محافظ الجيزة: تنسيق القبول بالثانوية العامة ومدارس التعليم الفني الأسبوع المقبل    محافظ الإسكندرية ووفد برلماني يتفقدان مشروعات تنموية في المدينة    نقيب الأطباء: إيجار العقارات القديمة للأطباء والصيادلة يرتفع بنسبة 10% سنويًا    رئيس وزراء إسبانيا يتمسك بعدم الالتزام بهدف الإنفاق الدفاعي للناتو رغم تهديدات ترامب    في أول اعتراف رسمي.. عراقجي: أضرار كبيرة طالت المواقع النووية الإيرانية بعد 12 يومًا من الحرب    عراقجي يدعو لموقف أوروبي مسئول إزاء العدوان الإسرائيلي    البرلمان العربي يدعم صرخة فلسطين: دعوة عاجلة لإغاثة غزة    روسيا وأوكرانيا تتبادلان أسرى حرب بموجب اتفاقات إسطنبول    مندوب الاتحاد الأفريقي بالأمم المتحدة: إفريقيا أصبحت ساحة لتنافس القوى الكبرى    زيلينسكي يطالب قادة أوروبا بدعم انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي    نجم الزمالك: الأبيض يحتاج لصفقات قوية.. وعمر جابر قدم موسم مميز    رقم خرافي.. تعرف على راتب رونالدو الجديد بعد تجديد عقده مع النصر    مصدر بالبنك الأهلي: أتممنا التعاقد مع أوفا ودويدار من إنبي.. وهذا موقف ثنائي المحلة    اختلفا على مبلغ بيع توك توك.. مقتل عامل على يد ابن عمه بسوهاج    الأرصاد تكشف عن طقس الجمعة: أجواء حارة نهارا معتدلة ليلا    لأصحاب برج العقرب.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من يونيو 2025    ما حكم ارتداء سلاسل الفضة للرجال؟.. أمين الفتوى يُجيب    نقل الكهرباء : تشغيل المحول رقم (1) بمحطة زهراء المعادي    منتخب شباب اليد يخسر امام البرتغال 30/26 في ربع نهائي بطولة العالم    أحمد عمر هاشم: الهجرة النبوية حدث خالد فى كتاب خالد وترسيخ لقيم التعايش والعدل    الخارجية الأمريكية: أولويتنا الحالية وقف إطلاق النار في غزة    محافظ كفر الشيخ: تسهيل إجراءات تقنين الأراضي لتيسير الأمور على المواطنين    تدريب الأطفال على مسابقات السباحة بحديقة الخالدين فى كفر الشيخ.. فيديو    مصرع رضيع صعقا بالكهرباء داخل منزله بقنا    مياه كفر الشيخ: انقطاع المياه لمدة 8 ساعات عن مركز ومدينة فوه غدًا    «سيطرة واضحة».. لماذا تفوقت فرق البرازيل في كأس العالم للأندية؟    «مش عاجبك متخرجش».. محمود حجازي يعلق على انزعاج المشاهير من المعجبين (فيديو)    ممدوح موسى عن «ابتدينا» ل عمرو دياب: «ده مش اسم غنوة دي مرحلة جديدة بيبدئها الهضبة»    مصطفى كامل وعلى الحجار ولؤى وهاني رمزى فى عزاء والد تامر عبد المنعم (صور)    محافظ القليوبية يتابع رصف طريق مساكن الرملة ببنها والانتهاء منه خلال أيام    «الجهل قتل الراهب».. خالد الجندى: «كل بني آدم بداخله شعلة إيمان تحتاج لمن يشعلها»    لفقدان الوزن.. تعرف على فوائد المشروم المذهلة    مدير التأمين الصحي بالقليوبية: برامج تدريبية متخصصة لرفع كفاءة الكوادر الطبية    نقطة دم تساوي حياة.. وكيل صحة البحيرة يدعو المواطنين للمشاركة في حملة التبرع بالدم    مصرع أب وإصابة نجله في تصادم سيارة ربع نقل مع دراجة نارية بالفيوم    محمد رمضان يحيي حفلا بالساحل الشمالي يوليو المقبل    المقاولون يكرم والد محمد صلاح    رئيس جامعة حلوان يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول العام الهجري الجديد    عقب احتفالية العام الهجري الجديد.. محافظ المنيا يشهد عقد قران عروسين    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    تعاون بين «التموين» و«القطاع الخاص» لتحديث المنافذ وتحسين سلاسل الإمداد    اعتماد الحدود الإدارية النهائية للمنيا مع المحافظات المجاورة    فحص 829 مترددا خلال قافلة طبية مجانية بقرية التحرير في المنيا    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية العام للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    أمانة العمال المركزية ب"مستقبل وطن" تختتم البرنامج التدريبي الأول حول "إدارة الحملات الانتخابية"    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    هل يُستَحبُّ شرعًا الصوم في شهر الله المحرم.. الإفتاء توضح    مقاومة النسيان بالصورة    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    مطاردة أمام كمباوند شهير بأكتوبر، مها الصغير وسائقها يحرران محضرا ضد أحمد السقا    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    انتصار السيسي تهنئ المصريين والأمة الإسلامية بمناسبة رأس السنة الهجرية    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    إخلاء محيط لجان الثانوية العامة بالطالبية من أولياء الأمور قبل بدء امتحاني الفيزياء والتاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حزب العدالة بتركيا وتحديات الانتصار
نشر في المصريون يوم 19 - 09 - 2010

كان يوم 12 سبتمبر 2010 يوماً تاريخياً فى تركيا، حيث تم الاستفتاء على تعديلات دستورية على 26 مادة فى أكبر تعديل دستورى تشهده تركيا منذ تأسيس الجمهورية.
أهمية تلك التعديلات أن الشعب التركى للمرة الأولى يقرر بنفسه بأصواته الشعبية مايريده فى دستور البلاد الذى احتكرت المؤسسة العسكرية والبرلمانية والقضائية من قبل إقرار الدساتير وأية تعديلات عليها.
والأهمية الأخرى أن تلك التعديلات بمثابة استفتاء على أداء حزب العدالة والتنمية المحافظ ذى الجذور الإسلامية الذى تقدم بتلك التعديلات، وحاول الحصول على توافق أحزاب المعارضة عليها ولم ينجح بسبب تعديلين جوهريين يطالان المؤسسة العسكرية وإمكانية محاسبة الضباط أثناء حل السلم أمام المحاكم المدنية، وكذلك إعطاء الحق للضباط الذين يفصلهم مجلس الأمن القومى فى التظلم أمام محاكم التمييز (النقض) والتعديل الثانى الأخطر هو توسيع المحكمة الدستورية ومجلس المدعين العامين وإعطاء البرلمان الحق فى تعيين عدد مناسب فى الهيئات القضائية العليا مما يغل يد المؤسسة القضائية فى حل الأحزاب السياسية وتقييد نشاطها وهو ما مارسته باستمرار ضد أحزاب عديدة فى مقدمها الأحزاب ذات التوجه الإسلامى وكادت تطيح بحزب العدالة والتنمية نفسه منذ شهور.
إذن هذه التعديلات تعيد التوازن إلى الحياة السياسية التركية وتعلى من شأن الإرادة الشعبية ممثلة فى البرلمان المنتخب فى انتخابات دورية حرة ونزيهة وشفافة .
كانت النتائج كبيرة سواء فى نسبة التصويت التى بلغت 77 % أو نسبة الموافقين التى وصلت إلى 58% .
اعتبر المراقبون جميعاً تلك النتائج استباقية لنتيجة الانتخابات القادمة فى العام المقبل على مقاعد البرلمان، وأنها انتصار مبكر لحزب العدالة والتنمية الذى يحصل بذلك على دورة ثالثة للحكم متصلة لم تحدث من قبل فى تاريخ تركيا الحديثة.
منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم فى تركيا وهو يواجه تحديات ضخمة وعسيرة استطاع بتوفيق كبير من الله تعالى، ثم بتأييد من الشعب التركى تجاوز تلك التحديات والنجاح فيها.
هذه الانتصارات مكنت الحزب من تحسين حال الاقتصاد التركى وتجاوز آثار الأزمة الاقتصادية العالمية ووصل الاقتصاد التركى إلى المرتبة ال 16 عالمياً ووصل دخل الفرد التركى إلى مستوى غير مسبوق قياساً للمنطقة التى تنتمى إليها تركيا، وقد يقفز الدخل الفردى إلى مستويات عالمية إذا التحقت تركيا بالاتحاد الأوروبى.
استطاعت حكومة حزب العدالة حل معظم مشكلاتها مع دول الجوار وتنمية العلاقات مع سوريا وأرمينيا واليونان، ولم يتبق لها إلا مشكلة جزيرة قبرص التى تعطل – مع أمور أخرى – حسم ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى.
استطاع الحزب والحكومة تخطى المؤامرات التى دبرتها مجموعات عسكرية وأخرى سياسية وقضائية وإعلامية ضد الحزب بتشويه سمعته واتهامه بتبنى أجندة سرية تريد تطبيق الشريعة الإسلامية بالبلاد وتريد إحياء ما تسميه تلك الجهات "العثمانية الجديدة" وتتهمه بالعمل على إلغاء العلمانية فى تركيا التى هى أساس قيام الجمهورية التركية الحالية على أنقاض السلطنة العثمانية ودولة الخلافة الإسلامية.
واليوم استطاع الحزب أن ينتقل بهذا الانتصار الكبير فى الاستفتاء التاريخى بمعركته مع تلك القوى من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، ومن موقع المتهم إلى موقع المسئول عن بدء مرحلة جديدة فى تاريخ تركيا الحديث.
اليوم يستطيع الشعب التركى أن يقول أنه أنهى حقبة الانقلابات العسكرية التى حاولت تعطيل مسيرة الحياة السياسية الطبيعية بعدة انقلابات عسكرية كان آخرها انقلاب "كنعان إيفرين" ، الذى فرض الدستور الحالى على البلاد، وهو ما تم تعديل بعض مواده فى الاستفتاء الأخيبر.
أهمية تلك الأحداث أن ما يحدث فى تركيا لا يقتصر عليها فقط، بل هو محط أنظار العالم الإسلامى بل والعالم كله.
وبالمقارنة نجد أن تركيا باستفتائها أعطت الشعب الحق فى تقرير مصيره بينما بلادنا العربية وفى مقدمتها مصر باستفتائها على تعديلاتها الدستورية الأخيرة فى 2007 التى حرمت الشعب المصرى من حقه الطبيعى فى تشكيل أحزابه السياسية أو التمتع بانتخابات حرة وسليمة تحت الإشراف القضائى التام الذى مثل ضمانة أساسية فى انتخابات 2005، وحقه فى المحاكمة أمام قاضيه الطبيعى بإعطاء السلطة الحق تشكيل محاكم خاصة استثنائية.
تحديات ما بعد الانتصار فى الاستفتاء الأخير بتركيا ما زالت كبيرة، وما زال أمام حزب العدالة والتنمية شوط بعيد فى العمل على إدخال تركيا مرحلة جديدة فى تاريخها الحديث.
يعلق الأتراك جميعاً آمالاً عريضة على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى ، ويعمل حزب العدالة على ذلك ووضع هذا فى مقدمة برنامجه السياسى، إلا أن الحزب بدأ سياسة أخرى بالتوسع شرقاً وجنوباً بدلاً من الاكتفاء بالنظر إلى الشمال الغربى تجاه أوروبا فقط .
وهذا تحدى كبير على الحزب والحكومة والشعب التركى حسمه، فأوروبا لا تريده والبابا يتحدث فى بريطانيا عن العودة إلى الإيمان المسيحى، وفرنسا وألمانيا يعارضان بقوة انضمام تركيا ، والجميع يريد لتركيا دوراً أقل من عضو كامل فى الاتحاد الأوروبى.
كما أن علاقة تركيا الموروثة بالكيان الصهيونى والولايات المتحدة أصابها ضرر بالغ فى السنة الأخيرة، خاصة بعد الحادث الإجرامى الذى استشهد فيها 9 من الناشطين الأتراك على سفينة مرمرة، وما زال الملف مفتوحاً وعلى الحزب والحكومة والشعب حسم تلك العلاقة الملتبسة التى تسيء إلى موقف تركيا فى العالمين العربى والإسلامى، وتشوه موقف الحزب أمام الحركات الإسلامية.
أخطر التحديات التى تواجه الحزب والحكومة هى الانقسام الذى حدث بسبب الاستفتاء الأخير، والبلاد وفق خريطة التصويت انقسمت إلى ثلاث كتل، الجنوب الشرقى ذى الغالبية الكردية قاطع الاستفتاء تقريباً استجابة لدعوة حزب السلام الديمقراطى الكردى (نسبة التصويت كانت 55 % فقط)، والغرب يواصله ومدنه الكبرى بسواحله صوت ضد الاستفتاء، وهو من مؤيدى الأحزاب العلمانية والقومية، بينما غالبية الأتراك فى الأناضول وبقية البلاد هم الذين أيدوا الحزب والتعديلات المطروحة، وهم الذين تم تهميشهم طوال الحقبة الكمالية.
هناك حاجة ماسة قومية لتدارك آثار تلك النتائج على المجتمع التركى وعلى النخبة المثقفة والاقتصادية حتى لا يتصدع المجتمع التركى وتزداد الانشقاقات داخله وتتسع الشقة بين مكوناته.
الأمور المجتمعية وخاصة الدستورية لا تحسمها فقط نتائج التصويت فى الاستفتاءات ولا الانتخابات، بل لابد من الوصول فيها إلى توافق وطنى عام يحمى البلاد من الهزات والمؤامرات والتصدعات وهذا ما يمثل تحدياً ضخماً إذا أراد الحزب صياغة دستور جديد لتركيا.
لقد نجح الحزب حتى الآن فى معظم الامتحانات التى خاضها، وهو بإذن الله تعالى قادر على الخروج من بقية التحديات، وتحقيق المزيد من الانتصارات فى المعارك القادمة وهى ليست هينة ولا سهلة.
ما يحدث فى تركيا يهمنا جداً كمنطقة وشعوب وحركات إسلامية وسياسية وحكومات عربية وإسلامية .
الدرس التركى يقول بوضوح إن إطلاق الحريات العامة وتطبيق الديمقراطية السليمة والانتخابات النزيهة كفيلة بتحقيق الإصلاحات المطلوبة بالتدرج الطبيعى وفى التوقيتات المناسبة لتحقيق أمن وسلامة ورفاهية المجتمعات الإسلامية، وإن البلاد الإسلامية والشعوب الإسلامية قادرة على التوافق مع الآليات الحديثة فى نظم الحكم الدستورية والبرلمانية التى تقوم على التعددية الحزبية وتداول السلطة عبر الانتخابات الدورية .
فهل هناك فى مصر رجلٌ رشيد ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.