الداعية الإسلامي محمد حسان رئيس مجلس إدارة قناة الرحمة الفضائية خرج علينا بفتوى تبيح للمصريين بيع الآثار وتحطيم التماثيل إذا وجدها الإنسان على أرضه..! وقال الشيخ حسان في فتواه " أنه إذا كانت هذه الآثار في أرض تملكها أو في بيت لك فهذا حقك وهذا رزق ساقه الله، ولا إثم عليك في ذلك ولا حرج وليس من حق دولة ولا مجلس ولا أي أحد أن يسلبك هذا الرزق. ومضى الشيخ حسان يقول في فتواه " إن كانت هذه الآثار تجسد أشخاص فعليك أن تطمسها لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الأثر المجسم وما حرم بيعه حرم ثمنه". ولأننا لن ندخل في جدال ومناظرات فقهية ودينية ولأننا سنتجاوز ما ينعكس عليه قول وفتوى الشيخ وما يمكن أن يؤديه إلى فوضى في حيازة وبيع تاريخ وآثار أمة فإننا سنتحدث عن الجدوى من إثارة هذه القضايا والموضوعات التي يمكن أن تضع الإسلام في خانة الدفاع وتجعله هدفًا للهجوم من المتربصين بالإسلام وبالصحوة الإسلامية. ولماذا نشغل أنفسنا والمسلمين بالحديث عن قضايا لن تضيف إليهم شيئا وستؤدي إلى المزيد من الانقسام في الفكر والتوجه الإسلامي مثل الحديث عن تقييم لفترة ثالث الخلفاء الراشدين سيدنا عثمان بن عفان أو عن قضية قتل سيدنا عمر بن الخطاب أو عن دور السيدة عائشة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام أو عن غير ذلك من القضايا التي لن يؤدي إثارتها والخوض فيها إلا إلي خدمة المستشرقين الذين يريدون التشكيك في ثوابت إسلامية هي من صميم العقيدة..! وحقيقة لا نفهم كيف يقع داعية مستنير مثل الشيخ محمد حسان في هذا المطلب ويتحدث عن بيع الآثار وتحطيم التماثيل بينما قضايا المسلمين الأهم تستصرخ كل ذي عليم ودين أن يدلي بدلوه فيها وأن يواصل الحديث عنها حتى تعود الروح وتستيقظ الأمة الإسلامية من سباتها العميق وتبدأ دورها التنويري والقيادي من جديد بدلا من الحديث الأجوف والعقيم حول فتاوى مثل إرضاع الكبير وجواز "تزغيط" البط وغير ذلك من الفتاوى والأسئلة والأفكار التي أصبحت تتداول في الفضائيات التليفزيوينة على أنها أمور تتعلق بالإسلام وتهم المسلمين. إن علماء الدين عليهم أن يكونوا أكثر اقترابًا والتحامًا وتفاعلاً مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملحة والعاجلة، وأن تكون لهم وقفتهم ومواقفهم وحملاتهم التوعوية الدينية فيها مثل قضية التحرش الجنسي في شوارعنا التي دفعت بعض طالبات المدارس الثانوية في محافظاتنا إلى الاعتصام طلبًا للحماية ولإثارة القضية على أوسع نطاق بعد أن أصبح التحرش ظاهرة يتعامل معها المجتمع على أنها من المسلمات.. وعلماء الدين عليهم أن يقودوا هجوم الفضيلة بعد أن أصبحت الفضيلة غائبة في شوارعنا وفي تعاملاتنا وفي كل تصرفتنا.. وهو هجوم لا يجب أن يتوقف عنه حدود الفتوى والرد على سؤال لقارئ أو مشاهد وإنما يأخذ شكل المشروع الديني لاستنهاض الهمم وعودة الحشمة والفضيلة. وفي هذا فإن الخطاب الديني يحتاج إلى تغيير وتطوير يتلاءم مع مفردات العصر ومع تطلعات الأجيال الجديدة ومع متغيرات التعليم لكي يمكن أن يجد هذا الخطاب قبولا واستجابة ولكي يمكن أن نخلق مجتمعًا قائمًا على التكافل والتراحم والتسامح بعيدًا عن الأحقاد الطبقية والتطرف والعنف.. إننا لا نحتاج إلى فتاوى تعيدنا إلى عصور من الجمود والتشدد وتجعلنا في حالة عداء مع الحضارة الكونية، ولكننا في حاجة إلى فتاوى تقول لنا أعملوا.. وأتقنوا العمل وأخلصوا في الأداء واصدقوا في القول.. فتاوى تقول لنا..كونوا مسلمين قولا وفعلا..، فالحقيقة أن ما نراه الآن في مجتمعاتنا يفتقر إلي كل تعاليم الإسلام..وهذه هي قضيتنا..! [email protected]