عملية السطو على موقع المصريون التي وقعت فجر أمس الاثنين ونجح "الهاكرز" من خلالها في اختراق الموقع ووضع رسالة خاصة بالدفاع عن الكنيسة والبابا ، واستمرت لمدة ساعتين مستغلين صعوبة التواصل مع المختصين بالحماية في ذلك الوقت المبكر ، هذه العملية مؤسفة للغاية ، وتكشف عن إفلاس فكري وضعف القدرة على مواجهة المعلومات والحقائق التي تقدمها المصريون بشكل يومي فيما يتعلق بقضية المواطنة "كاميليا شحاتة" أو بغير ذلك من الأحداث المتصلة بالتيار المتطرف داخل الكنيسة الأرثوذكسية . الرسالة التي وضعها مخترقوا الموقع كان أهم ما فيها هو "متى تنتهون؟" ، بما يكشف عن مستوى الحرج الذي سببته الحملة التي تقودها المصريون ضد التطرف في الكنيسة كما هي حملاتها ضد التطرف في أي جانب آخر ، وهذا ما أوضحته لهؤلاء الهكرز في رسالة على الإيميل الذي تركوه ، وبعد أن انتهت المشكلة ، أحببت أن أوصل إليهم معنى أننا في المصريون غير معنيين بالبعد الديني أو العقدي أو الروحي للأرثوذكس في مصر ، وإنما نحن معنيون بكل ما يتصل بوحدة الوطن وسلامته وأمنه وأمانه واستقراره وسلامة بنيته الإنسانية والمجتمعية وسيادة القانون فيه ، والتصدي بكل قوة لأي ظاهرة تهدد هذه المعاني كلها ، ونضرب بقوة من أجل أن نكون أكثر رحمة بوطننا ، وأوضحت لهم أننا انتقدنا الجهات الإسلامية قبل أن ننتقد الكنيسة ، وأننا وجهنا النقد عندما وجدنا أنه ضروري للإخوان المسلمين في بعض المواقف ، وغضبوا منا ، وانتقدنا تنظيمات إسلامية متشددة وغضبوا منا ، وانتقدنا شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية وكثير من الرموز الدعوية الرسمية والأهلية ، عندما تصورنا أن هناك ما يستحق النقد ، ولا يمكن وفق هذا السياق أن تكون الكنيسة المصرية ذات حرمة خاصة تمنع نقدها ونقد قياداتها إذا وجدنا أن هناك ما يستحق النقد والتقويم والتنبيه . هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، فإن اندفاع الكنيسة في ظل قيادة البابا شنودة إلى الاشتباك مع تيارات سياسية متنازعة في مصر ، وفي أوقات شديدة الحرج والتوتر ، ينزع عنها الحصانة الروحية ، ويجعلها على قدم المساواة مع أي كتلة سياسية أخرى ، وعليها أن تتوقع النقد والهجوم وكشف العورات إن استدعى الأمر ذلك ، وسبق وحذرنا مرارا من أن دخول البابا على خط معركة استحقاقات السلطة السياسية في مصر حاليا ، وإعلانه المتكرر عن دعمه وتأييده لجناح التوريث وبصورة مستفزة للغاية ، ستجعله في مرمى نيران كلمات كل المعارضين لمشروع التوريث . أضف إلى ذلك المواقف الكنسية المتعالية على القانون وعلى القيم الإنسانية العادية فضلا عن التسامح الديني الذي تنكرت له الكنيسة في أكثر من موقف ، وصم فيه سلوكها بالعنف ، وكان أبرز ما تجلى فيه هذا السلوك هو واقعة احتجاز وعزل "وفاء قسطنطين" بعد إعلانها رغبتها في الإسلام وذهابها إلى مديرية الأمن من أجل توثيق إسلامه ، والفاجعة الأخرى عملية اختطاف "كاميليا شحاتة" وحبسها وعزلها عن العالم ، وممارسة مختلف الضغوط عليها من أجل منعها من إشهار إسلامها ، وقلت وأعيد التأكيد على أنه لا يوجد عاقل واحد مسلما كان أو مسيحيا وهو يستوعب فهم عملية حبس وعزل كاميليا كل هذه المدة إلا لإخفاء أمر جلل ، تتهيب الكنيسة من أن يظهر للناس ، ومن المحال أن يكون خلافا بين رجل وزوجته ، ثم يتحدى البابا أول أمس الرأي العام المصري كله بأنه ليس من حقه السؤال عن "المواطنة" كاميليا شحاتة ولا أن يعرف أين هي الآن ، ثم يكابر أمام شاشة التليفزيون ويقول أنها اختفت داخل الدير بإرادتها الكاملة ، هل هذا كلام يليق بقيادة روحية ، من أجل ذلك كله نؤكد على أن حملتنا ضد هذا التجبر والغلو والتطرف والعنف الكنسي هي حملة من أجل الوطن ، بمسلميه وأقباطه على حد سواء ، وسوف نمضي فيها طالما استمرت أسبابها ، ولن يوقفنا عنها محاولة اختراق الموقع أو تهديدات عبر البريد الالكتروني يرسلها "خفافيش الظلام" الذين يخيفهم ويزعجهم أن تضع مصابيح الحقيقة في المناطق التي أرادوا أن تظل في العتمة والخفاء . [email protected]