نحتاج مزيداً من الثقة في «مصريتنا».. نحتاج من يذكرنا بتاريخنا «القريب» حتى نعرف مَن جدودنا وماذا فعلوا لمصر والعالم، قبل ان نصل نحن بمصر إلى ما هي فيه. ان قراءة التاريخ الحديث والمعاصر هي خير دافع للجيل الحالي ليستعيد ثقته في نفسه وفي قدراته وفي بلده، فلم نسمع عن «موجات» هجرة مصرية الى شتى بقاع الارض قبل خمسينيات القرن الماضي، بعكس ما فعله اخواننا اهل الشام نتيجة لظروفهم السياسية غير المستقرة. وحتى «الهجرة» منذ الخمسينيات كان اغلبها بهدف العمل في الخارج، وجزء كبير منها صاحب نهضة دول الخليج مع اكتشاف النفط، فهي لم تكن – في معظمها – هجرة دائمة بل كان الهدف هو البحث عن الرزق ثم العودة الى احضان المحروسة مرة اخرى مهما طالت فترة غربة العمل. اما اليوم فالشباب المصري يهاجر الى قاع البحر وافواه اسماك القرش وسجون اوروبا، قبل الثورة المباركة وبعدها ايضا.. لا فرق!! هل يعلم شبابنا أن مصر كانت من كبار المتبرعين لمنظمة الصليب الأحمر الإنسانية، ومن أوائل الدول التي تساهم في المعونات الإنسانية وقوافل الغوث في الكوارث الطبيعية؟ على شبابنا أن يعلم أن دولة بريطانيا العظمى، والتي كانت وقتها «الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس» قد «استدانت» ديناً واضحاً من مصر مقداره 3 ملايين جنيه إسترليني، إضافة إلى «نهب» قطن مصر وخيراتها لعشرات السنين، تبلغ بحساب الفوائد المتراكمة منذ ذلك الحين حوالي 28.8 مليار إسترليني، تعادل حوالي 316.8 مليار جنيه مصري، طبقا لحسابات بنك فرنسي طلب منه إجراءها د.أشرف صبري، المواطن المصري المتابع لقضية الديون المستحقة لمصر على دول العالم. نفس الرجل المحترم تابع قضية «شيكات» تم إرسالها إلى «بلجيكا» في قلب أوروبا بقيمة 5 ملايين فرنك لإنقاذ الشعب البلجيكي من الجوع على حد التعبير «الملكي» لملكة بلجيكا وقتها التي وجهت خطابا رسميا، تم حفظه، الى ملك مصر تشكره فيه «على الوقوف الى جانب الشعب البلجيكي وإنقاذه من الجوع، ليعلم العالم كله من كان يقف مع شعب بلجيكا في محنته ومن لم يسانده». هذه الملايين الخمسة، تعادل اليوم ايضا حوالي 29 مليار جنيه استرليني، أي أكثر من 319 مليار جنيه مصري (بسعر صرف 11 جنيها مصريا لكل جنيه استرليني)، لم يطالب بها أحد، لكنها مع ما قدمته مصر لبريطانيا تظل جزءا من تاريخ يجب ان يعرفه شبابنا، ليتمسكوا اكثر بمصريتهم و«مصرهم» التي تمر بظروف صعبة، لكن ذلك لا يمحو تاريخ عطائها من صفحات النور، ولا يقلل من قيمتها بين الدول التي صنعت نهضة العالم الحديثة، وهذا قبل عشرات سنين قليلة وعلى أيدي أجدادنا، فما بالك بكوننا من اقدم حضارات العالم، ومهد المعرفة للدنيا قاطبة؟ ارفعوا رؤوسكم انتم مصريون. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
حسام فتحي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66