أدانت "الجماعة الإسلامية" بمصر، تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية الذي أسفر عن مقتل 21 شخصًا وإصابة 79 آخرين في وقت متأخر من ليل الجمعة، ووصفته بأنه جريمة تتنافى مع كافة الأديان السماوية وأحكام الشريعة الإسلامية، وأنه لا يمكن قبول أي مبرر له أيًا كان الفاعل الذي يقف وراءه. لكنها دعت إلى ضرورة دراسة الأسباب التي دفعت إلى ظهور وحدوث مثل هذه العمليات من جديد بمصر بعد أن انتهت منذ سنوات عديدة، في إشارة إلى وضع الهجوم في سياق التطورات التي شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة، حيث لحوظ تصاعد حدة الاحتقان الطائفي بالبلاد. وقالت الجماعة في بيان أرسلت إلى "المصريون" نسخة منه، إنه قد آلمها بشدة الحادث الذي راح ضحيته أرواح بريئة مسيحية ومسلمة، وتعتبره "خروجًا صريحًا على تعاليم الإسلام ومبادئه السمحة"، و"يتناقض مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية التي توجب العدل ولا تجيز قتل النفوس بغير حق "وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ". وأضافت في بيانها شديد اللهجة، إنه "لا يمكن لأي عاقل متزن يعرف المبادئ الأولى من دين الإسلام وشريعته السمحة إلا أن يقول: "إن ما حدث أمام كنيسة القديسين من تفجيرات أودت بحياة العديدين يعد جريمة لا يقرها شرع ولا يوافق عليها دين". وجاء الحادث بعد شهرين من تهديدات منسوبة لما يسمى بتنظيم دولة العراق الإسلامية" باستهداف الكنائس المصرية إذا لم يتم إطلاق "الأسيرات المحتجزات بالكنيسة"، وهي التهديدات التي أثارت ردود فعل منددة على نطاق واسع. لكن الجماعة استنكرت الهجوم باعتباره يتعارض مع المبدأ القرآني الذي يحرم قتل الأبرياء بجريرة غيرهم، بقوله تعالى "وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"، ويخالف أوامر الشريعة التي حرمت تعميم العقاب، وأشارت إلى أنه "إذا كانت قد أدانت من قبل المواقف السلبية الصادرة من بعض متطرفي الأقباط، فإن ذلك لا يعني بحال الرضا بظلمهم أو البغي عليهم أو استهداف أرواحهم وأماكن عبادتهم". ولم تعلن أي جهة مسئوليتها حتى الآن عن الحادث، لكن محللين يرون أنه يحمل بصمات تنظيم "القاعدة" الذي كان قد تبنى الهجوم على كنيسة بحي الكرادة في 31 أكتوبر الماضي، وأسفر عن مقتل 52 من الرهائن ورجال الشرطة، "نصرة لأخواتنا المسلمات المستضعفات الأسيرات في أرض مصر المسلمة". وقالت الجماعة إنها سبق وحذرت "من أن المناخ السيئ الذي تولد من جراء هذه المواقف السلبية سيتيح الفرصة أمام تنظيم "القاعدة" لإلهاب حماس بعض الشباب المستاء من هذه المواقف لتنفيذ أعمال من هذا القبيل متجاوزين أحكام الشريعة وناسين مصالح الأوطان وغافلين عن أنهم يضربون الأمن القومي للبلاد كلها". وكان تنظيم "القاعدة" أعطى مهلة للكنيسة القبطية المصرية 48 ساعة في أعقاب تفجير كنيسة الكرادة للإفراج عن مسلمات "مأسورات في سجون أديرة" في مصر، لكن الكنيسة لم تستجب حتى بعد أن كرر في 22 ديسمبر تهديداته إذا لم يتم إطلاق سيدتين يقول إن الكنيسة المصرية تحتجزهما بسبب اعتناقهما الإسلام. في الوقت الذي ثارت فيه فيه ردود فعل واسعة النطاق تجاه التهديدات، وحتى من جانب الجهات التي كان لها مواقف مناهضة للكنيسة من مسألة احتجازها كاميليا شحاتة ومن قبلها وفاء قسطنطين، وطالبت الدولة بإطلاق سراحهما ومنحهما الحرية في اختيار ديانتهما وفق إرادتهما الشخصية وبعيدًا عن أية ضغوط. وشددت "الجماعة الإسلامية" على ضرورة أن تبسط الدولة "يدها القوية على كل نزاع طائفي، وأن يكون القانون وتنفيذه هو الفيصل لإنهاء النزاعات الطائفية"، مؤكدة أنه "لا يجوز لأي جماعة مسلمة أو مسيحية أن تعطى لنفسها صلاحيات الدولة ومهامها.. أو تنوب عن الأمة في تقرير من تقتل ومن تحارب".