كعادته شعب مصر أبهرنا وأبهر العالم بخروج غير مسبوق طالب فيه بحقوقه الإنسانية والوطنية ووضع قواعد جديدة لما يسمى ب«الشرعية» التي تخرج من قلب الشعب. ما حدث في مصر هو استعادة لثورة وليس أبدًا انقلابًا عسكريًا.. فهل سمعتم عن انقلاب عسكري يعطي مهلة للقوى السياسية المتصارعة ويحدد موعدًا زمنيًا للتصرف؟ هل رأيتم انقلابًا عسكريًا يسلم الدولة لقاضٍ جليل هو رئيس المحكمة الدستورية ليسيّر أمورها بشكل مؤقت؟ هل قرأتم عن انقلاب عسكري يخرج 33 مليون مواطن في مظاهرة هي الأكبر في تاريخ البشرية ليطالبوا فيه العسكر بإنقاذ مصر؟ عمومًا… لن ندخل في جدل سفسطائي حول اسم ما حدث، فيكفيني أن أرى وأسمع تكبير وتهليل ملايين المصريين البسطاء.. العاديين.. غير المتحزبين ولا المؤدلجين.. ولا أصحاب نظريات سياسية، لأعرف أن الجيش وقف مع الحق.. والشعب. حتى أمريكا - خالة الديمقراطية باعتبار بريطانيا أمها – ارتبكت وهناك حرب مناورات كلامية بين المسؤولين الأمريكيين لإعادة تعريف كلمة «انقلاب»، حتى يتمكنوا من الاستمرار في التعامل مع الوضع الجديد لأن القانون الأمريكي واضح جدًا ويقضي بأن «أي مساعدة عسكرية لبلد أطاح الجيش بحكومته يجب أن تلغى» حيث تنص مادة وضعت عام 1985 على أنه «لا يمكن استخدام أي أموال لتمويل مباشر لمساعدة حكومة بلد أقصي رئيس حكومته المنتخب حسب الأصول، بانقلاب عسكري». لكن يبدو أن شعب مصر العظيم، وجيشها الباسل سيعيدان صياغة مفهوم العالم عن «الانقلاب»! ومن المعروف أن المساعدة الأمريكية العسكرية لمصر تبلغ 1.3 مليار دولار، تشكل حوالي80 % مما يشتريه الجيش المصري من معدات سنويًا، لا تأتي بشكل «شيك» مقبول الدفع، ولكن تخصص لتمويل المشتريات العسكرية، من منتجين أمريكيين فقط بالطبع!! وهذا يجرنا إلى فكرة «استمراء واستسهال» الحياة على «قفا» المعونة الأمريكية، حاليًا، و «قفا» أي معونة أخرى من أي أحد مستقبلًا. فهل حان الوقت لنتخلص من قيود التبعية التي رصفت مصر في أغلالها عقودًا طويلة؟ المشاعر الإيجابية السريعة التي جاءت من الأشقاء في دول الخليج تستحق الشكر والاحترام. والدعوة التي أطلقها رجل الأعمال محمد الأمين تحت عنوان «صندوق دعم مصر» وفتح حساب في جميع البنوك برقم ذي مغزى هو (306306)، وكانت المفاجأة انهمار تبرعات من مصريين في الداخل والخارج.. رجال أعمال.. وفنانين وكتاب.. وموظفين و.. عمال بسطاء تبرعوا بأجورهم «اليومية».. وأطفال.. وأشقاء من دول عربية.. وبأرقام لا تصدق - تجاوزت المليارات ومازالت المساهمات تتواصل. .. مشاعر المصريين عادت لتدفئ جسد مصر.. وتدثر آلامها.. وتضمد ما فعله بعض أبنائها بها من جراح.. وعلى كل مصري.. وعربي حر أبيّ أن يساعد «أم الدنيا» على الشفاء من جراحها.. فبدون مصر الحرة.. القوية.. المستقلة خسر العرب جميعًا الكثير.. والكثير. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. حسام فتحى عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. @hossamfathy66