برلمانية المؤتمر بالشيوخ: الهيئة الوطنية للانتخابات قدمت نموذجًا مشرفًا في إدارة الإعادة    رئيس جامعة طنطا يجري جولة تفقدية موسعة لمتابعة سير أعمال الامتحانات    النتيجة الرسمية لانتخابات مجلس النواب الدائرة الثانية (سيدي سالم- الرياض) بكفر الشيخ    جامعة المنصورة تعلن انضمام الطالب حمزة أبوالخير إلى قائمة Forbes    أسعار الفضة تسجل مستوى قياسيا في السوق المحلي.. وتراجع الذهب    قطع المياه عن المنطقة المحصورة بين شارعي الهرم وفيصل غدا    أبو الغيط يرحب بتنظيم أول انتخابات بلدية مباشرة في الصومال    تقرير: حرب مفتوحة تستهدف الوجود العربي والإسلامي والمسيحي في القدس    جيش الاحتلال يعلن اغتيال أحد أبرز عناصر وحدة العمليات بفيلق القدس الإيراني    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    تشكيل المصري لمباراة حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    الأهلي يضغط على ديانج بورقة حمدان    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    دهسته سيارة مسرعة.. مصرع شخص بحادث مروع في النزهة    سفر للخارج مزيف.. التحقيق مع عصابة النصب على المواطنين بالقاهرة    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    وزارة السياحة تكشف موقف مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسميًا بعد أكثر من 25 عام زواج    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13.4 مليون خدمة صحية وعلاجية خلال 4 أشهر    البورصة تخسر 7 مليارات جنيه بختام تعاملات الأسبوع    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    التفاصيل الكاملة لافتتاح المركز النموذجي بالغرفة التجارية بالقليوبية    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    معارك انتخابية ساخنة فى 7 دوائر بسوهاج    خط نجدة الطفل.. طوق النجاة لمواجهة الاعتداءات بسرية تامة    سلوت: تجاوزنا أزمة محمد صلاح وعلينا أن نحترمه مع منتخب بلاده    محافظ أسوان يتابع ميدانيًا منظومة التطوير والتجميل    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    محافظ كفرالشيخ يستمع لشكاوى وطلبات الأهالي بشأن الخدمات    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    إدانة دولية للاستيطان الإسرائيلي ودور فلسطيني وعربي لمواجهة التوسع في الضفة    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    إسرائيل تمطر "سد المنطرة" بريف القنيطرة في سوريا بالقنابل (فيديو)    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشتاقون إلى بيت الله محمد الغباشي
نشر في المصريون يوم 19 - 10 - 2010

لَكَمْ يشتاق المؤمن إلى بيت الله الحرام، تتعالى دقات قلبه كلما رأى فيضان الحجيج حول البيت، تهفو نفسه لمرافقتهم وسكب العبرات في زمرتهم، والتعلق بأستار الكعبة، واستشعار برودة أرض الحرم بباطن قدميه، واستنشاق عبير مكة على مد البصر، يا لها من نعمة لا يشعر بها إلا من حُرِمها حقًّا، ويا ليت شعري كيف يتسنى لمن جاور البيت، وتردد صدى التلبية في أذنيه، أن لا يشارك وفد الله وفادتهم!! ولا الطائفين طوافهم!! ولا الراكعين الساجدين ركوعهم وسجودهم!! كيف طاوعته نفسه أن يسمع عجيجًا أتاه الناس من كل فج عميق، رجالاً وعلى كل ضامر، ولا تهفو نفسه لمشاركتهم الأجر، والعودة من رحلة القُرْبِ كيوم ولدته أمه نقيًّا صافيًا ليس عليه خطيئة!!
أقول وقد دعا للخير داعٍ *** حننت له حنين المستهامِ
حرامٌ أن يلذّ لي اغتماضٌ *** ولم أرحل إلى البيت الحرامِ
ولا طافت بي الآمال إن لم *** أطف ما بين زمزم والمقامِ
ولا طابت حياةٌ لي إذا لم *** أزر في طيبةٍ خيرَ الأنامِ
وأهديه السلام وأقتضيه *** رضًا يدني إلى دار السلامِ
يعلم الله كم من رجل ضيَّق على نفسه وعلى أسرته كي يدَّخر ماله الذي أنفقه في رحلة الحج، كم تقطَّر جبينه عرقًا حياءً من سوء ثيابه، أو نعله المتهرئ، أو قلة طعامه وشرابه، أو ضيق منزله، أو أثاثه المتواضع، ليجمع ماله بعضه على بعض ويؤدي فريضة الله التي كتبها عليه، لا بدافع إسقاط الفريضة حاشا، ولكن شوقًا إلى رؤية بيت الله الحرام، وحبًّا في التقرب إلى ربه تعالى بركن من أعظم أركان الإسلام.
يفعل ذلك وهو ليس مكلفًا بأداء هذه الفريضة؛ حيث لا يملك ما يكفيه لأدائها، وهذا ينطبق بشكل أكبر على من يعيش خارج الجزيرة العربية، فبعض أهل البلدان البعيدة عن الجزيرة أو حتى المجاورة -التي لا يفصلها عنها إلا حدود سياسية وهمية- يُعَدُّ الحج بالنسبة إليهم أملاً بعيدًا، وأمنية بَعُدَ شأوها ويأسوا في تحقيقها، حيث يعيش أغلبهم تحت خط الفقر، وبالكاد يكفي أولاده طعامًا متواضعًا وشرابًا منخفض التكاليف، هذا إذا لم يقترض نهاية كل شهر ويتكفف الناس أعطوه أو منعوه، ولكن اشتعال جذوة المحبة في قلوب هؤلاء، واشتياقهم لمحاكاة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- في عبادته تدفعهم دفعًا نحو التضييق على أنفسهم -من حيث لا يشعرون- لإدراك هذه الفضيلة العظيمة التي قد تكون أمنية مستحيلة لبعضهم.
وعلى الرغم من وجود مثل هذا الصنف الذين تعلقت قلوبهم ببيت الله الحرام، وهفت إليه نفوسهم، إلا أن أناسًا على النقيض بَعُدَتْ عليهم الشقة، ونأى بهم مرض قلوبهم عن زيارة بيت الله تعالى، رغم قربهم، وامتلاكهم تكاليف الرحلة، التي لا تتعدى بالنسبة إليهم دريهمات قليلة؛ حيث شرَّفهم الله تعالى بمجاورة بيته، وأغناهم -عز وجل- من فضله، ولو كان عرضًا قريبًا وسفرًا قاصدًا لأتوه، ولكن قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة، فلا تحركهم تلبية الحجيج، ولا هيبة منظر كعبة الله، ولا مشهد تجمع البشر من كل بقعة من بقاع الأرض بثياب الموت، وإنما تحركهم أهواؤهم ورغباتهم، فينفقون يمينًا وشمالاً على شهواتهم، ويسافرون فيشرِّقون ويغرِّبون، ولا يبخلون على الإنفاق بمئات الآلاف والملايين على هواهم، وإنما يشحون ويسوِّفون في زيارة البيت، فقد يبلغ أحدهم ويتعدى عتبات الشباب بل وقد يبلغ من الكبر عتيًّا، وتدركه الشيخوخة، ويشتعل رأسه شيبًا، ولم يزل متقاعسًا عن أداء فريضة الله تعالى، وهو مكلف بأدائها متى ما بلغ وامتلك القدرة والاستطاعة، إلا أن الشيطان استولى على العقول والأفئدة، فساقها إلى حيث شاء، وزين في الأنفس المال وحببه إليها، فلا إنفاق للمال إلا على الأهواء والشهوات، ولا يكون لله -عز وجل- منه نصيب، رغم أنه سبحانه واهب المال ومعطي النعم، وقد وعد المنفقين بالإخلاف، وتوعد الممسكين بالإتلاف، ولكن:
حبك الشيء يعمي ويصم
إن الحج ركن عظيم من أركان هذا الدين، وفريضة كبرى من فرائضه، تجب على الفور متى ما بلغ الإنسان وامتلك ما يستطيع به أداءها، فإن فرَّط وسوَّف وتقاعس فأدركه المرض أو الفقر أو الموت فقد فوَّت على نفسه أجرًا عظيمًا، وعرضها للمساءلة والعقاب، وأما من بادر فهنيئًا هنيئًا له الزيارة، وهنيئًا هنيئًا له التضلع من زمزم، وهنيئًا هنيئًا له السعي والطواف، وهنيئًا هنيئًا له القلب الجديد، والعقل الجديد، والنفس الجديدة، وصحيفة الأعمال البيضاء، والالتزام الصادق بأمر الله، وهنيئًا هنيئًا له الأجر العظيم، والثواب الجزيل، فقد عاد من خطاياه بالكفارة كيوم جاء إلى الدنيا، وجاهد في الله تعالى أفضل الجهاد، وأُعتق من النار في يوم عرفة، واستجيب دعاؤه وعجيجه:
أَمَا والَّذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ *** وَلَبْوا لَهُ عِنْدَ الْمُهِلِّ وَأَحْرَمُوا
وَقَدْ كَشَفُوا تِلْكَ الرؤُوسَ تَوَاضُعًا *** لِعِزَّةِ مَنْ تَعْنُو الْوُجُوهُ وتُسْلِمُ
يُهِلُّونَ بِالْبَيْدَاءِ لَبَّيْكَ رَبَّنَا *** لَكَ الْمُلْكُ وَالْحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ تَعْلَمُ
دَعَاهُمْ فَلَبّوْهُ رِضًا وَمَحَبَّةً *** فَلَمَّا دَعَوْهُ كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُمُ
تَرَاهُمْ عَلَى الأَنْضَاءِ شُعْثًا رُؤوسُهُمْ *** وَغُبْرًا وهُمْ فِيْهَا أَسَرُّ وَأَنْعَمُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.