أكد الباحث الأمريكي "آرون ديفيد ميلر" أن على الولاياتالمتحدة قبول حقيقة أن الجيش هو القوة المهيمنة في مصر، وأن قيمها الديمقراطية ربما لا تتوافق مع مصالحها، وأن عليها القبول باحتمال عدم وفاء "الحكم العسكري" بمتطلبات قيمها الديمقراطية. ونقلت صحيفة "النيويورك تايمز" عن ميلر، نائب رئيس مركز "وودرو ويلسون" العالمي للأبحاث،:"إن زيارة "جون كيري" وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة لمصر، وما بدا خلالها كدعم ل"الحكم العسكري"، أثارت انتقادات حادة من قبل كل الأطياف السياسية في الولاياتالمتحدة. وأضاف أن المحافظين الجدد والليبراليين الداعين للتدخل (الدولي) هاجموا البيت الأبيض لفشله في الوقوف إلى جانب المبادئ الديمقراطية وافتقاده للوضوح بشأن سياسته نحو مصر. ويرى الكاتب أن الولاياتالمتحدة نجحت في التباعد عن كل العناصر المكونة للسياسة المصرية؛ الإسلاميين والليبراليين والجيش والجزء الأكبر من الشعب المصري على حد سواء، وأن ذلك ليس بأمر هين ، بحسب موقع "أصوات مصرية" التابع لرويترز. ويقول الكاتب "ليس هناك شك في أن السياسة الأمريكية بشأن مصر والاضطراب السياسي في الشرق الأوسط تفتقد الهدف". ويضيف أنه على الرغم من ذلك، فسياسة أوباما منطقية وضرورية، متعاونا مع - وليس ضد- الجيش، ومتجاهلا بشكل أساسي أي جهود جادة بشأن الإصلاح الديمقراطي. ويوضح أنه لا توجد حاليا على الأغلب أي وسيلة يمكنها إحراز تاثير ذي معنى على مسار السياسة المصرية، قائلا إن "الجنرالات -مدعومين من قبل قطاع كبير من الجماهير المصرية- اتخذوا قرارا في بدايات العام الحالي بأن محمد مرسي وجماعة الإخوان شكلا تهديدا رئيسيا لتصورهم عن مصر ومستقبلها". ويرى الكاتب أن موقف الجيش لم يكن ببساطة انقلابا من أجل السلطة - حتى وإن كان الجنرال السيسي وآخرون بين النخبة العسكرية يمثلون قطاعا ذي امتيازات يذودون عنها، ولم يكن كذلك مجرد مناورة، ولكنه اختيار استراتيجي.
ويؤكد أن قطع أو استمرار المعونات الأمريكية لمصر لم يكن له أن يحرز أثرا كبيرا حينما تقرر القوى المعنية أن مستقبل بلدها على المحك.
ويضيف أن مصر لم تكن متجهة أصلا نحو أي نوع حقيقي من الديمقراطية يمكن لأمريكا أن تزيد من عزمه، فقد كانت مصر خلال السنوات القليلة الماضية بين يدي أقل قوتين التزاما بالديمقراطية؛ الجيش وجماعة الإخوان المسلمين.
ويقول إن "المعارضة الليبرالية والعلمانية التي بدأت احتجاجات التحرير التي أطاحت بمبارك غير قادرة على تنظيم نفسها بشكل فعال من أجل إيجاد طريق ثالث، وإنه لا يمكن لأي درجة من الضغط الخارجي أن تغير من هذا الواقع".
ويؤكد الكاتب أن الجيش هو القوة المهيمنة في البلاد وأنه من المرجح أن يستمر الأمر على هذا النحو، وحال غيابه "سيكون هناك احتمال حقيقي بأن تنجرف مصر إلى الفوضي وتتفكك أكبر وأهم دولة في العالم العربي يسكنها 90 مليون شخص".
ويضيف أن ذلك لا يعني دعوة ل"استقرار" من النوع الكاذب الذي أدى في النهاية لسقوط مبارك، ولكنه اعتراف بتراجع حدود نفوذ الولاياتالمتحدة في الوقت الحالي.
ويقول إن على الولاياتالمتحدة الاستمرار في ممارسة ضغط على السيسي للتقدم في خريطة الطريق نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ولكن عليها أن تقبل بأن الجنرالات "ربما لا يفون بمثلنا الديمقراطية".
ويضيف أنه لو قرر السيسي خلع بزته العسكرية والترشح للرئاسة، "فلن يكون لدينا حتى غطاء خريطة طريق نحو إصلاح حقيقي لنتخفى وراءها".
ويرى الكاتب أن الولاياتالمتحدة تتعرض لمأزق في مصر لا مخرج منه حاليا، وعليها أن تتفهم أن قيمها ربما لا تتوافق ببساطة مع مصالحها، وأنه لو قبلت هذه الحقيقة في أسرع وقت سيكون من الأيسر التعامل مع التشوهات والتناقضات التي تميز سياستها.