة بعد قيام الشريف بعدة محاولات لرأب الصدع بين العراقيين السنة المتمثلة بهيئة علماء المسلمين وأطراف شيعية أخرى تحت شعار العروبة أولا". ونفى الضابط الكبير أن تكون تلك الوثائق والتسجيلات الصوتية الموجودة في جهاز الاستخبارات العراقي قديمة قائلا "كلها جديدة وتم تسليمها إلى الجانب الأمريكي وهناك سيل جديد من المعلومات سنقوم بإطلاع الجانب المصري عليه عما قريب"، منوها إلى أن يوم السادس من يوليو لم يكن يوم عملية تصفية السفير بل كانت في اليوم الثاني أي بعد 24 ساعة فقط وتم انتزاع معلومات منه بالقوة رافقها تعذيب حسب اعترافات موجودة ومسجلة. وأضاف "كان بالامكان دفع فدية مالية للقاعدة في ذلك الوقت لا تتجاوز المئة ألف دولار لإطلاق سراحه مثل باقي الرهائن الأجانب والعرب الذين اختطفوا في تلك الفترة لكن "الدولة الإقليمية (إيران) كانت تريد قلع جذور التواجد المصري والعربي بصورة عامه من بغداد حتى تكون بغداد ساحة حصرية لنفوذها وقد نجحت في ذلك. وتكشف المعلومات، أن "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني بقيادة سليماني يقوم بعمليات استخباراتية وتجسسية واسعة داخل العراق، وأقام تنظيمات مسلحة تأتمر بأوامره، مجندا أكرادا سنة إيرانيين لسحب البساط من الأحزاب الكردية العلمانية، وكان هؤلاء العملاء حلقة وصل بينه وبين عراقيين خرجوا من السجون الأمريكية وشكلوا ما يسمى الجيل الثالث من القاعدة. وتشير إلى أن العملاء الأكراد ل "فيلق القدس" نجحوا في تشكيل تنظيم مسلح تحت اسم "القاعدة"، ويصفه مسئولون عسكريون عراقيون بأنه حركة تمرد اكتسبت عناصره صلابة في السجون الأميركية ويمثلون تحديا للقوات العراقية. وجاء في تقرير لوكالة "رويترز": ربما تكون مكافحة ما يطلق عليه المسؤولون العراقيون "الجيل الثالث" من القاعدة أصعب كثيرا من ذي قبل لأن مقاتليه يستطيعون الاندماج في المجتمع العراقي ويعرفون نقاط ضعفه، كما أنهم يهتمون بأن تترك هجماتهم أثرا قويا أكثر من اهتمامهم بتحقيق انتصارات في ميدان المعركة. وتهدف هجمات القاعدة إلى جذب الانتباه وهز السكان في وقت مشحون بالتوترات الطائفية لإخفاق الساسة في الاتفاق على حكومة عراقية جديدة بعد 7 أشهر من انتخابات غير حاسمة. وكان اللواء الركن حسن البيضاني رئيس هيئة أركان الجيش في قيادة عمليات بغداد صرح قائلا: "أعتقد أننا نتعامل مع الجيل الثالث للقاعدة، وأغلبه تخرج من مركزي الاعتقال الأمريكيين (بوكا وكروبر) ومن مناطق مختلفة. يهاجم هذا التنظيم أهدافا تخضع لحراسة مشددة وقوات الأمن مباشرة، وتعتمد استراتيجيته بالدرجة الأولى على الصدمة، هو ليس من النوع الذي يبحث عن النجاح. إنما يبحث كثيرا من أجل أن يقال إنه فعل شيئا لذلك يختار مناطق محصنة. ويرى المحللون أن هذا يقود إلى استنتاج لتوصيف مشابه لتهديده للمسيحيين في مصر والزج بشأن مصري في حربه داخل العراق، هو لا يبحث عن النجاح وإنما عن الصيت والسمعة وإحداث الصدمة، كرسالة ينقلها بالوكالة عن طهرن إلى القاهرة بأن تبتعد مع حليفتها الرياض عن الساحة العراقية. *راجع مقال الزميل فراج اسماعيل في زاوية "خارج السرب" .